السبت، 12 نوفمبر 2016

رواية الحب في زمن اﻻنترنت

تم وبحمد الله تعالى قبل قليل توقيع اتفاقية طباعة ونشر رواية الحب في زمن اﻻنترنت مع دار غاية للنشر والتوزيع وستكون بمشيئة الله تعالى متاحة في الأسواق خلال الشهرين المقبلين 

الاثنين، 23 مايو 2016

قريبا ... رواية الحب في زمن الانترنت


" ممنوع هو الاقتراب منك يا حبيبتي ... وكأن الذي بيننا مسافات أقدارٍ لا أمتار ... ولكن حبك يزداد كثافةً كلما ابتعدت ... فكل ممنوع ٍ يظل دائما هو المرغوب "

ها أنا ذا أجلس في جوف هذا الليل وحيداً ، أتوسّدُ مائدة الذكريات ، الأوراق البيضاء المتناثرة من حولي تتبعثر في كل مكان ، تنتظرني كي أنفثُ فيها روح الحروف ونبض الكلمات .

خمسة أعوام ٍ كانت قد انقضت كلمح البصر في محجر العين ، وانقطعت أخبارك عني ، ولا سبيل للتواصل أو الاطمئنان عليك ، وأعلم الآن جيداً عند هذا التوقيت بالذات ، أن الحب الإلكتروني لم يكن إلا وهماً كنّا نعيشه بين الحقيقة والخيال .

من أين أستهلُّ بالحديث عن قصتنا ؟ وهي حكاية ٌ تجاوزت فيها الخاتمة كل المقدمات ، وتلخصت حبكتها في سبع ساعات ٍ كان النهار ينشطر فيها ما بين الأردن وكندا ، وكأن خطوط الطول ودوائر العرض الوهمية على امتداد الكرة الأرضية من مشرقها وحتى مغربها ، ستظلُّ هي الحاجز الحقيقي الوحيد في مواجهة قرية العالم العنكبوتية ، والتي كذبت علينا في مواطن عديدة ، وجعلتنا نعتقدُ أن المسافات الجغرافية ووحدات القياس الفيزيائية ، قد تتلاشى بالضغط على فأرة الحاسوب أو بتحسس شاشات جهاز هاتفنا الذكي المحمول .

ولكن من الذي قال أن الحب في زمن الإنترنت يمكن له أن ينتصر أو يبقى على قيد جمرات العشق ملتهباً ، وهو يقضي ذكرياته من خلف حجاب الأجهزة الرقمية وأدواتها ، وبرامجها التكنولوجية التي مهّدت طرق التواصل الاجتماعي بين البشر مهما تباعدت بينهم المسافات على أرض الواقع ؟

إنها كالمخدر الذي يسكّنُ موضع الألم للحظات ٍ سرعان ما ينتهي أثرها بمجرد إغلاق شاشات المحادثة الافتراضية ، أو الانتهاء من كتابة الرسائل الإلكترونية .

ومع هذا أعترف اليوم أنني ومن بعد انفجار الأزمة السورية في منتصف شهر آذار من عام 2011 ، ذلك التاريخ المحفور في ذاكرتي لأسباب ٍ لا تعدُّ ولا تحصى ، ولكنَّ السبب الموجع من بينها أكثر ، ارتباطهُ بيوم رحيلكِ عني ، وهو ما جعلني أثقُ بقدرتي على شطب اسمك من أوراق ذاكرتي ، والشاهد الباقي أنني أفعلُ ذلك في كل يوم ، فما أسهلَ الإقلاع عن حبك ، وما أصعبَ محاولة نسيانك .

كيف مضت كل هذه الأيام والسنين ، وكم مزّقتُ من رزنامةِ التقاويمِ والأجندات الميلادية والهجرية ، وكم استقبلتُ مواسمَ الأعياد وفصول السنة من ربيعها وحتى خريفها ، وكنتُ شاهداً على كوارث الأمة السياسية والاقتصادية والكونية ، حتى أن التاريخ أعاد كتابة نفسه عدة مرات ، والوطن العربي عاش كذلك ربيع العمر وخريفهُ في مناسبات ٍ متتابعة ٍ من محيطه وحتى خليجه .

ولقد كنتُ في خضمّ كل هذه الأحداث ، أقتلعُ من رأسي في كل يومٍ شعرةً من بقايا الأمنيات والأحلام ، حتى وصلتُ إلى الصلع ِ المبكر من التفاؤل ِ في هذه الحياة ، وعلى الرغم من هذا كلّه ، ظلّ عبقُ حروف اسمك يحتلُّ كل ركن ٍ من أركان ذاكرتي القريبة ِ والبعيدة ، وهي تنشطرُ منذ اخترقتني أنوثتك ِ إلى تاريخ العشق من قبلك ِ ومن بعدك ِ .

كيف تتواطؤ الطبيعة معك ِ في كل مكان ٍ أذهبُ إليه ؟ كيف أجتثّ جذور ياسمينك ِ من حدائق المنازل المحيطة حولي ؟ وكيف أحطم قوارير عطرك ِ وأنا أشمّها على أجساد النساء ؟ أين المفرّ من زهرة ٍ بيضاء اسمها ياسمين ؟

مضى من الوقت ساعتين ، ولا أزالُ أبحثُ عن مقدمة ٍ استفتحُ فيها الحديث عنكِ ، أو الحديث عني ، أو الحديثَ عنك وعني ، وما الفرق ؟ فأنا من بعدكِ من أكون ؟

يا وجع الحروف حين تعانقُ الورقَ وهي تبكي عودةَ حلم ٍ ما كان في يوم ٍ ليتحققَ ويكسر قيود المستحيل ، يا خيبةَ الكلمات وهي تجتهدُ في صياغةِ حنينها المبتورِ وأشواقها المنكسرة ، لعلها تعترفُ من بعد الموت الكاذب للحب أنه لا يزالُ على قيد الحياة .

يا ست النساء ، وكما كنتُ أناديكِ بهذا الاسم دوماً ، وأقسمُ لك أنهنّ كحبّاتِ الرمال من بعدك ، أعترفُ أنني لا أزالُ أحبك بالجنون ذاته ، وأعشقكِ بالشغف ذاته ، ولا زلتُ أبكي على أطلال رسائلكِ الإلكترونية ، وقصائدكِ المنشورة على موقع الصحيفة التي كنتِ تكتبينَ في زاويتها اليومية ، لتكونَ كلماتكِ منعطفَ القدرِ الذي جمعنا على ناصية الحب في يوم ٍ من الأيام .