الأربعاء، 31 مارس 2010

اللد ... مدينة أجدادي

قبل عدة أيام توفي أكبر معمر في عائلتنا عن عمر يناهز ( 105 سنين ) تقريبا ، وقد توجهت أنا ووالدي وشقيقي لتقديم واجب العزاء لذويه حيث كان العزاء مقاما في جمعية اللد الخيرية .

وبمجرد دخولنا إلى قاعة الجمعية الرئيسة وقع نظري على صورة كبيرة كانت قد توسطت جدران القاعة وهي تشبه الصورة المرفقة في متن إدراج اليوم وهي صورة مسجد دهمش الكبير أو كما يلقبونه ( مسجد المذبحة ) وقبل أن أحدثكم عن قصة هذا المسجد سأحدثكم قليلا عن المدينة المتواجد فيها ذلك المسجد وهي مدينة اللد الفلسطينية .

اللد تعتبر من أقدم مدن فلسطين التاريخية وتقع على مسافة ( 16 كم ) جنوب شرق مدينة يافا و ( 5 كم ) شمال شرق مدينة الرملة ، وقد كانت اللد في عهد الفتوحات الاسلامية عاصمة جند فلسطين وفي عهد الدولة الأموية كانت عاصمة مؤقتة للخليفة سليمان بن عبد الملك وكذلك فقد ضمها السلطان الظاهر بيبرس لدولة المماليك بعد انتصاره على الصليبيين وبعد ذلك أصبحت اللد تحت الحكم العثماني لغاية الحرب العالمية الأولى حيث تم فرض الانتداب البريطاني عليها ، ولاحظوا معي من خلال تتبع كل تلك الفترات الزمنية أن اليهود لم يتواجدوا في هذه المدينة قط وهذه الحقيقة ليست حكرا على مدينة اللد وحدها بل هي الحقيقة التي لا تقبل الشك عند الحديث عن أي شبر من تراب فلسطين الطاهر .

في فترة الانتداب البريطاني على مدينة اللد كان والدي لايزال في فترة صباه ومن القصص الطريفة التي كان يذكرها لي دائما عن تلك الفترة أن شباب اللد كانوا يدفعون غرامة لحكومة الانتداب البريطاني في حال قيام أحدهم بلطم جندي بريطاني على وجهه ويطلقون سراحه بعدها ، وهكذا كان شباب اللد دائما يتسابقون ويتهافتون على ضرب الجنود البريطانيين كنوع من تفريغ شحنات الغضب التي كانت تلهب نفوسهم بسبب تواجد هؤلاء المحتلين على أرضهم بحجة الانتداب والوصاية .

ولكن هذا الوضع لم يدم طويلا فلقد كان هنالك من يتربص بهؤلاء الشباب وينتظر لحظة الهجوم والإعتداء عليهم وعلى آبائهم وأمهاتهم وشيوخهم وأطفالهم وهذا ما حدث فعلا في عام الحزن الأكبر ( عام 1948 ) عندما دخل اليهود الصهاينة إلى مدينة اللد بأسلحتهم وذخائرهم ومعداتهم العسكرية ليهاجموا المدنيين العزل ويهددون ويتوعدون بذبح وقتل أي شخص يرفض الرحيل عن المدينة ، وكم تسائلت وأبي يروي لي هذا المشهد الذي عاش كل تفاصيله عن طبيعة مشاعر أي شعب من شعوب البشرية يتعرض لمثل هذا الموقف الوحشي البشع فماذا تراه سيصنع ؟

حاول بعض سكان المدينة الحزينة أن يقاوم ويرفض الخروج والطرد القسري من مدينته ولكن وبكل أسف كانوا يقاومون وليس معهم سوى أيدي عارية من كل صنوف السلاح ، فكان المصير واضحا واستشهد كل من رفض الخروج ، اعتقد البعض أن اللجوء إلى المساجد والكنائس قد يوقف شلالات الدماء البشرية التي بدأت تتساقط في كل مكان ولكنهم أخطأوا في تقدير شراهة عدوهم في مشاهدة منظر الدماء ، فاقتحم الصهاينة كل من لاذ إلى مسجد دهمش الكبير وذبحوهم بدم بارد وهذه وبكل أسف حكاية الصورة التي مافارقتها عيوني أثناء جلوسي في العزاء .

يقول لي والدي أنه في ذلك اليوم المشؤوم لم يملك من أمره شيئا فخرج هو وعائلته وعائلات كثيرة من مدينة اللد حفاة الأقدام يسيرون إلى مصير مجهول ممزوجين بلوعة الألم والحسرة على فراق مدينتهم التي أصبحت في هذه الأيام جزء من دولة اسرائيل .

استمر أبي في المسير حتى عبر ضفة نهر الأردن الشرقية واستقر في المدينة التي ولدت وترعرعت فيها وماعرفت غيرها مدينة ضمت كل أيامي وسنين حياتي ( عمان ) ، أما اللد فلا أعرف عنها سوى الصور واللوحات التي أشاهدها وهامش ذكريات يحدثني بها والدي بين الفينة والأخرى .

انتهت حكاية الصورة التي روى فيها أجدادي بدمائهم الطاهرة كل بقعة في مسجد دهمش الكبير ولكن لم تنتهي الحكاية بعد مع هؤلاء الصهاينة السفاحين .

لن أنساكي أبدا يا فلسطين فعلى الرغم من أنني من أبنائك الذين لم تضميهم يوما في ربوع أحضانك الدافئة ولكنك ستظلين أمي الحبيبة التي سأحلم في كل ليلة أن أعود إلى صدرها الحنون ، مهما طال الزمن لابد أن ألقاك يا أمي يا حبيبتي.... يا أغلى من روحي... يا فلسطين .

الاثنين، 29 مارس 2010

لو كنت مسؤول ماذا كنت سأفعل ؟

تنتابني هواجس عديدة عندما أشاهد المسؤولين والمدراء ورؤساء مجالس الإدارات في مختلف القطاعات وأسأل نفسي أنني لو كنت في مكان أي منهم فماذا تراني سأفعل ؟

هل كنت سأخوض المعارك من أجل السيارات الفاخرة التي سأركبها أنا وعائلتي والقصور التي سنعيش فيها وديكورات المكتب الذي سأجلس فيه والرواتب والأجور والمكافآت والمزايا التي سأحصل عليها ؟

هل سيكون لي هم يؤرقني سوى كيفية ظهوري أمام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة المحلية منها والأجنبية ؟

هل سأفكر عند تطبيق استراتيجية ضبط النفقات أن أطبقها على راتبي أولا ؟

هل سأسمح بتعيينات للوظائف تتم على أساس الكفاءة أم أنها ستكون ضمن السياسات المتعارف عليها من المحسوبيات و ( الواسطة ) ؟

هل من الممكن أن يكون لي سكرتير وليس سكرتيرة ذات مواصفات جودة عالية من الأناقة المتمثلة في ملابس الملاهي الليلية ؟

هل سأحترم وجهات النظر المخالفة لرأيي في الاجتماعات التي سأعقدها أم أن الذي يجرؤ على مخالفة رأيي سأرسل له بطاقة دعوة مجانية إلى منزله ليرتاح فيه ؟

هل من الممكن أن أعترف أنني أخطأت في قرار اتخذته وأتراجع عنه وأتحمل مسؤولية ذلك وحدي أم أنني سأبدأ بالبحث عن كبش فداء من الموظفين ليتحمل وزر ذلك الخطأ وأنه المتسبب فيه ؟

هل سأكون متواضعا وأعلم أبنائي أن يكونوا كذلك أم أنني سأتقن سياسة الغرور والنرجسية وأوبخ أولادي إذا فشلوا في تطبيق سياسة أن يعيثوا في الأرض فسادا ؟

هل سأكترث لخدمة المواطن البسيط وتكون أبوابي مفتوحة له في كل وقت وحين ؟

هل ستكون مصلحة مجتمعي وأبنائه لها الأولوية على مصلحتي الشخصية ؟

هل من يتوجهون بالنقد والهجوم على المسؤولين في مواقع السلطة المختلفة يسألون أنفسهم تلك الأسئلة أولا ويستطيعون الإجابة عليها بموضوعية وحياد ؟

السبت، 27 مارس 2010

السادية والأغنياء

السادية هي مرض نفسي يتميز من يصاب به بسلوك وحشي وعدواني وشعور دائم بالإحتقار للآخرين ، وتتجلى السعادة في أبهى صورها للشخص السادي عند إيذائه للآخرين والتسبب بالألم لهم عن طريق استخدام كافة الوسائل المتاحة من العنف والتعذيب سواء الجسدي أو المعنوي .

المشكلة وبكل أسف أن المصابين بالسادية تعددت أنماطهم ومواقعهم في هذا المجتمع بل إن عشق السلطة وتولي المناصب الرفيعة لدى البعض جعلت منهم ساديين بكل معنى الكلمة ، فلم نعد نرى مكانا يخلو منهم سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص وكأنهم يعتقدون أن تلك المناصب ستدوم لهم أو بمعنى أصح يتناسون أن الموت سينال منهم في يوم من الأيام .

ومع هذا كله فهؤلاء الساديون الأقزام لا يشكلون قطرة في بحر الساديين العمالقة من أصحاب الثروات الفاحشة والذين يتلذذون في تعذيب الفقراء والمساكين ، فتجد من عمالقة السادية الأغنياء من يطعم كلابه وقططه وحيواناته الأليفه بمئات الدنانير شهريا وقد يرسل من يحضر الطعام لهم في منتصف الليل خوفا عليهم من الجوع ولايتذكر أبدا كم من الفقراء من أبناء وطنه ينامون وهم لايجدون رغيف خبز يأكلونه ، وتجد أيضا من عمالقة السادية من لا يتورع في تراشق آلاف الدنانير تحت أقدام الراقصات في الملاهي الليلة ويبخل عن تقديم أعطية تتكون من عشرة قروش لمحتاج مد يده أمام سيارته التي يتجاوز سعرها مئات الآلاف من الدنانير ، ومنهم من يبني القصور والفلل ( السوبر ديلوكس) وفيها من الغرف ما يفيض عن حاجة عائلته بأضعاف كثيرة ولايكترث عندما يقرأ خبرا في صحيفة محلية عن موت عائلة مكونة من ستة أشخاص بسبب اختناقهم من مدفأة غاز في بيتهم المكون من غرفة واحدة .

نتسائل عن الصراع الطبقي الذي بدأ بالظهور وعن أسباب ارتفاع معدلات الجريمة وحالات الإنتحار ، نتسائل عن مشاهدات العنف وأخبارها التي أصبحت أعمدة رئيسة في صحفنا المحلية ، نتسائل عن حالات التشاؤم التي أضحت سمة غالبة على معظم أبناء وبنات هذا المجتمع ، ألم نكتشف بعد أين هو الخلل ؟

صدقا أكتب هذا الإدراج وليس باليد حيلة وأتذكر قول أمير المؤمنين الإمام علي كرم الله وجهه عندما قال : (( الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن )) ، نعم أصبحت الغربة في الوطن شعور العاقل الذي يدري حجم المصيبة التي لحقت بهذا المجتمع ، فمشكلة مشاكل أي مجتمع وأساس هدم بنيانه وأركانه تبدأ عند مذلة أفراده في الحصول على لقمة العيش .

هؤلاء الساديون الأغنياء بفحشهم وبذخهم وترفهم يعيدوننا إلى عصور الظلام وعصور العبيد والجواري ، عصور الإقطاعيين والباشاوات والآغاوات .

أي زمن هذا ؟ وأي تقدم ورقي وحضارة نناشد ؟

أين أنت يا سيد بني أمية ؟ يا من تكدست الأموال في خزينة دولتك العظيمة بعد عجزها عن إيجاد أي فقير تنفق عليه ، يا حسرتي على أمثالك يا أمير المؤمنين يا سيدي يا عمر بن عبد العزيز ، نحن لا نحتاج إلى خبراء إقتصاديين ولا إلى مخططين في استراتيجيات ضبط النفقات بل نحتاج إلى أطباء من زمرة عمر بن عبد العزيز يستطيعون علاج الساديين الأغنياء من ذلك المرض العضال الذي يبث سمومه وشروره في وجه أبناء هذا المجتمع .

الأربعاء، 24 مارس 2010

كثرة الدق على باب قلب المرأة

(( ينفتح قلب المرأة لمن يدق عليه كثيرا )) في الواقع أقف حائرا أمام هذه المقولة للأديب والصحفي المصري أنيس منصور ، وأتسائل عن نسبة الرجال الذين وقعوا في فخ مصيدة هذه الفكرة ؟ وهل نجحوا فعلا مع كثرة الإصرار والمحاولات المتتالية على عدم المكوث طويلا على أعتاب أبواب قلوب النساء ؟

أتذكر مقولة أخرى لأنيس منصور يقول فيها : (( أن المرأة لايغيظها الرجل الذي لا يلتفت إليها قط بمقدار غيظها من رجل وقعت عيناه عليها وسارع بمباعدتهما عنها )) ، ومع تذكر هذه المقولة والتفكر بمقولته الاولى ، فماذا ستكون نظرة المرأة لرجل استمرت عيناه بمطاردتها على امتداد نظره ، هل ستفرح به وينفتح باب قلبها له ؟

أذكر في مراهقتي تهافت أولاد الحي على فتاة كانت فعلا جميلة وتشبه ( ميرفت أمين ) في أيام صباها ومع هذا فهي لم تلتفت أبدا إلى أي منهم وتعلق قلبها بأحد صبية الحي الذي كانوا يلقبونه ( بالهبيله ) لكثرة حيائه وخجله وارتباكه عند مرور أية فتاة من جانبه ليصبح بعدها (الدنجوان) الذي يغار منه الجميع ، ولازلت أذكر الفصل الأول لي في دراستي الجامعية عندما ضج الشباب في أول محاضرة لنا عند دخول تلك الفتاة البغدادية التي ( تبغددت) على كل من في القاعة ولم تقع عيناها إلا على شاب يجلس في المقعد الأمامي كان منهمكا في ترتيب دفاتره وأقلامه ويلبس نظارة ذات عدسات مقعرة وعلى مايبدو أنه كان من زمرة ( النيردات ) الذين كانت حياتهم الجامعية مكرسة للدراسة لتذهب وتجلس بجانبه وتقلبه رأسا على عقب فيتحول من ( نيرد ) إلى ( فايع ) .

أذكر صديق لي كان يعمل محاسبا في أحد المدارس الخاصة في عمان وأذكر كيف كان يحدثني عن معلمة التربية الرياضية التي هام بها عشقا وغراما وكان لا يتورع في أي مناسبة عن التعبير لها عن مشاعره ورغبته في الارتباط بها ، فما كان منها إلا أن قابلت محاولاته اللامنتهية تلك بالارتباط بزميله في قسم المحاسبة والذي لم يكن يلتفت لها أبدا كلما أتت إلى قسم المحاسبة لاستلام راتبها .

أتذكر مشاهدتي لموقف غريب وعجيب في أحد الأيام وأنا أسير في شارع ( الجاردنز ) فقد كان هنالك شاب يلاحق فتاة ويذرف الدموع ويبكي دون توقف وهو يستجدي عطفها وشفقتها بأن لا تتركه وأنه مستعد لعمل أي شيء لأجلها وأنه لا يستطيع العيش دونها وهي لاتزال تقول له : ( بابا موافق على العريس وأنا كمان خلص انتهينا ) .

هل صحيح أن مقولة : (( تزوج بمن يحبك ولاتتزوج بمن تحب )) هي الأفضل لنا كرجال طالما أننا كلما نعشق امرأة حد الجنون تبادلنا ذلك بكثرة الجفاء والصدود ؟

أم أن قلوبنا دائما تتعلق بمن يتمنع أمامها ؟

كيف سأصدق كلامك يا جون فلتشر عندما قلت (( أن لسان الحب في عينيه )) ومعظم عيون الرجال تتلعثم في إيصال رسالتها بالعشق لمعشر النساء اللواتي ينجذبن للعيون الضريرة عن مشاهدتهن .

هل المرأة تعشق فقط من لا يكترث لسحر أنوثتها ؟

أم أن الرجل لا يدرك تلك الحقيقة في أن المرأة لا تستهويها الفريسة السهلة وأن مصيدتها لا تترصد إلا بالفريسة الصعبة المنال ؟

سامحني أيها الأديب طه حسين فأنا لست مقتنعا بكلامك عندما قلت : (( أنه لا بد أن تلح في حبك حتى تظفر بمن تحب أو تفنى دونه )) فلا أذكر من مشوار حياتي كلها أنني بادرت إلى حب امرأة ونجحت في ذلك بل كانت دائما المرأة التي لم أسع وأبذل جهدا لقدومها ترمقني بنظرات القبول وتفتح أبواب قلبها على مصراعيه أمامي .

الاثنين، 22 مارس 2010

المرأة وحرية الاختيار

القصة التي تداولها العديد من الناس والتي تتحدث عن حصار أحد الممالك القديمة في أوروبا لمملكة أخرى واشتراط فك الحصار بالإجابة على تساؤل (( ماذا تريد المرأة ؟ )) مما دفع بالملك المحاصر بعد عجز حاشيته عن الإجابة على ذلك التساؤل باللجوء إلى عرافة عجوز قبيحه والتي اشترطت على الملك أن يزوجها أكثر فرسانه جمالا وشجاعة حتى تجيب على ذلك التساؤل ، وبعد قبول الفارس بذلك تخبر العرافة الملك بالجواب وهو (( أن ما تريده المرأة هو أن يترك لها حرية الاختيار)) ، وفعلا يتم فك الحصار ويأتي يوم زفاف الفارس على تلك العرافة فيفاجأ أنها تحولت إلى صبية جميلة ، فتخبره بأنها قررت أن تمنحه فرصة وعليه الاختيار في أن تكون جميلة في النهار فقط أو في الليل فقط ، مما دفع الفارس إلى التفكير ومن ثم الإجابة بأنه يمنحها اختيار الوقت الذي ترغب فيه أن تكون جميلة مما جعل العرافة في قمة سعادتها لتجيبه أنها ستبقى جميلة طوال الليل والنهار بما أنه منحها حرية الاختيار .

في الواقع هذه القصة عندما يتم ربطها بواقع المجتمعات العربية فهذا سيؤدي إلى اختلاط المفاهيم وتبعثر الأفكار هنا وهناك والمحصلة النهائية هي الفشل في مد جسور التفاهم والتواصل والحوار البناء بين الرجال والنساء .

الرجل العربي والمرأة العربية كلاهما يفتقدان إلى استقلال الذات و الذي يعتبر المتطلب الرئيس لحرية الاختيار وأقصد هنا أن كلا الطرفين في صراع مستمر ودائم مع سلطة ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده .

المرأة العربية ماذا تريد حقا ؟

هل تريد حرية اختيار مجال دراستها أو عملها ؟

هل تريد حرية اختيار شريك حياتها ؟

هل تريد حرية اختيار لباسها ؟

ولكن ما هي نسبة النساء العرب اللواتي لا يملكن حرية الاختيار في تلك الأمور التي ذكرتها ؟ هل هي فعلا لا تزال تشكل نسبة كبيرة جدا ؟

أعتقد أن هنالك ما هو أهم بكثير مما ذكرت والذي لا بد من توفيره للمرأة ؟

هي بحاجة إلى احترام عقلها وتفكيرها بشكل موضوعي وبعيدا عن أهواء معظم الرجال الذين يتملقون لها لمجرد كسب مودتها ، هي بحاجة إلى من يشعرها بأهمية وجودها في بناء المجتمع وأن دورها لا يقل أهمية أبدا عن دور الرجل بذلك ، هي بحاجة إلى من يؤمن بقدرتها على الخلق والابداع في جوانب عديدة ، هي بحاجة إلى من يعزز ثقتها بنفسها ، هي بحاجة إلى من يشاركها في تحقيق أحلامها .

ولكن في المقابل فإن الرجل العربي يعاني أيضا من المرأة العربية في جوانب عديدة ، فهو إذا خالفها في الرأي فهو مغرور ومتسلط ولايحترم النساء ، وهو في دائرة الاتهام في معظم الأحيان حول صدق نواياه مع أي امرأة فإذا ألقى رجل على امرأة السلام فهذا يذهب بها في التفكير بعيدا حول دوافع هذا الرجل وماذا يريد منها وأنه بالتأكيد يعتقد أنها سلعة رخيصة في متناول الجميع وغيرها من تلك الأفكار التي تجعل من بعض الرجال يحسب ألف حساب ويخاف من وقوع نظره ولو حتى بشكل غير مقصود على أحد النساء حتى لا تبدأ الاتهامات تحيط به وتطوقه من كل جانب .

أعتقد أننا في مجتمعاتنا العربية نعاني من قضية جوهرية في سبب هذا الخلاف الذي لا ينتهي بين الرجل والمرأة والذي هو امتداد لتخبط الذات في سجون ثقافة مجتمعية تتمثل في غياب التواضع عند التعامل بين الناس فالجميع يعتقد أنه الأفضل ولايتنازل أبدا عن تلك المعتقدات مهما حدث وهنا تكمن المشكلة في نشوء ظاهرة أعتقد أنها استفحلت كثيرا في الآونة الأخيرة بين كلا الطرفين عنوانها : (( نرجسية سقفها السماء )) .

السبت، 20 مارس 2010

من سيربح المليون

إدراج اليوم سيكون على نمط البرنامج الشهير ( من سيربح المليون ) ولكن مع بعض التعديلات البسيطة حيث سيتم طرح ست أسئلة فقط وبالتأكيد ليس هنالك جوائز مالية ولكن الجائزة التي سأحصل عليها هي معرفة آرائكم على تلك التساؤلات .

السؤال الأول :

شخص كلما تحدث معك في موضوع وبعد سماعه لما قلت يبادرك دائما عند رده باستخدام عبارة ( لأ مش هيك أو لأ إنت مش فاهم عليي ) :

1- تتجاهل تلك العبارة وتستمع لما سيقول بعدها .

2- تقاطعه بغضب وتقول له ( أنا فاهم عليك منيح ) .

3- تقطع جلسة الحديث وتنسحب منها .


السؤال الثاني :

شخص صادفته في مكان عام وتوسل إليك لتعطيه هاتفك الجوال لإجراء مكالمة ضرورية :

1- تتجاهله ولاتلتفت إليه .

2- تعتذر له مبررا أن هاتفك ليس به رصيد .

3- تعطيه الهاتف لإجراء المكالمة .


السؤال الثالث :

أقارب حضروا إلى منزلك بشكل مفاجىء وبدون اعلامك مسبقا وكان لديك موعد هام جدا لحظة حضورهم :

1- لا تفتح لهم الباب .

2- تفتح الباب وتعتذر عن استقبالهم معللا بشكل صريح أن لديك موعد هام جدا .

3- تستقبلهم ولاتذهب إلى موعدك .


السؤال الرابع :

شخص تسبب في أذيتك كثيرا في الماضي وجاء بعد فترة من الزمان نادما على فعلته يطلب السماح والعفو منك :

1- تسامحه بكل صدر رحب .

2- ترفض مسامحته .

3- تتظاهر بمسامحته ولكنك تتجنب بعد ذلك رؤيته قدر ما أمكن .


السؤال الخامس :

رجل أو امرأة أحببته أو أحببتها حد الجنون ومات أو ماتت :

1- تكمل / تكملي حياتك بشكل طبيعي ولامانع من البحث عن حب جديد .

2- ترفض/ ترفضين أي حب جديد بعدها .

3- لا مانع من الارتباط بشخص آخر ولكن دون الحب .


السؤال السادس :

رجل ماتت زوجته أو امرأة مات زوجها ولديه / لديها أربعة أولاد صغار :

1- تؤيد الزواج مرة أخرى لكلا الحالتين .

2- لا تؤيد الزواج لكلا الحالتين أبدا .

3- تؤيد زواج الرجل ولاتؤيد زواج المرأة .

4- تؤيد زواج المرأة ولاتؤيد زواج الرجل .

ملاحظة : بالتأكيد من يرغب باضافة فقرة تعليق عن سبب اختياره في كل إجابة فذلك أمر مرحب به ومن أراد الإكتفاء باختيار اجابة دون التعليق عن سبب الأختيار فله ذلك أيضا .

الأربعاء، 17 مارس 2010

المرأة والفصول الأربعة

المرأة كفصول السنة الأربعة لا تستقر على حال أبدا ، فتارة تجدها كالربيع في جماله وتارة أخرى تجدها كالصيف في دفئه وأمانه ، ثم لا تلبث أن تصبح كالخريف في أحزانه أو كالشتاء في قسوته وجفائه .

ولكن هل هذا المزاج المتقلب للمرأة يكون سببا في زيادة جاذبيتها أمام الرجل ؟

وأي الفصول منها يعشقه الرجل أكثر ؟

أليست أذواق الناس تختلف في محبتها للفصول الأربعة ؟

أعتقد أن المرأة تكتشف بدهاء أنوثتها أكثر الفصول التي يعشقها الرجل فيها فتحاول جاهدة أن لا تمنحه فرصة التنعم بذلك الفصل الذي يكون في انتظاره دائما بشوق وحرقة ولوعة ، ولكن هل هذا يجعل الرجل أكثر تلهفا على المرأة أم يجعله يبدأ بالشعور بالملل والنفور ويبدأ رحلة البحث عن أرض أخرى يجد فيها ضالته ؟

بعض النساء يصرون على ارتداء حلة فصل الشتاء ويرفضون خلعها أمام أي رجل كان ويعتقدن أنهن بذلك سيكن محط إعجاب واهتمام كثير من الرجال ومن جانب آخر تجد نساء منطويات ومنغلقات على أنفسهن لا يجرؤن على مواجهة الرجال فهن شاحبات وحزينات كفصل الخريف لا تجد فيهن سوى أوراق أشجار تصفر وتتساقط وأجواء كئيبة ومملة لا روح فيها ولا متعة .


أما المرأة الأجمل فهي كفصل الربيع تجدها في أبهى وأحلى صورة فأزهارها أينعت وأرضها تزينت بثوبها الأخضر ولكن ثمارها لم تنضج بعد ولازال في أجوائها نسمات هواء باردة ، ولذلك تكون المرأة الأكثر جاذبية للرجل هي التي تكون كفصل الصيف دافئة وناضجة وتلهب شمسها الرجل ، ولكن مع هذا كله فالرجل لايستطيع أن يعيش سنته كلها في أجواء فصل واحد فهذا يبعث لديه الملل والروتين القاتل .

في هذا المجتمع قد تلاحظ وجود الفصول الأربعة بين مجتمع النساء في أي مكان عام قد تتواجد فيه ، فهنالك نساء فصل الشتاء واللواتي يمكن ملاحظتهن بكل بساطة عند التجوال في الأماكن العامة ومشاهدة رجل وامرأه يسيران معا أو يجلسان في مقهى أو مطعم ، فالمرأة تكون في أغلب الحالات عابسة وتتحدث مع الرجل وقد ارتسمت الكشرة الأردنية الأصيلة على محياها بكل وضوح وتجد الرجل يتحايل عليها من هنا وهناك ليرى ولو حتى نصف ابتسامة من ثغرها ولكن هيهات هيهات فأي محاولة منه يقابلها منخفضات جوية وعواصف رعدية في مزيد من أمطار الكشرات .

هنالك نساء فصل الخريف وهنا تجد المرأه إذا كانت تسير مع الرجل تتأبط ذراعه وعيونها في الأرض وقد انكمشت على نفسها وخطواتها ثقيلة على الأرض كمن يحبو حبو طفل صغير والرجل يمشي بكل كبرياء وغرور وتسلط وكأنه قد حكم العالم بأسره وصدقا هذا النوع من النساء يفرط بالخجل والحياء لدرجة البلاهة وعذرا على هذه الكلمة ولكن نساء هذا الفصل هن سبب تسلط وتمادي العديد من الذكور في هذا المجتمع على الإناث وإهانتهن .

أما نساء فصل الربيع فهن الأجمل ولكنهن ليس الأنضج والأشهى للرجل والسبب في ذلك أنهن يغلب عليهن سمة روح الطفولة والبراءة في علاقتهن بالرجل وهنا تجد الرجل مرغما دائما على ملاعبتهن وملاطفتهن بروح الأبوة والحنان وهذا يؤثر سلبا على تجاهل احتياجات الرجل الطفولية أيضا والتي تدفع به للبحث عن مناطق دافئة يتوافر فيها حنان الأمومة التي لا غنى للرجل عنها .

ومن هنا فنساء فصل الصيف هن الأنضج والأكثر جاذبية للرجل ولكن من وجهة نظري فالأنثى التي تلهب الرجل كثيرا بشدة حرارتها قد تحرقه دون أن تدري وتفقده نتيجة لذلك .

أعتقد أن تنوع الفصول الأربعة في المرأة يجعل منها حلما جميلا للعديد من الرجال لا يتمنون الإستيقاظ منه أبدا والمرأة الذكية هي التي تدرك وتقدر الأوقات بشكل صحيح في فرض مناخ وأجواء جوية مختلفة للرجل مما يجعل تلك العلاقة مثيرة في كل تفاصيلها ويهزم أي ملل أو روتين محتمل أو أية محاولات من ذلك الرجل في البحث عن امرأة أخرى .

الاثنين، 15 مارس 2010

لو عاد الزمن للوراء

هل هنالك محطات ندم في حياة كل منا ؟

إدراج اليوم ينحصر في هذا التساؤل ولا أعتقد أن الجواب عليه هو وليد اللحظة التي نعيشها الآن بل هو بالتأكيد تراكم لمجموعة من الأحداث التي مرت في حياتنا .

وفي الواقع أن المقياس الذي يتم من خلاله شعورنا بالندم على قرارات أو أفعال أو اتجاهات سلكناها في حياتنا في الماضي يكون نابعا في أغلب الأحيان من تقدير النجاح أو الفشل اللذان نواجههما في ذلك الطريق ، ولكن هل هذه القاعدة هي التي يمكن القياس عليها دائما ؟

بمعنى أن الفرد إذا اتخذ قرارا بأن يمتهن حرفة أو وظيفة معينة وحقق نجاحا كاسحا في مجال تلك الحرفة أو التجارة أو الوظيفة فهل هذا يعني أنه لن يشعر بالندم أبدا وأنه لو عاد به الزمن للوراء فسيختار نفس الاختيار وأنه لن يندم على قراره إلا في حال فشله ؟

أعتقد أن مقياس النجاح أو الفشل هما الأكثر ارتباطا أو وضوحا بشعور الفرد بالندم ولكن تخبط الذات وتشتتها وعدم انسجامها في الاتجاهات والقرارات التي تسلكها هي ذلك الشعور الخفي الذي يتسلل داخل خلايا الندم ويتربص بها دون أن يشعر بها الفرد إلا بعد فوات الأوان .

بعض الأشخاص يتخذون اتجاهات سياسية معينة في حياتهم ويتمسكون بمبادئها حد التزمت ومع مرور الزمن تتوالى القرائن والأدلة التي تؤكد لهم أن اختيارهم كان خاطئا في اتباع تلك الاتجاهات التي لاتسمن ولاتغني من جوع ومع هذا يصرون على المكابرة ويرفضون الاعتراف بأنهم نادمون على اختيارهم الخاطىء وتجد أنهم على سبيل المثال يعتزلون السياسة ويرفضون تبني أية أفكار أو اتجاهات سياسية أخرى حتى لا يثبتوا لمن حولهم أنهم كانوا مخطئين في الماضي .

الموضوع له علاقة أيضا باتجاهات سلوكية معينة يصر بعض الأفراد على التمسك فيها في جميع المواقف والأحداث التي تصادفهم في أمورهم الحياتية ، فمثلا البعض يتميز بأنه عصبي المزاج ويؤذي من حوله كثيرا بسبب ذلك وهنالك من يتميز بأنه لايحسن اختيار الألفاظ والكلمات عند مخاطبته للآخرين وهنالك من ينافق ويتملق أمام الآخرين وبمجرد ذهابهم يبدأ بالتمثيل بهم واستغابتهم وينهش في لحومهم كما ذكر المدون نادر أحمد في إدراجه الأخير في أسبوعيات جبر من بطن أمه إلى القبر عندما تحدث عن النميمة والاستغابة وهم يفعلون ذلك من وجهة نظري أسوة بالمثل القائل : (( معاهم معاهم ..... عليهم عليهم )) ، وفي الواقع أن كل تلك الأنماط التي تم ذكرها هي لأشخاص لاتجدهم يتوقفون مع أنفسهم أبدا ولو للحظات ليتسلل شعور الندم إلى داخلهم على تلك السلوكيات .

حتى في العلاقات بين الرجل والمرأة سواء علاقات زوجية أو مشاريع زوجية محتملة والتي يكون مصيرها الفشل تجد أن الرجل أو المرأة يصران على المكابرة ويرفضان الاعتراف بأن خيارهما كان خاطئا منذ البداية وأنهما لم يلتفتا إلى نصائح عديدة وجهت لكليهما أنهما لايصلحان لبعضهما ومع هذا لو توجه أحد بسؤال مباشر لهما أنه لو عاد الزمن للوراء فهل كنتما سترتبطان معا بتلك العلاقة ؟ وتجد أن الإجابة في أغلب الأحيان تكون بالايجاب وليس بالنفي .

أنا لا أحاول من خلال كلامي هذا أن أدافع عن كلمة (( لو )) فهي تفتح عمل الشيطان وقد علمنا رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نستعيض عن تلك الكلمة دائما بقول (( قدر الله وما شاء فعل )) ، ولكني ما أود قوله أن شعورنا بالخطأ أو الندم على اتجاهات معينة سلكناها في حياتنا وتراجعنا عنها لاحقا ليس انتقاصا أبدا لشخصياتنا بل على العكس فإن الاستمرار في اتجاهات يتضح لنا مع الزمن أنها لا تناسبنا ولانجد فيها ذاتنا هو الخطأ بعينه ، ولذلك ومن وجهة نظري فإنني أرى أن تقييم شعورنا بالندم في الدرجة الأولى لا يتوجب قياسه من خلال منظور النجاح أو الفشل المادي الظاهر أمام العيان بل من خلال مدى انسجام شخصياتنا وتوحدها مع خياراتنا التي نتخذها في حياتنا ولكن شريطة أن لا تكون مؤذية للآخرين من حولنا .

السبت، 13 مارس 2010

الصراحة ليست دائما جميلة

(( الكلمات الصادقة ليست دائما جميلة والكلمات الجميلة ليست دائما صادقة )) استوقفتني هذه المقولة كثيرا وأنا أتذكر بعض الإتجاهات السلبية لأشخاص تطغى على سلوكياتهم الصراحة المفرطة في التعبير عما يجول في خواطرهم تجاه من يحيط بهم .

وأرجو أن لايفهم من كلامي أنها دعوة للكذب أو النفاق أو التنمق مع الآخرين بقدر ما هي دعوة للتخفيف من حدة اللهجة المستخدمة في التعبير عن آراء ووجهات نظر هؤلاء الأشخاص والتي قد تتسبب في بعض الأحيان إلى إيذاء مشاعر الآخرين وكسر خواطرهم .

فمثلا قد يكون هنالك شخص يده مبتوره يحاول أن يساعد شقيقته أو والدته في نقل حقائب سفر ثقيلة من منزلهما فيظهر الجار فجأة ويعرض خدماته في المساعدة معللا ذلك بشكل صريح ومؤلم عن عجز ذلك الشخص بنقل تلك الحقائب بيد واحده فيقول مثلا : (( يا جاري لن تستطيع حمل تلك الحقائب بيد واحده فدعني أحملها عنك )) ألم يكن أجدى به لو قال : (( يا جاري هل تسمح لي بمساعدتك في حمل تلك الحقائب )) ، فعلى الرغم من صدق نية المساعدة في كلتا الحالتين ولكن العبارات المستخدمة في طريقة المخاطبة مع الآخرين لها أثر كبير على نفسياتهم ولذلك فصراحة الجار هنا لم تكن جميلة أبدا على الرغم من أنها صادقة .

فتاة في مجال عملها لاحظت أن زميلتها في المكتب تتميز بأداء بسيط جدا و تتذمر باستمرار بسبب عدم حصولها على أية ترقيات كاللتي حصلت هي عليها فتباغتها في أحد الأيام وتقول لها : (( أداؤك ضعيف جدا في العمل فكيف ستحصلين على ترقية ؟ )) ولكن أعتقد أن تلك الصراحة جارحة ومؤذية للمشاعر وكان بامكانها أن تقول لها مثلا : (( صدقيني أنا أتمنى لك الترقية التي حصلت عليها وأنا لست أفضل منك في العمل و مدير القسم ليس متحيزا لي ولكنه أخبرني أن أي موظف سينجز المهام التي تطلب منه في وقت أقل مما هو متوقع سيحصل على ترقية )) أليس هنالك فرق كبير في كلتا الحالتين على شعور تلك الفتاة ؟

زوجة لا تتقن فن الطهي رغم محاولاتها الجاهدة في التعلم وزوجها في كل مرة يتناول الطعام من يديها يصر على مصارحتها بغضبه الشديد من ذلك ولايحاول أن يشجعها لتحسين أدائها بطريقة تساعدها على تطوير قدرتها في الطهي ، فيقول لها مثلا بعد تناوله لوجبة الغداء التي توسطها طبق رئيس من الباميه ولست أدري لماذا فكرت في الباميه علما أنني لا أحبها ، عموما تجده يقول غاضبا : (( أنت لا تجيدين طهي الطعام أبدا )) وكان من الممكن أن يقول لها كمحاولة لرفع معنوياتها وتشجيعها على أداء أفضل مستقبلا : (( لقد كان مذاق الباميه أفضل في هذه المرة من المرات السابقه ولكن ما رأيك عند زيارة والدتي أن تطلبي منها أن تتصل معكي عندما تريد عمل الباميه لتشاهدي كيف تقوم بطهيها فتستفيدي من خبرتها في ذلك )) .

صديق صادف صديقه وخطيبته في مكان عام ولاحظ ذلك الصديق أن صديقه يرتدي قميصا قد شاهد شقيقه يرتديه من قبل وهو واضح أنه ضيق عليه وبدلا من أن يصارحه بذلك بشكل منفرد دون أن تسمع خطيبته تجده يقولها بصراحة تتسبب بالاحراج وجرح مشاعر صديقه وإهانته أمام خطيبته فيقول له : (( أليس هذا القميص ياصديقي لشقيقك الصغير )) ، كم هذه الصراحة ستكون مؤذية لذلك الشخص وبخاصة أنها أمام خطيبته .

ولابد من الإشارة أن الصراحة من خلال الحديث المباشر عن عيوب موجودة في أشخاص من حولنا ليست مقبولة لدى الجميع بنفس الدرجة ، فالبعض قد يتقبلها بكل صدر رحب ولكن البعض الآخر قد لا تكون شخصيته تتقبل الصراحة المباشرة في بعض الأمور مما قد يتسبب بنشوء الحقد والبغضاء والكراهية بين الأشخاص ، ولكن هذا لا يعني أن لا نلفت انتباههم إلى تلك العيوب ولكن بطريقة مهذبة وغير مباشرة تراعي طبيعة شخصياتهم الحساسة جدا .

في النهاية أعتقد أن الصراحة هي سيف ذو حدين إذا تم استخدامها بطريقة مفرطة فبالتأكيد ستكون النتائج سلبية وسيخسر الفرد كل الأشخاص من حوله لأنه سيؤذي مشاعرهم بتلك الطريقة وكذلك فعدم استخدام الصراحة أبدا يعني الكذب والتنمق وهذه صفات أخطر بكثير من الصراحة المفرطة ، وأنا لست مع المثل الذي يقول : (( إذا بدك صاحبك أو حبيبك يدوم عاتبه كل يوم )) فالمعاتبة هي مرتبطة كثيرا بالمصارحة في توجيه النقد المستمر لأخطاء الآخرين وهذا من وجهة نظري لايتسبب في دوام المحبة أبدا بل يتسبب في الكراهية والنفور بين الناس .

الأربعاء، 10 مارس 2010

هل المرء ينجذب إلى نقيضه ؟

إن أسرار الإنجذاب بين الرجل والمرأة تكون في بعض الأحيان غير منطقية ولايمكن تتبع أسبابها مهما حاولنا في سبيل ذلك ، ولقد ذكرت في إدراج سابق أن من أهم العوامل التي تساعد على نجاح العلاقة بين الرجل والمرأة هو توفر مقومات الإنسجام والتناغم الفكري بينهما ، ولكن ماذا عن البداية ؟

أو بعبارات أخرى مايسمى بتأثير الهالة الأولى في انجذاب الرجل والمرأة لبعضهما ، وهل صحيح أن الرجل والمرأة ينجذبان للمواصفات المناقضة لهما ؟

في الواقع سأبدأ بالحديث عن المواصفات الشكلية والجسمية وبعد ذلك سأنتقل للحديث عن الصفات الداخلية وتأثيرها في استمرار وتيرة الإنجذاب أو حدوث التنافر بينهما ، علما أنني أرجح كفة المواصفات الشكلية التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تجاهل المتناقضات الأخرى في سبيل استمرارية العلاقة ونجاحها .

فمثلا نجد المرأة القصيرة نسبيا تنجذب دائما إلى الرجل الطويل والعكس صحيح ، كذلك نلاحظ أن المرأة البدينة نسبيا تنجذب إلى الرجل النحيل جدا وأيضا العكس صحيح ، وليس هذا فحسب فالمرأة الشقراء يجذبها الرجل الأسمر والعكس صحيح أيضا ، ومن هنا تبدأ المعادلة الصعبة في الإنجذاب إلى النقيض ، فهل السبب هو رغبة المرء في تعويض نقص موجود عنده من خلال رؤيته في من يحب ؟ أم أن المرء يعشق كل ماهو مختلف عنه ؟

في الواقع المشكلة بدأت هنا وذلك بسبب أن المرأة أو الرجل يبحثان دائما عن التناغم الفكري ولكنهما بذات الوقت يصران على طلبه في من يناقض شكلهم مما يتسبب في كثير من الأحيان إلى تقديم العديد من التنازلات للحفاظ فقط على التناقض الأولي في الشكل ومن هنا يبدأ التعود على الصفات المتناقضة الأخرى وقد يؤدي ذلك إلى عشقها بشكل لا شعوري .

فمثلا المرأة التي انجذبت إلى الرجل الطويل قد تجد فيه صفات أخرى مثل أنه قليل الكلام وغير متحدث في حين أنها لاتحبذ هذه الصفة ولكن مع هذا قد تستمر في المحاولة لتغيير هذه الصفة به أو قد تبدأ بالتعود عليها أو قد لاتستمر معه ولكنها بالتأكيد ستبدأ البحث من جديد عن رجل طويل آخر ولن يجذبها رجل قصير مهما كان متحدثا ومهما كانت جلسته ممتعة وجذابة ، وهذا الكلام ينطبق على الرجل أيضا وبذات الطريقة .

قد يكون الموضوع له علاقة في رغبة المرء في اكتشاف المجهول الذي يعتقد أنه موجود فقط في نقيضه وهذا الشعور يتولد لدى المرء من اعتقاده أن الشخص الذي يحمل نفس مواصفاته الشكلية هو في الأغلب مشابه له حد التطابق في الصفات الشخصية الأخرى .

أو أن المرء قد يتعلق بما هو غريب المشاهدة عنه في محيط حياته وهذا قد ينطبق بشكل كبير على قضية انجذاب المرأة السمراء للرجل الأشقر والعكس صحيح بالتأكيد ، فيعتقد كل منهما أنه يجد ضالته بذلك النقيض .

ولكن ماذا عن الصفات الداخلية المتناقضة بين الطرفين وهل تلعب دورا جوهريا في تأكيد الانجذاب كما هو الحال في الصفات الشكلية المتناقضة ؟

أعتقد أن الصفات الداخلية في بعض الأحيان قد تشكل عامل رهبة أكثر مما تشكل عامل رغبة في الإنجذاب ، فعلى سبيل المثال المرأة الرومانسية جدا تخاف من الاقتراب من رجل واقعي جدا والعكس صحيح ، وكذلك فإن الرجل الذي يفتقد لثقته بنفسه يخاف جدا من الاقتراب من المرأة القوية التي يطغى على سلوكها وشخصيتها الثقة المطلقة بالنفس والعكس صحيح بالتأكيد ، حتى قضية اختلاف الاهتمامات بينهما لها أثر سلبي من وجهة نظري في قضية الانجذاب ، فالمرأة التي تجذبها الأحاديث والقضايا السياسية لا يجذبها الرجل الذي لايهتم بهذه الجوانب والعكس صحيح .

في النهاية يبقى التساؤل مطروحا عن تلك المشاهدات من حولنا للعديد من العلاقات القائمة بين رجال ونساء تتناقض أشكالهم وشخصياتهم كذلك وعلى الرغم من هذا فهي علاقات يكتب لها الاستمرار .

الاثنين، 8 مارس 2010

خطيئة التفاحة

لم تثني تلك المائدة العملاقة التي ظهرت كطواحين الهواء التي حاربها ( الدون كيشوت ) الفارس الصغير ( عمر ) الذي لم يتجاوز السنتين من عمره ليتسلق ظهر الكرسي ويصعد إلى صحن التفاح الذي كان يقبع في وسط المائدة ليخطف منه تفاحه ، ملبيا بذلك طلب أخته وحبه الأول ( ياسمين ) .

وفي محاولاته التي كانت نتائجها مسبقة الفشل تمكنت في النهاية أصابعه الصغيرة من ملامسة طرف الصحن الزجاجي ولكنه وبكل أسف استعاض عن قوة السحب باستخدام قوة الدفع وخانه ذلك في تقدير القوة اللازمة لبلوغ مراده فهو لايعرف بعد قانون نيوتن الثالث وأسراره الفيزيائية في الحركة فلكل قوة فعل ردة فعل مساوية لها في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه ، فهوى صحن التفاح أرضا وتبعثرت أشلاء الزجاج في كل مكان لتحضر الأم المرهقة من الأعمال المنزلية طوال النهار وتوبخ الفارس الصغير الذي ترقرقت دموع الانكسار على وجنتيه الحزينتين وما أصعب دموع الفرسان النبلاء بعد الهزيمة في معركة الحياة .

ذكرتني تلك المشاهدة الحزينة بخطيئة الإنسان الأولى والتي ارتبطت أيضا بتفاحه وكان أبطالها أيضا الذكر والأنثى ، فأمنا حواء حرضت أبانا آدم على قطف التفاحة لتبدأ بعدها معاناة الجنس البشري مع حياة لا يتقنون إسدال ستائر فصولها الحزينة .

حتى أن تلك التفاحة قد ارتبطت باكتشاف قانون الجاذبية الأرضية ولكن هل هنالك ثمة علاقة ما بين قانون الجاذبية الذي اكتشفه نيوتن وكان سببه تفاحه مع قانون الجاذبية بين الرجل والمرأة والذي على مايبدو أنه قد ارتبط أيضا بتفاحه .

وكم تسائلت بعدها عن سبب بحث الأنثى دائما عمن يتمكن من قطف التفاحة لها ؟

ولماذا لا تحاول هي أن تقطف تلك التفاحة بنفسها وتطلب ذلك من الذكر دائما ؟

هل السبب هو أنانيتها وخوفها على نفسها من خوض تلك المخاطرة ؟

أم هو فقط اختبار تحاول من خلاله بدهاء اكتشاف مقدار محبة الذكر لها ؟

هل الأنثى تكره الذكر الذي لا يتقن مهارة قطف التفاح لها ؟

كم هو غريب أمر تلك التفاحة ؟ !!!

السبت، 6 مارس 2010

مدراس البنات والخطر القادم

عندما كنت في سن المراهقة وتحديدا في الصف العاشر وبمجرد بدء الحصة الأخيرة من الدوام المدرسي وحضور أستاذ التاريخ ليروي لنا قصة حملة نابليون على مصر ليثقل بذلك كاهل تفكيرنا البريء بأننا أمة قد اعتادت على الترحيب بمغتصبيها ، فعروبتنا تملي علينا إكرام الضيف وتذكرنا دائما بحقوقه علينا وواجباتنا تجاه راحته ورضاه ولذلك فإن كل من يرفض استقبال الضيوف ممن هم على شاكلة نابليون فهو خائن للعروبة وأرهابي ومتطرف .

وفي وسط نوبات تلك الأفكار التي فشلنا في إيجاد الدواء المناسب لها ، أبدأ بالنظر إلى ساعتي فأجدها وكأنها لا تتحرك وعقاربها لاتفارق خانة الثلاثين بعد الساعة الثانية عشرة ظهرا ، ولكسر جمود ذلك الوقت الذي يمشي كرجل كهل يحاول عبور شارع عريض ، أنظر من خلال نافذة الصف المثقوبة منذ زمن طويل والتي لم يكتشف بعد أن أضرارها على صحة الطلاب أخطر من الآثار التي يدعون وجودها في ثقب طبقة الأوزون ، ومع هذا لا أكترث بعواصف الهواء القادمة من تلك النافذة والتي تجعلني منكمشا في مقعدي كجنين في رحم أمه وأتابع رحلتي في السفر بعيدا عن حملات نابليون إلى أراضي مدرسة الفتاة التي عشقتها من أول نظرة وهي ترتدي ذلك الزي الأخضر الفاقع والذي كان سببا في عشقي لذلك اللون على الرغم من أني لا أحب إلا اللون الأسود .

تذكرت أنني أحمل في جيبي صورة للمغنية اللبنانية التي تفردت الساحة في ذلك الوقت ( نوال الزغبي ) فقد كانت فتاتي تشبهها كثيرا وهذا كان بشهادة جميع الشبان الذين كانت هوايتهم الذهاب إلى مدرسة سكينة بنت الحسين للبنات الحكومية في جبل الحسين ولم نكن نجرؤ على الذهاب لمدرسة راهبات الناصرة الخاصة فهنالك حراس على أبوابها وبذات الوقت طالباتها معظم أولياء أمورهن من المسؤولين وكبار الموظفين الذين قد يرسلونا وراء الشمس إذا حاولنا مجرد النظر إلى بناتهم .

وما أن يقرع جرس حصة التاريخ حتى نستعد أنا وأصدقائي للذهاب إلى مدرسة سكينة ليشاهد كل منا فتاته التي يعشقها ويمني النفس في الحديث معها ولكننا لم نكن نجرؤ على الوقوف أمام باب المدرسة بشكل مباشر وذلك لأن دوريات الأمن العام كانت تجوب المنطقة بين حين وآخر ويمسكون بكل الشباب المراهقين الموجودين عند محيط بوابة المدرسة ، ولذلك كنا نتخذ زاوية لنا بجانب مبنى البنك الاسلامي وتحرقنا الاشواق في انتظار فتياتنا اللواتي سيسلكن ذلك الطريق وهن متجهات إلى منازلهن .

وما أن تأتي اللحظة الموعودة حتى نبدأ بترتيب أنفسنا وملابسنا لنكون في أبهى صورة أمامهن وعند حضورهن تبدأ حرب ضروس في تراشق أسهم العشق والهيام من قبلنا بينما تبدأ حملة المقاومة العنيفة باستخدام دروع حديدية أقسى من دروع جيوش نابليون في رفض هؤلاء الفتيات لنا وعدم الاكتراث أو الاهتمام لأمرنا .

ومع هذا لا نفقد الأمل ونعيد الكرة في كل يوم دون استسلام والفتيات لايزلن يتمنعن حتى من الابتسام ، وفي يوم من الايام جاء أحد أصدقائنا إلى المدرسة سعيدا يمشي واثق الخطوة ملكا ، فاستغربنا لأمره وسألناه عن السبب ، فأخبرنا أنه تمكن من الحديث مع فتاته التي هي في الاساس جارته وقد أخبرته أنها ستقف كل يوم معه لمدة عشرة دقائق في نهاية الدوام المدرسي في أحد الشوارع الفرعية ، نحن لم نصدقه طبعا واتهمناه بالكذب ، فرد التهمة عن نفسه وأجاب أنه سيثبت لنا عن صدق كلامه اليوم ، وفعلا حصل ماقاله تماما وتحدث مع الفتاة ونحن بدأنا نتحسر على حظنا العاثر .

قررت أن أطلب مساعدة صديقي ليسأل فتاته عن اسم الفتاة التي أعشقها وفعلا لبى صديقي النداء وعرفت اسمها أخيرا ، ولكني بدأت أفكر في الخطوة التالية عن الكيفية التي سأعبر لها عن محبتي ، وورد في خاطري فكرة الذهاب إلى المدرسة ليلا ورسم قلب يزينه اسمي واسمها رافضا بذلك فكرة رسم نصف قلب فقط كما قالت نوال الزغبي ورافضا فكرة رسمه على ورقة كما فعلت والاستعاضة عن ذلك بكراسة حائط المدرسة ولكني تراجعت عن هذه الفكرة سريعا ولمت نفسي كثيرا فكيف أفضح تلك الفتاة أمام زميلاتها ؟

تذكرت وأنا أكتب هذه الفقرة ماقرأته في أحد الصحف اليوم عن العبارات المسيئة والمكتوبة على جدران مدارس وكالة الغوث في منطقة الوحدات والتي تضطر الفتيات هناك لمشاهدتها في كل يوم في الصباح والمساء ، فتسائلت هل تغير الزمن لهذا الحد ؟ أنا تورعت عن كتابة كلمة محبة فكيف بمن لم يتورع عن كتابة ألفاظ نابية أمام الفتيات ؟

كم كانت تلك المقارنة سخيفة بين زمانين لايفصل بينهما أكثر من خمسة عشر عاما ، فقد وصل الأمر في تلك المدارس إلى خوف الفتيات من الذهاب إلى دورة المياه لأن الشبان في تلك المنطقة يقتحمون المدرسة في أثناء الدوام ، فإلى أي زمن وصلنا ونحن كنا نخاف الاقتراب من محيط بوابة المدرسة في زماننا ؟

أنا في ذلك الزمان قررت العزوف عن الذهاب لمشاهدة تلك الفتاة التي عشقتها بعد أن حاولت الحديث معها وقالت لي : ( هل ترضى لأختك أن يلاحقها شاب بهذه الطريقة ؟ ) ، فكيف بهؤلاء الشبان الذين أصبحوا يمارسون كل تلك الاعتداءات على مدارس البنات ويغفلون أن أخواتهم لو تعرضوا إلى مثل هذه المواقف فماذا كانوا سيفعلون ؟

الحالة النفسية لدى العديد من الفتيات قد تأثرت بسبب هذه الأحداث وأصبحن لايرغبن بالذهاب إلى المدرسة خوفا من الاعتداءات والمضايقات والتحرشات التي قد يتعرضن لها ، ولذلك أعتقد أن من سلم أولويات الأمن في البيئة المدرسية هو حماية الفتيات من كل من تسول له نفسه بمضايقتهن وهن في طريقهن إلى مدارسهن وهذا من وجهة نظري أهم بكثير من موضوع موضة العنف المدرسي الذي طغى على ساحة إعلامنا في هذه الأيام .

لابد من زيادة عدد حراس البوابات لمدارس البنات الحكومية وفي مختلف المناطق وبذات الوقت لا بد من إعادة تشييد الأسوار ورفعها بحيث لايتمكن أي عابث من محاولة الاقتحام لها وإذا كان خبر الصحيفة يتحدث عن مدارس وكالة الغوث فهذا لا يعني أبدا أن المدارس الحكومية في معزل عن ذلك الخطر وهذا ماحدث بالفعل في محافظة العقبة قبل فترة ولا أعتقد أن تلك التكاليف ستزيد من أعباء الموازنة المثقلة بالديون أساسا ، فوزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة هما وزارتان يتوجب استثنائهما من كل الحسابات ومن كل خطط ضبط النفقات فهما أساس وعماد بنيان هذا المجتمع وكم كنت أتمنى أن لا أرى ولا أسمع عن حملات التسول التي حدثت هذا الاسبوع لشراء مدافىء لمدارس الحكومة ، فأين خطط التطوير والتنمية التي ينادى إليها في قطاع التعليم وهي لا توفر أساسا الجو والبيئة الملائمة والمريحة للطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات وهنا حدث ولاحرج عن الأوضاع المادية السيئة للمعلمين من تدني رواتبهم وأجورهم واضطرارهم للعمل في أكثر من وظيفة لتأمين متطلبات العيش ؟

ماهو السبب الذي دفع بالطالب دويكات لدخول غرفة المعلمين للحصول على شربة ماء ودفع عينه ثمنا لها إلا بسبب مشكلة شح مياه الشرب في المدارس ، أعتقد أن المتطلبات الاساسية التي لابد من توفرها في البيئة المدرسية يجب أن يكون لها الاولوية الاولى قبل الانطلاق إلى مشاريع أخرى تنادي إليها وزارة التربية والتعليم وتطلق الوعود بانجازها .

متى سيقتنع الجميع أن أساس النهضة والتقدم يبدأ من تلك الوزارة وليس من سواها ؟

الأربعاء، 3 مارس 2010

في ذكرى مولد الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم

سأبدا حديثي بهذه الأبيات من الشعر والتي قيلت في مدح الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :

بأبي وأمي أنت يا خير الورى وصلاة ربي والسلام معطرا

لك يارسول الله صدق محبة وبفيضها شهد اللسان وعبّرا

لك يا رسول الله صدق محبة فاقت محبة من على وجه الثرا

لك يارسول الله صدق محبة لا تنتهي أبدا ولن تتغيرا

إدراج اليوم هو الأحب إلى قلبي وهو أكثر إدراج سأعتز به في مدونتي ، فموضوعه يتحدث عن سيد الخلائق والبشر، عن أعظم رجل في التاريخ والذي ما أتى ولن يأتي إنسان مثله أبدا .

لن يكفي الحديث مهما كتب من إدراجات عن تلك الشخصية الرائعة والمتفوقة في كل نواحي الحياة الإنسانية ، كم نرى في هذه الأيام من أبناء هذه الأمة من يتخذون لأنفسهم شخصيات يعتبرونها المثل الأعلى لهم سواء في النواحي الدينية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية ، وبكل أسف غفلوا عن أهم وأعظم وأشرف قدوة .

ألم تدرك هذه الأمة أن سبب جهلها وتأخرها بين شعوب العالم هو تركها لأعظم وأشرف العلوم وعدم قدرتها على اختيار درب النهضة الصحيح ، نعم أصبح القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مجرد كتب مهجورة لا يقرؤها إلا من رحم ربي ، وحتى من يقرأ فهل فعلا يطبق ما يقرؤه في واقع حياته ؟

استطاع الغرب وإعلامه المسموم والملوث في هذه الأيام أن يزرع في عقول الناس أن المسلمين يشكلون خطرا على الإنسانية وأنهم يقتلون بدم بارد ولايتورعون عن قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين الذين ليس لهم أي ذنب .

وكم كثر في هذه الأيام الحديث عن حقوق الإنسان والحريات الشخصية وتوجيه الاتهامات الباطلة للاسلام أنه ضد هذه المبادىء ، حتى أن بعض صحفنا الرسمية لم يتورع فيها بعض الكتاب عن الحديث عن الأذى السمعي الذي يلحق بهم بسبب رفع الآذان ، فهل نلوم سويسرا على فعلتها أم نلوم أبناء هذه الأمة ؟

في الواقع أنا لا أريد الحديث عن تفاصيل واقعنا المرير مع العالم في هذه الأيام وإلى أين وصلنا وماهي المذلة والمهانة التي لحقت بدولة عظيمة وصلت حدودها في غابر الأيام إلى روما غربا وإلى الصين شرقا ، أنا أعتقد ولازلت مقتنعا بفكرة أن إعادة النهضة لهذه الأمة لا بد في البداية أن تنطلق من التربية الصحيحة للإنسان في مجتمعه وليس هنالك من قدوة لمكارم الأخلاق في كل جوانب ونواحي الحياة كرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .

لذلك سأركز في هذا الإدراج على الجانب الخلقي في حياته صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه رب العالمين في محكم تنزيله (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، مشكلة مجتمعاتنا الأساسية في هذه الأيام أنها تفتقد للأخلاق في كافة أمور حياتها ولذلك لا نستطيع الحديث عن إصلاح سياسي أو إقتصادي أو اجتماعي أو أي مجال آخر قبل إصلاح الأخلاق الفاسدة التي طغت على هذه الأمة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنه وضع معالم واضحة لهذه الأمة في كل جوانب الحياة ، فقد كان النبي والقائد العسكري ورجل الاعمال والاقتصاد والاب الحنون والزوج المثالي والمفكر والمصلح والواعظ والمرشد وأي دور في حياة الانسان نجد أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو أفضل قدوة في جميع تلك الأدوار دون منازع ، ولكنه وضح أن للأخلاق مكانة أخرى في رسالته وهذا ما أكد عليه صلى الله عليه وسلم في قوله : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) .

جانب الاخلاق في حياته عليه الصلاة والسلام هي أهم الجوانب في انتزاع محبة قلوب الناس دون منازع فقد لقب في قومه قبل بعثته بالصادق الأمين ، ولنتوقف قليلا عند هاتين الصفتين ونتسائل عن مدى التزامنا بهما ؟

سأنتقل إلى صفة أخرى في أخلاقه عليه الصلاة والسلام ألا وهي التواضع فما من رجل غريب دخل عليه وهو جالس مع أصحابه إلا تسائل قائلا ( أين محمد ؟ ) وهذا طبعا لأنه لم يكن يتميز عند الجلوس مع أصحابه عنهم بلباس أو متاع ولا بأي مظهر من المظاهر التي نشاهدها تحيط بالقيادات والزعماء في هذه الأيام ، ومن جانب آخر كان عليه الصلاة والسلام يجلس مع الفقراء والمساكين ويأكل ويشرب معهم ولا يتكبر أبدا على صغير ولاكبير .

ومن تلك الصفات الرائعة أيضا حلمه وسعة صدره عليه الصلاة والسلام ومن أجمل الأمثلة على ذلك عندما قال لقومه الذين طردوه من بلده ولم يتورعوا أبدا عن أذيته بشتى الوسائل والأساليب ومع هذا كله عفى عنهم يوم فتح مكة قائلا : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ).

حسن الجوار والعشرة مع جيرانه حتى مع الجيران الذين كانوا يتعمدون أذيته وهذا يتضح جليا في قصة الجار اليهودي الذي كان يضع القمامة دائما أمام منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أحد الأيام عندما خرج الرسول من منزله ولم يجد شيئا أمام داره افتقد اليهودي وسأل عنه ليجد أنه مريض فقام الرسول عليه الصلاة والسلام بزيارته والاطمئنان على صحته ، ما أروعك ياسيدي يارسول الله .

كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل مجلسا يجلس من حيث انتهى به المجلس أما في أيامنا هذه فمن يذهب إلى صلاة الجمعة سيجد بعض الاشخاص يأتون متأخرين إلى الصلاة ويبدأون بتخطي رقاب الناس للوصول إلى الصفوف الاولى لأن مكانتهم لا تسمح لهم بالجلوس بالخلف وراء الناس والمشكلة أن هذه التصرفات تأتي من أشخاص من المفروض أنهم قدوة لغيرهم من المصلين .

كان صلى الله عليه وسلم لايطعن في كلام الآخرين بقصد التحقير والاهانة ولاظهار التفوق عليهم وكان لايقطع على أحد أبدا كلامه حتى يفرغ منه ولايتكلم إلا إذا أنصت الحضور له ، أما في هذه الأيام فليس هنالك معنى للحوار والجدال أو الحديث مع بعض الاشخاص المتمردين على مبادىء الحوار لأنه وبالتأكيد ستكون النتيجة الحتمية هي المشاجرات الكلامية أو الجسدية .

كان صلى الله عليه وسلم أفضل من احترم المرأة وصان كرامتها ومن يقرأ في سيرته سيجد كم كان زوجا رائعا ، فقد كان ودودا وحنونا وحسن العشرة ولين الجانب وكان يساعد زوجاته في بعض الأعمال المنزلية وكان يهتم بنظافته وحسن مظهره أمام أهل بيته وكان الاب والجد الحنون في أحلى وأجمل صور المحبة مع بناته ومع أحفاده الحسن والحسين رضوان الله تعالى عنهم ، ومن يحاول بث الأفكار المسمومة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان رجلا مزواجا فهذه الدعوة الباطلة مردها وبكل بساطة أنه تزوج في ريعان شبابه امرأة أكبر منه بحوالي خمسة عشر عاما ولم يتزوج سواها طيلة حياتها في زواج استمر حوالي ستة وعشرين عاما ، وماكانت زيجاته بعد ذلك عندما بلغ الخمسين من عمره إلا لأسباب وحالات وأحكام ودروس في ديننا الاسلامي وليس بهدف الشهوة وحب النساء فرسول الله كان أزهد الناس في متاع الدنيا ومن أراد التشكيك بذلك فليسأل نفسه عن الاموال والثروات والكنوز التي تركها الرسول عليه الصلاة والسلام عندما انتقل إلى الرفيق الاعلى فهل كان يملك ما امتلكه معظم الزعماء والقادة الراحلين؟ تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها واصفة بيت الرسول عليه الصلاة والسلام يوم وفاته : (( توفي رسول الله ومافي بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي )) .

ما أثير من جدل طويل في الفترة الأخيرة حول رسوم الكاريكاتير المسيئة ليس الرد عليها برفع الشعارات وتزيينها على السيارات وعلى الجدران ( إلا رسول الله ) ، فالتعبير عن محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكون في اتباع سنته وجعله قدوتنا في كل أمور حياتنا ، ولابد من التذكر دائما أن اتباع سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام هي الطريق لمحبة الله عز وجل لنا ، فقد قال رب العزة في كتابه الكريم : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )) .

وسأختم هذا الادراج الذي فعلا لا أتمنى أن أنهي كتابته أبدا ببعض الاقوال التي قيلت من علماء ومستشرقين ومفكرين وأدباء في الغرب في حق رسولنا عليه الصلاة والسلام وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن التقدم والنهضة والازدهار هي حقوق حصرية لدينا ولكن نحن نهملها في اللحاق بسراب وأوهام لشخصيات زائفة لا تملك ذرة معرفة من معارف تقدم ورقي الانسان الذي علمنا أياه رسولنا عليه الصلاة والسلام .

يقول عالم اللاهوت السويسري د. هانز كونج : (( محمد نبي حقيقي بمعنى الكلمة ولايمكننا بعد إنكار أن محمدا هو المرشد القائد على طريق النجاة )) .

ويقول المفكر الفرنسي لامارتين : (( بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية أود أن أتسائل إذا كان هنالك من هو أعظم من محمد ، هو الفيلسوف والخطيب والنبي والمشرع وقاهر الأهواء ومؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقه وهو مؤسس لعشرين امبراطورية في الارض وامبراطورية روحانية واحدة ، فعلا كان أعظم حدث في حياتي أنني درست حياة محمد دراسة واعية وأدركت مافيها من عظمة وخلود )) .

أما الفيلسوف كارل ماركس مؤسس الشيوعية العلمية فقد قال : (( جدير بكل ذي عقل أن يعترف بنبوته وأنه رسول من السماء إلى الأرض ، فهذا النبي افتتح برسالته عصرا للعلم والنور والمعرفة ، حري أن تدون أقواله وأفعاله بطريقة علمية خاصة ، وبما أن هذه التعاليم التي قام بها هي وحي فقد كان عليه أن يمحو ما كان متراكما من الرسالات السابقة من التبديل والتحوير )) .

جواهرلال نهرو أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها قال : (( فاقت أخلاق نبي الاسلام كل الحدود ونحن نعتبره قدوة لكل مصلح يود أن يسير بالعالم إلى سلام حقيقي )) .

واشنطن ايرفنج المستشرق الامريكي قال : (( وحتى في أوج مجده حافظ محمد على بساطته وتواضعه ، فكان يكره إذا دخل حجرة على جماعة أن يقوموا له أو يبالغوا في الترحيب به )) .

أما عملاق الأدب الروسي ليو تولستوي فقد قال : (( محمد خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم وإن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة ، أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه وليكون هو أيضا آخر الأنبياء )) .

الكاتب المسرحي الانجليزي جورج برناردشو قال : (( إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو التعصب رسموا لدين محمد صورة قاتمة ، كانوا يعتبرونه عدوا للمسيحية ، لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة وتوصلت إلى أنه لم يكن عدوا للمسيحية بل يجب أن يسمى منقذ البشرية وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها )) .

وأخيرا فقد قال كذلك عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين : (( أعتقد أن محمدا استطاع بعقلية واعية مدركة لما يقوم به اليهود أن يحقق هدفه في إبعادهم عن النيل المباشر من الاسلام الذي ما زال حتى الآن هو القوة التي خلقت ليحل بها السلام )) .

يا ربي صلي وسلم وبارك على معلمنا وقدوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ولاتحرمنا شفاعته يوم العرض عليك يا أرحم الراحمين ، اللهم آمين .

الاثنين، 1 مارس 2010

النوم في العسل

تذكرت وأنا في صدد كتابة هذا الإدراج أحد أفلام عادل إمام وهو (( النوم في العسل )) والذي تدور أحداثه حول قصة وباء انتشر في كافة أرجاء القاهرة حول عجز جنسي أصاب كافة الذكور مما أدى إلى توتر العلاقات بشكل كبير بين الرجال والنساء و حدوث حالات الانتحار و الجنون و القتل ، وأعتقد أن الكاتب وحيد حامد حاول من خلال قصة هذا الفيلم التأكيد على عجز أصاب المجتمع بحد ذاته ولكنه تستر على تلك الفكرة من خلال القضية الجنسية ، وعلى الرغم من مرور سنوات عديدة على هذا الفيلم ولكن أجد أن أحداثه بدأت تسيطر على مجتمعنا كثيرا في الوقت الحاضر .

فالعجز الجنسي في أغلب الأحيان سببه الاضطرابات النفسية الناجمة عن هموم ومشاكل الحياة التي يواجهها الفرد مما تجعله عاجزا تماما عن ممارسة فطرته التي خلق عليها وحاله بذلك كحال فقدانه لشهية تناول الطعام أو فقدان القدرة على النوم أو أي خلل قد يصيب جانب من الجوانب الغريزية الأساسية عند الإنسان .

ولكن ما هي الأسباب التي بدأت تتغلغل في جذور مجتمعنا لتجعله مصابا بوباء العجز ؟

الجو العام في مجتمعنا في هذه الأيام مشحون كثيرا ويبعث على تزايد أسباب الاضطرابات النفسية ، ففي كل يوم نسمع عن العديد من صور العنف المختلفة سواء من مشاجرات جماعية أو حالات القتل التي أعتقد أن معدلاتها بازدياد وكذلك هنالك قضايا الانتحار وانتشارها بهذا الشكل غير المسبوق في بلدنا ، وبالتأكيد فإن الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها معظم أفراد المجتمع في هذه الأيام له علاقة كبيرة بما يحصل ، وعند تذكري لأحداث ذلك الفيلم الذي يلعب فيه عادل إمام دور ضابط في المباحث أو الأمن ، يلتصق بذاكرتي تلك الصور التي رصدها من الشارع المصري عندما طلب منه رئيسه بالعمل اجراء التحريات اللازمة عن وضع الناس ، فعندما ذهب للمساجد والكنائس لسماع خطب رجال الدين وكيفية محاولتهم في التخفيف من حدة وطأة ما أصاب الناس من ذلك العجز اللعين ، تذكرت خطبة صلاة الجمعة في الاسابيع الاخيرة وتركيز الخطيب بشكل رئيس على تناول موضوع الرزق كمحاولة للتخفيف من وطأة الاحباط الذي بدأ الناس يعيشونه في الآونة الأخيرة بسبب أوضاعهم الإقتصادية الصعبة ، وكذلك عند مشاهدته لمجموعة أخرى من الأفراد الذين توجهوا للمشعوذين والدجالين طلبا في الشفاء ، تذكرت الهالة الاعلامية الضخمة جدا والتي كانت مصاحبة لنهاية العام المنصرم حول عالم الأبراج وتوقعات وتنبؤات حركة الكواكب والنجوم حيث أصبح هؤلاء الدجالون شخصيات بارزة ومهمة ومشهورة على مستوى الوطن العربي ككل وهذا إنما يدل على أن العديد من الأفراد وصلوا لمرحلة من العجز جعلتهم يتعلقون بأي شيء مهما كان العقل يرفضه .

كذلك لا بد من الاشارة إلى الانقسامات في الصالونات السياسية وعلى الرغم من أنني لست ضليعا بالسياسة ولكن الذي يحصل لا يحتاج إلى خبير سياسي ليقوم بتحليل أبعاده ، فالقضية لم تعد أحزاب وحرية رأي وتعبير أو قضية تنمية سياسية تهدف لخدمة الوطن الصغير والوطن العربي الكبير ، بل أصبحت ساحة لمعارك الاطراف المتنازعة في المجادلات والنقاشات العقيمة والحروب الموجهه في الطريق الخطأ حول أفضلية الوصاية في منصب القيادة وبعد تحقق هذا الهدف في القيادة تنتهي الأهداف ، أما الشعب ومصلحة الشعب فهي ليست ضمن جدول اهتمامات من يسمون أنفسهم بالنخب السياسية إلا من رحم ربي .

بكل أسف بدأنا نفتقد للشعور بالامان في مجتمعنا من المخاطر التي تحيط بنا في الداخل قبل الخارج ، فكل يغني على ليلاه من الجماعات والمذاهب المختلفة أما المواطن البسيط الذي يريد أن يعيش حياة كريمة دون أن يتعرض له أحد بالأذى فماذا عليه أن يفعل ؟

والغريب بالموضوع أن العديد من الاشخاص الذين أصابهم العجز والشلل الكامل لا يستسلمون أبدا بل يفرغون حقدهم وكراهيتهم في أبناء مجتمعهم سواء من خلال بث أفكار العنصرية والطائفية والاقليمية المسمومة وأرجو أن نتوقف عن إلصاق هذه الأمور بالموساد الاسرائيلي لأن ترويج هذه الأفكار ونشرها تتم من خلال أفراد في المجتمع وينساق العديد من الأشخاص ورائها وهنا أتوقف وأقول لماذا يتم الانسياق وراء هؤلاء الدعاة ؟ هذه الحمية حمية الجاهلية لمن ندخرها وعلى ماذا نفاخر ؟ هل نفاخر على مذلتنا بين الشعوب بعد أن كنا أفضل الشعوب ؟

القضية الأخرى في السياق ذاته أن بعض الجماعات بدأت تجاهر أمام وسائل الإعلام بأن لها الفضل الأول في نشوء وصمود مقاومة الشعب الفلسطيني في معاناته ، ولكن أستغرب من هؤلاء عن أية مفاخر يتحدثون بالتحديد ؟ هل قاموا بتحرير الأقصى الأسير أم استطاعوا رد الحرم الابراهيمي الذي أصبح من الآثار الاسرائيلية ؟

الإحباط والعجز دب في أوصال المجتمع من كل جوانبه وحتى تراجع مستوى العلاقات الاجتماعية في محيط الأسرة وتدني الروابط العائلية وهشاشتها هي نتيجة حتمية لتسارع الأحداث من حولنا في كل الجوانب بحيث أصبحت المشاكل التي قد تواجه الفرد في أبسط أمور حياته ليست ببعيدة أبدا .

نحن ببساطة لسنا بحاجة لمقويات حبوب العجز بل نحن بحاجة إلى ثورة على الانسان الذي يقطن بداخلنا وحثه على العمل الجاد في طريق إصلاح الإنسان الذي فقد قدرته على حب الحياة .