الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

في محاربة العنف الأسري

بدأنا نقرأ في الصحف المحلية الاردنية عن سقوط ضحايا من الاطفال بسبب العنف الأسري ، ومع أن عدد الضحايا لايزال يشكل حالات فردية محدودة ولكني لن أناقش في هذا المقال أرقام احصائية لعدد الحالات الرسمية المسجلة لحوادث العنف الأسري في الاردن أو تخمين لعدد الحالات المسكوت عنها ، أو أن أنتظر انتشار هذه الظاهرة للكتابة حول هذا الموضوع والسبب أن مثل هذه المواضيع خطير جدا ولايحتمل الانتظار والوقوف مكتوفي الايدي أمامه .

أتمنى أن يدرك جميع أفراد المجتمع أن الوقاية خير من العلاج وليس من الحكمة أن ننتظر المرض ليستفحل في كافة أعضاء الجسد لنبدأ بعد ذلك بالبحث عن الدواء .

لذلك ومن وجهة نظري فهنالك مسؤولية كبيرة أمام الاعلام الاردني في نشر الوعي حول خطورة العنف الاسري وكيفية الحيلولة من انتشاره وتزايده في المستقبل .

سأطرح الموضوع في مقالتي هذه من خلال أفكار حول العلاقات الاسرية الناجحة والتي إذا توفرت أعتقد أن ذلك البناء سيبقى قويا منيعا لاتهزه شدائد ولامصاعب ولاهموم الحياة وبالـتأكيد لن نجد ذلك العنف الاسري الذي نخشى تفاقمه في بيوتنا ، ومن هذه الأفكار مايلي :

- القدرة على بث روح المودة والحب في داخل الاسرة وأرى أن الدور الرئيس في ذلك يقع على عاتق الام بحكم تركيبتها العاطفية التي خلقت عليها وبالتالي فظهورها أمام أولادها دائما بمظهر هادىء وتعاملها معهم برقة وحنان يبعث في نفوس الاولاد الراحة والطمأنينة والسكينة مما يدفع الاب عند مشاهدته لتلك الصورة المثالية لزوجته في طريقة تعاملها مع أولادها التأثر بها ومحاولة منافستها في اجتذاب محبة أولاده إليه أيضا .

- التوجيه الصحيح لمهارات وابداعات الاولاد وهنا تكون مسؤولية مشتركة بين كلا الوالدين فبعض الاباء والامهات يعتقدون أن تحصيل الدرجات العلمية في الشهادات المدرسية أو الجامعية هي معيار النجاح الوحيد لمستقبل أولادهم وبالتالي وعند تقصير الاولاد في دراستهم ولو بنسبة ضئيلة نجد أساليب العنف والوعيد والتهديد من قبل الاهل لهؤلاء الاولاد ولايدركون أن أولادهم قد تكون لديهم مهارات وابداعات أخرى مثل الموسيقى أو الرياضه أو الرسم أو الكتابه ولديهم ميول فطرية بممارستها ولذلك لابد من اتباع أسلوب متوازن في السماح لهؤلاء الاولاد بممارسة هواياتهم ومهاراتهم الاخرى بل يتوجب تشجيعهم على ذلك.

- القدوة الحسنة وأقصد هنا أن الاولاد الذين يعيشون في أجواء أسرية مشحونة دائما بالعصبية والخلافات بين الاب والام عندما يكبرون ستجدهم يتقمصون شخصيات أهاليهم وبالتالي استمرار ظهور أجيال لاتدرك أهمية توفير جو الهدوء والسكينة في المنزل .

- عزل مشاكل وهموم الحياة أو توتر العلاقة بين الاب والام عن سلوكياتهم أمام أولادهم وهنا أنادي كل الاباء والامهات بالابتعاد عن تفريغ شحنات غضبهم في أولادهم الصغار .

- عدم التفريق في المعاملة بين الذكور والاناث من الابناء ولابد أن يكون الاهتمام من كلا الوالدين متوازنا بين ابنائهم من كلا الجنسين .

- وأخيرا فإن أهم أساس من وجهة نظري هو أن يتحلى الاباء والامهات بروح التضحية والايثار لأنها أساس التربية الاجتماعية الناجحة ولذلك أناشد أخواني وأخواتي من الاباء والامهات على رفع شعار محبة أولادكم أولا قبل محبة أنفسكم ولاتكونوا كا يقول الشاعر الكبير نزار قباني (جربت ألف محبة ومحبة فوجدت أفضلها محبة ذاتي) .

الاثنين، 28 ديسمبر 2009

ظاهرة التحرش مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة

في الآونة الاخيرة أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي ومضايقات ومعاكسات الذكور للإناث منتشرة بشكل كبير في الاردن وبخاصة في العاصمة عمان .

قبل البدء بالحديث عن وجهة نظري حول هذا الموضوع ومشاكله التي أصبحت فعلا تشكل آفه اجتماعية يتوجب القضاء عليها ومحاربتها ، أود أن أعرض بعض الحالات من أشكال التحرش التي بدأت أرصدها وأشاهدها في كل يوم في العديد من الاماكن في عمان :

- عند الذهاب إلى المولات التجارية وبخاصة في أيام الخميس والجمعة التي تمتاز بازدحام واكتظاظ كبير من جموع الوافدين إليها ، تحدث ظواهر وطقوس غريبة جدا من بعض الشباب بحيث أنهم يترقبون ويرصدون أي مكان يكون فيه اختناق مروري بين المشاه في أحد زواريب المول لينقضوا كما ينقض الاسد على فريسته محاولين الالتصاق بأجساد الفتيات وقد لايخلو الامر في كثير من الحالات من استخدام الايدي للمس أجساد تلك الفتيات ولكن طبعا بطريقة احترافية لاتثير الشك بحيث أنهم يتظاهرون بالبراءة وأن ماحدث ليس إلا حادث عرضي غير مقصود وليس بنية سيئة خبيثة .

- ما أزال أود الحديث عن المولات ولكن من زاوية أخرى حيث لاحظت أيضا انتشار ظاهرة التحرش ولكن ليس التحرش الجسدي بل التحرش بالنظرات التي تحمل في طياتها رغبات جنسية متوحشة وقد شاهدت هذا النوع يتم ممارسته من قبل بعض الموظفين في محلات المول المختلفة حيث يقفون على أبواب محلاتهم ولاتنجو أي فتاة سواء كانت محتشمه أو غير محتشمه من تلك النظرات القاتلة وقد لايخلو الامر من المعاكسات الكلامية في كثير من الاحيان وحجتهم طبعا أنهم يحاولون جذب انتباه الفتيات والنساء للشراء ولكني أشك في صدق نواياهم تلك .

- أنتقل للحديث عن ركوب المرأة في سيارات الاجرة (التاكسي أو السرفيس) ولن أخوض في عرض صور مما قد يحدث في باصات النقل العام لإن مايحدث فيها يشبه بدرجة كبيرة ما ذكرت حدوثه بالمول مع فارق الابداع والاحتراف الذي يكون موجودا لدى كنترول الباص طبعا في أساليب التحرش ، ولنبدأ بالحديث عن السرفيس وهنا للحديث شجون فالفتيات والنساء يحاولن جهدهن في الجلوس في الامام إلى جانب السائق كي يتجنبن ماقد يحدث معهن في المقاعد الخلفية من أنماط ذكورية تفتقد لكل معاني الرجولة والمروءة والنخوة من خلال الممارسات التي يمارسوها في محاولة التحرش بتلك الفتيات سواء من خلال بسط أرجلهم بطريقة مبالغ فيها لايكون الهدف منها سوى ملامسة أرجل الفتيات اللواتي يجلسن بجانبهن وفي بعض الاحيان تجدهم يمدون أيديهم من وراء رقبة الفتاة بحجة التمسك بالمقعد الخلفي وطبعا عند أول مطب أو دعسة فرامل فجائية من قبل السائق تصبح الفتاة غنيمة سهلة أمام تحرشاتهم الرخيصة ، والغريب أيضا أن الفتيات والنساء يحاولن جهدهن في الجلوس إلى جانب السائق ومع هذا لايخلو الامر من تحرشات بعض السائقين بهن بمختلف الوسائل والاساليب ، أما التاكسي فله قصة مختلفة والسبب أن بعض سائقي التاكسي من خلال المواقف المختلفة التي يتعرض لها تصبح لديه قناعة أنه فارس الاحلام المنتظر لكل فتاة تركب معه وأنها بمجرد ركوبها قد دخلت كتب التاريخ لأنها ستقابل أمير العشق والغرام والذي بمجرد أن يرمقها بنظرة واحدة من المرآه ستكون أسيرة حبه وهواه .

- أما في نطاق العمل فالقصص عديدة ولاحصر لها ولكن ربما أبرز صورها هي في قسم السكرتاريا وما تتعرض له الفتيات والنساء من ممارسات من قبل مدراءهم سواء من خلال الحديث معهم بأحاديث تحمل في طياتها العديد من الايحاءات الجنسية أو من خلال التدخل بطريقة زينتهن ولباسهن ولايخلو الامر من محاولة التحرش الجسدي عندما تكون السكرتيرة في غرفة المدير والباب مغلق عليهما .

- في الجامعات ذلك المنبر والصرح الذي يتوجب فيه غرس مفاهيم التربية والاخلاق قبل التعليم نجد البعض من أساتذة تلك الجامعات الذين نفترض أنهم القدوة الحسنة وأن بناتنا امانة في أعناقهم لايترددون في التفنن في التلاعب بالعلامات بدون أي ضمير إذا لم تلبي الفتيات رغباتهم المريضة في ممارسة الاطراء والتغزل وبعض حركات التغنج واللبس الفاضح حتى يحصلوا على ضمانة النجاح عند هؤلاء الاساتذة .

- فتيات أو نساء يقفن على الرصيف بعد خروجهن من عملهن أو جامعتهن أو حتى بعد الانتهاء من التسوق يلاحظ مواكب السيارات التي تبدأ بالدوران حول تلك الفتيات ومعاكستهن ومنهم من يتبع أسلوب الشهامه فيفتح باب نافذة السيارة ويعرض على تلك الفتاة توصيلة بحجة خوفه على بقاءها تنتظر في الشارع مدة طويلة وبخاصة في أيام الشتاء هذه حيث برودة الطقس والامطار في أغلب الاحيان ، وسؤالي لهؤلاء الشباب هل قامت الفتيات برفع أيديهن لكم لتعرضوا عليهم خدماتكم الجليلة ؟

الحديث يطول حول عرض صور التحرش المختلفة التي توجد في بلدنا ولكن سأطرح التساؤلات التالية حول هذا الموضوع :

هل ظاهرة التحرش بصورها التي عرضت بعضا منها موجودة في باقي البلدان العربية بنفس الوتيرة والحده ؟

هل صور التحرش التي ذكرت موجودة في أمريكا وأوروبا ودول العالم المتقدمة علينا بملايين السنين الضوئية ؟

هل الفتاة هي التي تضع نفسها في مواقف تتسبب في تعرضها للتحرش ؟

ماذا يكون موقف الذكر المتحرش لو انقلب السحر على الساحر وتعرضت أخته أو أمه للتحرش ؟

وأخيرا من المسؤول عن التحرش الرجل أم المرأة ؟

موضوع التحرش هو ظاهرة منتشرة في مجتمعنا ولاأدري لماذا يحاول البعض إنكار وجودها أو التذرع بأن حالات حدوثها هي محدودة جدا ولاتشكل حد الظاهرة ، وإني أرى من وجهة نظري المتواضعة أنه لابد من البحث في أسباب انتشار هذه الظاهرة لكي نتمكن من ايجاد الحلول المناسبة للتخفيف من حدتها وانتشارها ، ومن أهم تلك الاسباب :

- أن حاجات الانسان الجنسية هي من الاحتياجات الاساسية التي تضمن استقرار حياته واستمرارها بشكل طبيعي ومتوازن فهي لاتقل أهمية عن حاجات الانسان الاساسية الاخرى كالغذاء والماء والهواء والنوم، ولكن هذا الموضوع والاعتراف بأهميته هي من الخطوط الحمراء التي لايجوز في مجتمعنا الحديث عنها فليس هنالك اهتمام ومراعاة في تحليل أسباب وصول العديد من الشباب في هذا المجتمع إلى مرحلة الحرمان الجنسي وماله من آثار نفسية سلبية عليهم .

فكيف يتوقع من هؤلاء الشباب المساهمة في بناء مجتمعهم وهم غير قادرين على اشباع حاجاتهم الاساسية ؟

أنا لا أدعو إلى الرذيلة ولكن لماذا أصبحت فكرة الاقدام على الزواج لدى العديد من الشباب من الكوابيس المرعبة ؟

من وجهة نظري فإن الجواب عند أهل الفتيات بل عند الفتيات أنفسهن .

- ثقافة منتشرة بين العديد من ذكور هذا المجتمع أن أي فتاه أو امرأه يصادفها في الاماكن العامة أو في نطاق العمل وحتى في الجامعات بصرف النظر عن جمالهن أو احتشامهن فهنالك مسؤولية وواجب كبير يقع على عاتق اولئك الذكور في محاولة إرضاء غرور وأنوثة تلك الفتاة من خلال نظرات الهيام أو تعليقات الاعجاب وغيرها .

- النظرات والحركات المفتعلة التي تمارسها بعض الفتيات الذين يعانون من مشاكل نفسية تتمثل في ضعف الثقة بالنفس وعقد نقص كثيرة فتكون سهام نظراتهم موجهه في كل مكان لجذب انتباه أكبر قدر ممكن من الشباب إليهن .

- عروض الازياء التي تمارسها العديد من الفتيات والنساء في الاماكن العامة بحجة الموضة والحرية الشخصية وأقول لهؤلاء النساء أن الحرية الشخصية لاتتحقق إلا باحترام حريات وحقوق الاخرين .

- غياب الحكمة عند بعض النساء وذلك من خلال وضع انفسهن في مواقف تتسبب بالتحرش فليس هنالك ضرورة أن تتواجد النساء في أماكن الازدحام الشديدة إلا إذا كان هنالك ضرورة قصوى لذلك .

- عدم وجود دور فاعل لمختلف المؤسسات التربوية في ترسيخ مفاهيم حرمة ايذاء الاخرين والتربية على قتل حب الذات والانانية لدى أفراد المجتمع ، وأرى أن المؤسسة التربوية الاهم هي الاسرة .

إن معالجة مثل هذه الظواهر هي مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأه معا ولابد لكل فرد منا ذكرا كان أم أنثى بتربية النفس على احترام الاخرين ليتحقق الاحترام المتبادل وبهذا يستقيم المجتمع .

السبت، 26 ديسمبر 2009

صك البراءة على عفة وطهارة المرأة

مديرية الطب الشرعي في الأردن تعلن أنه يتم سنويا إجراء فحص غشاء البكارة للنساء بمعدل 1200 حالة وأن هذا الفحص في أغلب تلك الحالات يتم بطلب من الأهل (الزوج ، الأب ، الأخ ، ولي الأمر) وليس بطلب من محكمة أو جهة رسمية .

هل أصبح غشاء البكارة من الفحوصات الواجب عملها قبل الزواج ؟

هل أصبح جسد المرأة في مجتمعاتنا رخيصا لهذا الحد ؟

من المسؤول عن هذه الأفكار الموجودة في عقول مظلمة من ذكور مجتمعاتنا ؟

هل هؤلاء الذكور الذين يفعلون ذلك بحجة الاطمئنان على شرفهم وعرضهم يحركون ساكنا حول مجازر قتل واغتصاب آلاف من الفتيات والنساء من بنات أمتنا العربية والاسلامية في مختلف بقاع الارض ؟

هل الفتيات اللواتي يذهبن للفحص يدركون درجة الاهانة التي يرتكبونها بحق أنفسهن أم أن جميعهن يذهبن لذلك الفحص اللعين مرغمين عليه ؟

هل يتوقع نجاح علاقة زوجية بدأت أساسا على مبدأ الريبة والشك عند الطلب باجراء مثل هذا الفحص؟

هل سلامة غشاء البكارة هو القرينة الوحيدة والدليل القاطع على عفة المرأة وطهارتها وحتى عذريتها؟

هل موقف هؤلاء الذكور في إصرارهم على إجراء فحص البكارة قبل الزواج بالمرأة الشرقية هو نفس الموقف في حال إقدامهم على الزواج من امرأة غربية ؟

لنفترض بعض الافتراضات التالية :

ماذا لو حدث أخطاء طبية في تشخيص سلامة الغشاء ؟ ماذا يكون مصير تلك الفتاة ؟

ماذا سيحدث لو اكتشف الزوج الذي أصر على زوجته إجراء فحص غشاء البكاره قبل اتمام الزواج أنها قد قامت بإجراء عملية ترقيع لذلك الغشاء وأنها لم تكن عذراء ؟

إن الخلل الموجود في مجتمعاتنا الشرقية أن غشاء البكارة مرتبط بشكل مباشر بشرف وعفة المرأة وعذريتها وبالتالي فإن معظم الرجال يرفضون الزواج بأية فتاة لم يسبق لها الزواج (البكر) إذا لم تكن عذراء ومفهوم العذرية لديهم مرتبط بسلامة غشاء البكارة فقط ، ولكن أقول لهؤلاء الرجال اتقوا الله في نسائكم وأعراضكم، كفوا عن ربط عفة الفتاة بتلك القطعة من الجلد الرقيق .

إن اختيار المرأة الصالحة للزواج يعتمد على التحري عن اخلاقها وحسن سيرتها ومنبتها الطيب وكذلك فإن عفة المرأة في شخصيتها وارادتها وسلوكها وليس غشاء البكارة الذي يعتبر صك البراءة الوحيد على عفة وطهارة المرأة .

الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

هل نحتاج إلى وزارة حب ؟

عقب تشكيل الحكومة الاردنية الجديدة برئاسة سمير الرفاعي وتوزيع الحقائب الوزارية بين وزراء جدد وسابقين وحاليين كالمعتاد ، لفت انتباهي الكاتب الاردني المبدع نادر الرنتيسي في مقالته الاسبوعية التي أنا حريص على متابعتها أن هناك وزارة مايزال مكانها شاغرا وحقيبتها الجلدية ممتلئة بالرسائل غير المستوفية لتقاليد البريد البطيء ألا وهي وزارة الحب .

وتابع نادر مقالته بقوله أن من مهام هذه الوزارة :

- أن تخلع عن 100 ألف فتاة لقب عانس وتعين 100 ألف شاب على الوقوف أمامهن بهيئة عشاق وأزواج محتملين.

- وزارة تزجي الوقت على الواقفين في طابور شديد الملل في انتظار استرداد جزء من أمل خضع لجنون الارقام في البورصة ، وزيرها لامكتب له يمشي في الشوارع يحاذر وقوع عجل سيارته (ناقصة الاوصاف) في حفرة مقيمة في شارع طارىء .

- اقناع السائقين أن ثمة حياة للناس من حقهم أن يعيشوها وألا يتركوا بقيتها على الاسفلت دماء مهدورة ولاضير أن تقوم الوزارة بشرح غير مجازي للمشاة بقصد نزار قباني البريء أن (الحب لايقف عند الضوء الاحمر) .

- جهود مضنية في اقناع الشباب العاطل عن العمل بأن الاحلام ممكنة التحقق .

- أن يبتسم موظفو تلك الوزارة في كل مكان ويتمنون السلامة للمريض نيابة عن الطبيب العابس ويفكون لمراجع ضريبة الدخل الزر العلوي من قميص ثمين يشي بتعلق طويل الامد بقرض خبيث .

- زراعة الورود الحمراء في سوق الخضار المركزي على أنها فاكهة موسمية .

- وأخيرا مهمة محددة لاتتشابه مع كل الوزارات الاخرى ألا وهي أن تقنع الناس بمزاولة الحياة .

بعد قرائتي لتلك المقالة الرائعة في ليلة هطلت فيها أمطار الخير بغزارة لتحمل معها بشرى لأجمل وأحلى الأماني في غد أفضل فوجدت قلمي يردد هذه السطور :

كم جميل أن نرى في قلوبنا ابتسامة..... وما أروع الامل في نهاية الحزن والكآبه.....

لا أدري إلى متى ستبقى أرواحنا كنباتات تتساقط أوراقها في كل يوم ولاتجد من يرويها بالدفء والحنان......

هل أبواب الحب لاتزال تسمح بالدخول؟

بل هل هناك من قلوب تنبض ليعيش الحب؟

لقد قتل الحب وسالت دمائه على شوارع اليأس من انتظار الامل في غد أفضل.....

كم من وعود وعهود ومواثيق يعاد صياغة نصوصها في كل يوم ألف مرة من العاشقين ليتحقق حلم طال انتظاره ....

كم من اللقاءات الحاسمة التي لا تؤجل في تحديد وجهة العاشقين في الرحيل بعيدا عن بعضهما ......

كم من صباح ستنتظر أمانينا إشراق الشمس في الشتاء.....

وكم ستنتظر الصحاري في قلوبنا غيث السماء.....

هل ستتوقف أيامنا عن عزف مقطوعات سوداوية الايحاء ؟

أتمنى أن يلتزم كل فرد بتعليمات وقوانين وزارة الحب فنصوصها لاتحتاج إلى تعاميم وافصاحات بل تحتاج إلى اسقاط أقنعة الوجوه وتطهير شرايين القلوب من الأنانية وحب الذات ....

وبهذا لن يحتاج أي فرد للبحث عن الحب لأنه سيجد كل الناس من حوله قد أحبوه .

الأحد، 20 ديسمبر 2009

دورة حياة الزواج الفاشل

قرأت خبرا في أحد الصحف المحلية الاردنية أن عدد حالات الطلاق في الاردن سنويا تقارب 13 ألف حالة من بين 65 ألف عقد زواج وأن مانسبته 79% من هذه الحالات يتم فيها الطلاق قبل الدخول يعني خلال فترة الخطوبة .

على مايبدو أن هناك فعلا أزمة قد تفاقمت بشكل كبير في مجتمعنا ألا وهي الزواج الفاشل ، ولكن جذور هذه المشكلة من وجهة نظري المتواضعة ليست وليد لحظة في حياة الرجل أو المرأة بل هي امتداد لكافة مراحل حياتهما.

ففي مرحلة الصبا والمراهقة وهي أخطر منعطف يمر به الشباب تجد غياب دور الآباء والامهات في مساعدة أبنائهم وبناتهم على التحرر من سلطتهما والشعور بالاستقلالية والاعتماد على النفس وبناء المسؤولية الاجتماعية فنجد معظم الآباء والامهات في مجتمعنايحاولون تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم وبالتالي يبتعد الابناء عن الحوار مع أهلهم لاعتقادهم أنهم لايهمهم معرفة مشكلاتهم أو أنهم لايستطيعون فهمها أو حلها، لذلك تجد أن قرارات مصيرية في حياة هؤلاء الابناء لا تبنى أساسا على القناعة وإنما سلطة الاهل هي التي تلعب الدور الاساسي في اتخاذ تلك القرارات المصيرية .

وبعد ذلك تبدأ فترة الخطوبة وعلى مايبدو أن أسباب ارتفاع نسبة فسخ عقود الزواج في هذه المرحلة وقبل الدخول هي امتداد لجذور المشكلة التي تم الاشارة اليها في المرحلة السابقة ، فبدلا من أن يقضي الشاب والفتاة هذه الفترة في التعارف على بعضهما يبدأ التنافس بين الاهل في استعراض مظاهر البذخ الكاذب في اختيار المجوهرات والملابس وقاعة العرس وأثاث المنزل وما إلى ذلك من مظاهر ليس لها أي اعتبار في نجاح العلاقة الزوجية واستمرارها فيما بعد، وفي أغلب الاحيان تحدث المشاكل بين أهل الشاب والفتاة في هذه المرحلة على تلك الامور التافهه مما قد يؤدي إلى الانفصال المبكر وقبل الدخول .

أما إذا تم الزواج فما هي أسباب طلاق المتزوجين ؟ ببساطة ماذا نعول على نجاح علاقة زوجية بدأت أساسا على شعار هو(عدم التوافق بين الزوجين) وأقصد هنا غياب التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام الروحي والعاطفي ، كذلك فإن بعض الازواج ليس لديه القدرة في معرفة رغبات الاخر ومشاعره أو تنقصه الخبرة في التعامل مع الاخرين وهذا بالطبع يقودإلى جذور المشكلة التي تفاقمت في مرحلة الصبا حيث الظروف التي تكونت فيها شخصية الازواج وتسببت في قلة الخبرة لديهم في تفهم الطرف الاخر وحاجاته وأساليبه لأنهم لم يجدوا من يعلمهم ذلك من الاهل في صباهم وكما يقولون (فاقد الشيء لايعطيه) وبالطبع لن أنسى أن أذكر أن استمرار دور الاهل الذي لايتنهي مع أبنائهم سواء من أهل الزوج أو الزوجة يلعب دورا جوهريا في الطلاق .

وبرأيي أن الجنس ليس مفتاح كثير من المشكلات في قضايا الطلاق والزواج ومايتبع ذلك من قضايا الخيانه والعجز والبرود ، لأن المشكلة لاتتعدى ما ذكرت حول بناء شخصية الفردمنذ مرحلة المراهقة ، فلو أدرك كل زوج وزوجة احتياجات كل طرف بشكل صحيح فلن نجد ذلك البرود الجنسي لأن الاصل في العلاقة الزوجية الناجحة هو تفهم احتياجات الطرف الاخر والسعي لتحقيقها وليس تفهم احتياجات الذات ومطالبة الطرف الاخر بتلبيتها .

الخميس، 17 ديسمبر 2009

تساؤلات في علاقة الأخ بأخته

يقول الشاعر الكبير نزار قباني في رثاء شقيقته التي قتلت نفسها لأنها لم تستطع أن تتزوج من تحب (( كانت اختي كالشمس ما إن أشرقت حتى صارت الكواكب من حولها تدور ....صوت أختي في بيتنا مازال يتردد بكل الزوايا ووجها الناعم الجميل يبادل التحية كل صباح وجه المرايا)) ..... تساؤلات كثيرة تدور في ذهني في هذه اللحظة ...

كم من أخ يعامل أخته بكل محبة ومودة ورحمة ؟

كم من أخ يخاف على جرح مشاعر أخته ولو حتى بكلمة ؟

كم من اخ يدرك أن الاخت هي بطبيعتها مخلوق رقيق حساس تحمل مشاعر كبيرة في قلبها وتحتاج لمن يشاركها تلك المشاعر بل تحتاج إلى من يقف إلى جانبها فيشعرها بالامان ويحميها ويدافع عنها ؟

كم من أخت ستفرح إذا عرفت أن أخاها يعتني بها ويهتم لأمرها ؟

كم من أخت ستفرح إذا وجدت أخاها ينصت إليها ويشاركها مشاكلها وهمومها؟

أليست هذه الاخت كأي انسان من الممكن أن تخطىء وتحتاج إلى من يرشدها إلى طريق الصواب ؟

نعم من يرشدها وليس من يقمعها أو يطغى عليها ....

لماذا لاتثق الاخوات بإخوانهن ؟ لانها علاقة قائمة على أساس الخوف والرهبة والحساسية ...

هذا نداء للآباء والامهات أولا : لاتفرقوا في المعاملة بين أولادكم وبناتكم وأنصتوا لهم وتفهموا مشاكلهم وتعاملوا معهم كأصدقاء ولاتفرضوا على بناتكم آراءكم بحجة واهية تدعى (عيب إنت بنت) ...

أما أنتم أيها الاخوة الذكور فالحنان هو مفتاح قلوب أخواتكم واكتساب ثقتهن ، ابتعدوا عن حب الذات والانانية وتمنوا سعادة أخواتكم قبل سعادتكم ...

من منكم حين يرى أخته مهمومة يسألها عن سبب همها ويجلس ليخفف عنها بكل ود وحنان ؟

من منكم يهتز حين يرى دمعة أخته ولايسخر منها ؟

من منكم يعيش يومه وهو يفكر بهموم أخته التي تؤرقها ولايرتاح إلا إذا أزاح الهم عنها ؟

من منكم الذي يخصص من وقته اليومي الثمين الذي يقضيه مع أصدقائه نصف ساعة فقط لاخته يرافقها ويلاطفها ويقضي حاجاتها ويسألها عن أحوالها ومشاكلها فتشعر حينها بالامان والاستقرار والسعادة ؟

من منكم يردد على مسامع أخته أنه دائما يفاخر بها أمام الناس ؟

من منكم عود لسانه أن ينادي أخته بأحسن الصفات والاسماء؟

من منكم يسهر على راحة أخته في مرضها ؟

تأكدوا تماما أن الاحسان جزاؤه الاحسان ، فعلاقة الاحسان مع الاخت هي سبب في التوفيق في الحياة والاساءة لها هي سبب الشقاء طول العمر .