الخميس، 8 أغسطس 2013

كل يوم وأنتم بخير

لا تدري كيف تنتقي حروف معايدتك ، ففي كل عام تغمرك نفحات التفاؤل ، وتجفف دموع العين كذبا وتدعي أن القادم لعله يكون أجمل ، ولكن الأحداث تجري سراعا في عالمك العربي بزخم غير مسبوق ، منذ ذلك اليوم الذي أحرق فيه " البوعزيزي " نفسه .
أرجوك لا تعتقد أنك في خضم الحديث عن مقارنات " ما قبل وما بعد " فليس ما كان بخير من الذي حضر ، إلا أن العديد من المشاهدات باتت تؤلمك وتؤلم كل من ألقى قلبه في مواجهة مباشرة مع ما تشاهد وتسمع في كل يوم ، بل في كل ساعة وبضع من دقائق . 
لن تختص بالحديث عن بلد بعينه ، بل على مداد السطور الآتية ستروي كيف استحال الإنسان العربي إلى آلة تدار ببطارية القمع وإقصاء الطرف الآخر ، وليس هذا فحسب ، بل لعلك تتجنب الإسهاب في تفاقم مشكلة الأخلاق واستفحالها إلى كارثة تكاد تودي بشعبك إلى غياهب التهلكة والإنقراض . 
ولست هنا كي تلعب دور مصلح إجتماعي وتقترح حلولا مثالية للمشكلات ، ولكن قد تحاول التأمل برهة بوقتك الثمين الضائع في حوادث سير قاتلة ومشاجرات جماعية بالجملة و مشاكل عائلية لا تعد ولا تحصى ، منها أسباب نفسية وأكثرها تعود في الأساس لقلة الحيلة وضنك العيش . 
أطفال تتسول في كل مكان ، في الشوارع وخلف أعمدة الشاخصات المرورية ، وأطفال يتامى بسبب حروب بين الإخوة الإعداء ، وأطفال تنتهك براءتهم بمظاهرات واعتصامات لتأييد أنظمة قمعية أو الصراخ في وجه أحزاب وتيارات سياسية أو دينية ، وأطفال تقف خلف أهلها تحت مظلات أسواق الباعة المتجولين ، لتكمل سيرتهم الأولى في البؤس والشقاء . 
وكل هذا ولا تزال تشكو جرحا انت حتما صاحبه ، فأنت عدو الجهل والتطرف والمغالاة والعنصرية والفقر والتخلف ومن يقبضون الدين من أطرافه ويستمسكون بقشوره دون لبابه ، وتستغرب كيف استحال الحقد والغل بين أبناء جلدتك حتى أصبح الكلام ذنبا يستدعي حمية الجاهلية في نفوسهم .
ربما يجدر بك أن تمحص في دواخل نفسك وتستجدي منها المحبة والمودة ، وعندها قد تكتمل الدائرة بينك وبين الناس ولا تخشى أن تبادلهم تهنئة على مدار العام ، وليس بالخوف من غد قريب يستدعي أن تقول لهم بحذر وجزع " كل يوم وأنتم بخير " . 

الجمعة، 2 أغسطس 2013

عفوا ... إحراج

كان في نيتي الإستعانة بمخزون لغوي من الضمائر المستترة والأفعال المبنية للمجهول ، كي لا أجد من كان يستجدي من كلامي فخرا واعتزازا في الأمس القريب ، قد استحال اليوم منها في حرج وضيق ، فهل حروفي عورة لا بد من سترها عند أداء فروض النفاق في محراب العاشقين .

سألت نفسي كثيرا وبالغت في الخوف من عذاب الضمير ، وكنت أملي عن ظهر قلب جداول الأعداد قبل النطق وعند الكلام ، لعلي رجوت بذلك الوسطية وتجنب التطرف والمغالاة عند الحديث مع امرأة هي عندي كل النساء .

لست اليوم نادما على ما مضى من ذكريات ، فالأمس كاليوم بل هو بعينه الغد وبعد غد ، وكأنها دورة حياة لكائن ليس بالضرورة على قيد الحياة ، ولهذا لا بد الآن أن تتحرر الحروف من زيف المجاملات ، كي أروي دون خجل قصتي معك ، فهل أنت في هذه اللحظة تنصتين ؟ 

أنت سيدة فاضلة وأنا رجل عابث ، أبحث عن ذاتي في امرأة لا تدعي الحب وتعجز عن مواجهته إذا أزفت فيه لحظة اللقاء ، ولكن انت كغيرك من نساء الشرق ، تنتظرين العطاء ولا تملكين منه هبة أو فضل ، تراقبين عيون الناس إن كانت تتلصص على من يسكن في ذلك القلب المرصود بالعزة وشموخ الكبرياء ، فتكونين كملكة لا يهز عرشها رجل تكاشفينه بالاستسلام له بالعشق .

في جوف هذا الليل ، قررت وأنا في كامل قواي العاطفية ، أن أشطب كل أحساس كنت أشاطرك به في كلمة أو قول ، وسوف أطوي هذه الصفحة وربما أمزقها في قيود الذكرى وسطور الحلم ، ولن أجعل في كلامي أدوات للمخاطبة أو النداء أو الرجاء ، فأنا منذ اليوم ، حر وحر وحر ....