السبت، 27 فبراير 2010

ابن البلد أولى ببنت بلده

طالعت تقريرا على الشبكة العنكبوتية يشير إلى أن أعداد حالات الزواج خلال الأعوام ( 2004-2008 ) قد ارتفعت من ( 57312 حالة ) إلى ( 67455 حالة ) أي بارتفاع بلغ ( 10143 حالة ) وأن ما نسبته ( 88%) من حالات الزواج تلك كانت لإناث لم يبلغن بعد الثلاثين من عمرهن .

ولغاية مطالعتي لتلك الأرقام وجدت أنها تبعث على التفاؤل في أن حالات الزواج بمجتمعنا بازدياد ولكن ما لبثت أن تراجعت عن موقفي بعدما قرأت أن ما نسبته (4%) من حالات الزواج التي تمت مع نهاية عام 2008 كانت من أزواج غير أردنيين .

أرجو أن لايفهم من كلامي أنني ضد قضية تغريب الزواج أو أنني أعتقد أن ابن البلد له مزايا وصفات ليس لها مثيل في أي جنسية أخرى ، ولكن المشكلة تكمن بشكل رئيس في حال إقامة تلك الزوجة في الأردن وما ينشأ بسبب ذلك من مشاكل مرتبطة بالقوانين والتشريعات الموجودة في الدولة والتي تتعامل مع أولاد تلك المرأة الأردنية على أنهم أجانب فيفقدون بذلك حقوقهم في التأمين الصحي والتعليم وغيرها من مشاكل الإقامة وذلك لأنهم يتبعون جنسية آباءهم وليس أمهاتهم .

وأتحدث هنا عن تلك المشاكل في حال أن الأولاد لا يزالون يعيشون في كنف آباءهم ولكن ماذا ستكون العواقب في حال حدوث الطلاق ؟


وأي مصير سيكون لهؤلاء الأولاد الذين هم أساسا لا يملكون حقوق المواطنة الكاملة ؟

أنا بصراحة ضد زواج بنت البلد من الغريب بصرف النظر عن الأسباب التي قد تدفع لذلك الزواج في حال أن مكان إقامة تلك الزوجة سيكون في الأردن وليس في بلد الزوج التي يحمل جنسيتها والسبب هو الظلم الذي سيلحق بالأولاد مستقبلا من جراء عدم قدرتهم على التمتع بحقوق المواطنة كغيرهم .

لا بد من تحكيم العقل والتمتع ببعد النظر في مثل هذه الحالات قبل الموافقة على الزواج سواء من الأهل أو من الفتاة و بالتأكيد فإن نسبة الشباب غير المتزوجين من أبناء البلد هي نسبة مرتفعة ومتناسبة إلى حد كبير مع نسبة الفتيات غير المتزوجات في المجتمع ، ولذلك لماذا اللجوء إلى الارتباط بالغريب إذا كانت تلك الفتاة ستستمر إقامتها في الأردن ولن تسافر مع ذلك الزوج إلى بلده ؟

نسبة حالات الزواج تلك لا تزال ضئيلة ومحدودة نوعا ما ، ولكن لا بد من التحذير أن قضية الارتباط بالجنسيات الأخرى له أبعاد عديدة ، وكم هي حالات الزواج التي انتهت بالطلاق بسبب استغلال هؤلاء الازواج لمكانة آباء زوجاتهم لتنفيذ مصالح معينة وما أن تنتهي حتى ينتهي معها العمر الافتراضي لذلك الزواج ، ولذلك فالحرص والحذر أيتها الفتيات من الوقوع في مصيدة ذلك الزواج .

الأربعاء، 24 فبراير 2010

غباء طبيب والضحية زوجة مخلصة

كانت مثالا للزوجة الصالحة وكم من الصعب أن تجد امرأة تجمع بين أروع أربع صفات يتمنى كل رجل أن يجدها في شريكة حياته . فلقد كانت له كالأم في حنانها وكالعشيقة في أنوثتها وسحرها ، وكانت الصديقة الوفية في حفظ أسراره وستر عيوبه وكانت الخادمة التي لا تتذمر أبدا من الاعتناء بشؤونه المنزليه .

كان الجميع يحسدونه عليها ويتمنون لو أن لهم قليلا من الحظ الذي يملك ، ولكنه كان دائم الحيرة أمام تلك المرأة التي كانت تجمع أربعة نساء في جسد واحد .

وكما هي عادتها دائما عند وداعه في الصباح وهو في طريقه إلى العمل ، تغمره بأجمل وأحلى معاني الحب والعشق وتتشدد في وصاياها له وخوفها عليه من أن يصيبه مكروه وهو يكون دائم التذمر من ذلك الخوف غير المبرر من وجهة نظره معللا ذلك بأنه ليس طفلا في مقتبل العمر .

وكعادته عند عبوره للشارع يرفض الصعود إلى جسر المشاة ويقفز من فوق القضبان الحديدية التي تفصل جنبات الطريق وبعدها يعيد الكرة عند الاقتراب من عبور الشارع الآخر فيترك نفق المشاة ويمارس هوايته المعتادة في مسابقة اجتياز الحواجز الحديدية ، لكن وعند اقترابه من عبور الشارع الأخير الذي يفصله عن عمله تجاهل تماما الاشارات الضوئية للمشاة وقفز مهرولا في وسط الشارع لعبوره ولكن هذه المرة لم يتمكن من إنجاز المهمة بنجاح فلقد كانت السيارة القادمة مسرعة جدا فاصطدمت به وأصابت من جسده منطقة رجولته .

أسرع الناس إلى مكان الحادث وبدأ الجميع بالقاء التهم الباطلة الإدعاء على سائق السيارة وكأنها محاولة من هؤلاء المشاة للدفاع عن ثقافة يتميزون ويفاخرون بها دائما في تعطيل حركة السير في الشوارع بسبب عدم تقيدهم بعبور الطريق عند الاشارة الخضراء وعدم استعمال الانفاق والجسور التي تم انشاؤها حفاظا على حياتهم ولكن فعلا هو أمر غريب هل أصبح الناس مستهترين بأرواحهم إلى هذا الحد ؟

تم نقل ذلك الرجل إلى المستشفى لعلاجه وبفضل ونعمة من رب العالمين كتب له أن يعيش ، أما زوجته فبعد أن علمت بما حدث لزوجها أصيبت بنوبة عصبية شديدة من فرط خوفها ومحبتها له ، ولولا قيام أولادها الثلاثة بنقلها سريعا إلى المستشفى لتتأكد بنفسها من سلامة زوجها لربما أصيبت بنوبة قلبية حادة لمجرد عدم تقبلها لفكرة أن حبيب عمرها قد أصابه مكروه .

بعد خروجه من المستشفى بعدة شهور يذهب الرجل لمراجعة الطبيب للاطمئنان على سلامته ومعرفة نتائج الفحوصات والتحاليل التي أجريت له ، فيخبره الطبيب أنه مصاب بالعقم ، فيتسائل الرجل ببراءة أن سبب ذلك العقم أتى من الحادث ؟ والطبيب لا يزال ينظر إلى نتائج التحليل بتمعن شديد ، ليباغت ذلك الرجل بحقيقة كانت سببا في نهاية مشوار سعادة حياته الزوجية ، فيقول له الطبيب أنه مصاب بالعقم منذ ولادته ولا يستطيع الانجاب ، الرجل وبكل ذهول وبعد رعشة بدأت تهتز في كل أوصاله ، يتعجب من كلام الطبيب ويخبره أن لديه من الاولاد ثلاثة ، ولكن الطبيب يصر على موقفه ويشعل نيران الشك في نفس ذلك الرجل معللا أن أمانته الطبية توجب عليه أن لا يخفي الحقيقة مهما كانت مؤلمة .

الرجل يخرج من العيادة مسرعا وغاضبا ليواجه زوجته بتلك الحقيقة الطبية الكاذبة التي تجهل وتعجز عن تفسير إرادة الله عز وجل في تحقق أي أمر مهما كانت درجة استحالته ، كم كان ذلك الطبيب جاهلا على الرغم من كل شهاداته الدنيوية التي تزين جدران عيادته فهو لا يملك أهم شهادة في حياته والتي من شروط النجاح فيها التسليم المطلق بأن أمره تعالى بين الكاف والنون وهو على كل شيء قدير .

الزوجة كعادتها تستقبل زوجها بكل حرارة وشوق ولهفة ولكنها لم تكن تدري أن ذلك اللقاء الذي تنتظره في كل يوم بكل سعادة سيكون آخر اللقاءات وسينتهي بدمائها البريئة التي ستروي قصة إخلاصها وتفانيها مع ذلك الزوج الذي أنكر حسن عشرة كل تلك السنين بكلام غير دقيق من طبيب متجرد من كل ذمة وضمير .

كم ستستمر مسلسلات الأخطاء الطبية التي تزهق بسببها أرواح بريئة ليس لها ذنب سوى أنها وقعت في براثن هؤلاء الأطباء الذين يتاجرون بأرواح الناس ويبيعونها بأبخس الأثمان ؟

الاثنين، 22 فبراير 2010

أخاف لغة الصمت في كلام النساء

أخاف من المرأة التي تتقن لغة الصمت في كلامها ولا أقصد أنها تصمت عند توجيه سؤال مباشر لها ، بل هو ذلك الصمت في قدرتها على التلاعب بحروف اللغة للإبتعاد عن الإجابة حول ذلك السؤال ومداهمتي بجمل منمقة في التنسيق والتركيب تجعل مني تائها في دهاليزها التي أعجز عن إيجاد سبيل في الخروج منها بسلام .

لست أدري أهي ثقتها الطاغية بنفسها ؟ أم هي قوة غامضة تجعل مني ضعيفا ومستسلما في معرفة ردود أفعالها الحقيقية من وراء تساؤلاتي والجهل التام بقدرة التنبؤ بما سيصدر منها بعد السؤال .

لابد من الاعتراف بذكائها فهي تجذبني بمحض ارادتي لمحاولة فك غموضها والغوص في أعماقها لمعرفة سر ذلك الجمال الذي أعشقه في كل يوم أكثر وهي تنتقل بين حروف اللغة ومفرداتها لتخفي حقيقة مشاعرها في كلامها المسموع أمامي فتتركني في دوامة البحث اللامنتهي لمحاولة سماع الكلام الذي لا تنطق به أبدا .

لماذا أعجز في كل مرة عن ايقاعها في مصيدة الإجابات المباشرة لأسئلتي ؟ ولماذا هي تنجح في كل مرة من القفز فوق حواجز كلماتي وتكمل مسيرتها في تلك الرحلة المليئة بمطبات الألغاز التي تزيد من سرعة هروبها أمام مطارداتي ؟

قررت أن أتعمق في دراسة كل مفردات اللغة لعلي أجد سؤالا أتمكن فيه من إيقاعها وإرغامها على الإجابة على أسئلتي بشكل قطعي ولكنها كانت تلوذ إلى ملاجىء الصمت للحظات لا تتجاوز دقائق معدودة لتفاجئني بعدها بالرد بأسئلة تتفوق في ذكائها على أسئلتي فأجد نفسي عاجزا مجددا عن مجاراتها في حديث حرب المفردات اللغوية .

ولم أجد في النهاية من سبيل أمامي سوى الرحيل عنها والبحث عن امرأة تمتلك إجابات حاسمة غير قابلة للتأويل والتفسير ، وبعد أن وجدتها بادرت بسؤالها كعادتي بشكل مباشر وقطعي ، فقلت لها ( أتحبيني ؟ ) فأجابت بكلمة كم كنت أتشوق لسماعها مع تلك المرأة الغامضة ، هي كلمة من ثلاث حروف كانت مفقودة تماما في المعجم اللغوي للمرأة الصامتة المتكلمة ، وها أنا في هذه المرة أسمعها ثلاثا ، فتقول : ( نعم ، نعم ، نعم ) .

ولكني سافرت في تلك اللحظات بالتحديد في بحور ذكريات ذلك السؤال عندما سألته للمرأة الغامضة وتذكرت إجابتها التي لم أجد لها تفسيرا ولا تأويلا يتناسب مع النشوة التي لطالما حلمت بأن تتحقق وأنا في حضرتها ، تذكرت تلك الإجابة حينما أجابت : ( أحب ذاتي ) .

ماذا كانت تقصد بتلك الإجابة ؟

وهل إنكار محبة الذات هي أنانية أم إيثار ؟

وهل من لا يحب ذاته يملك القدرة في محبة الأخرين ؟

هل فاقد الشيء يعطيه ؟

أم أن محبة الذات لا تتحقق إلا بشعور المحبة القادمة من الآخرين ؟

أسئلة لم أجد لها أية إجابات فقررت الهروب مجددا من مفردات اللغة القطعية والعودة إلى دوامة الاجابات المحتملة عند تلك السيدة الصامتة المتكلمة .

السبت، 20 فبراير 2010

في انتظار حبي المستحيل


أطالع في كل يوم صفحة جديدة من صفحات معجم حياتي وأكون عند بداية المطالعة مليئا بالتفاؤل والأمل في إيجاد مرادي الذي أبحث عنه ولكن لا يلبث أن ينتهي يومي كالمعتاد بخيبة وحسرة لفشلي في إيجاد ما كنت أبحث عنه .

ولكني دائما أجد في الليل ضالتي في نسيان تجارب الفشل التي حدثت معي في النهار وأرمي بهموم الحياة وراء ظهري وأبدأ بممارسة طقوسي الليلية التي تمنحني أحاسيس ونشوة عاشق من غير حبيب ، فأشعل شموع الحب في انتظار حبي المستحيل الملقب بالفرح .

ولكني وفي هذه الليلة تحديدا بدأت أكتشف أنني أنتظر أوهاما وأطارد سرابا ، وفي ملاحظة غير مسبوقة المشاهدة في عقلي وبنات أفكاري أكتشفت أن أحلام اليقظة التي ما انفكت عن مطاردتي في نشوة ذلك الفرح كانت تدور في أفلاك كل ما لم أمتلكه بعد .

فبدأت بمراجعة شريط الذكريات المتسارعة المشاهد والتي جعلت من شموع حبي تحترق بشكل سريع لتسرق مني ليلتي الاخيرة في انتظار حبي الذي لن يأتي أبدا .

تذكرت أنني عندما كنت صغيرا حلمت بأن أركب دراجة هوائية وكنت أحدث نفسي أنني سأجد فرحة عمري لو تحقق حلمي في اقتنائها ولكن ما لبث أن غاب عني لذة ذلك الفرح الذي طال انتظاره بعد شرائي لتلك الدراجة الهوائية .

فعدت أحلم من جديد ولكن حلمي توسعت أطرافه لينتقل من حلم بركوب دراجة هوائية لركوب دراجة نارية وجزمت بشكل مؤكد أن حبي المنتظر سيتحقق عند ركوبي وامتلاكي لتلك الدراجة النارية ، ولكن ومن جديد غاب عني الفرح المنتظر بمجرد تملكي لتلك الدراجة النارية لأن حلمي بلذة الفرح المنتظر رحل عني بعيدا ليستقر عند امتلاك سيارة .

فوقفت حائرا من هذا الحب المستحيل الذي لا أستطيع التلذذ بنشوته في أي أمر أتمكن من امتلاكه وبدأت بمراجعة دفاتر حساباتي اليومية لمشوار حياتي فوجدت أن هنالك مجموعة من الديون المتعثرة السداد والتي لم أتمكن من تحصيلها بعد وليس السبب في ذلك ضعف الملاءة المالية لدى أصحابها بل لأني فشلت في توثيق حقوقي القانونية في حق استردادها بسبب اعتقادي أن لذة الفرح تنحصر بكل ماهو بعيد المنال عني .

وأقتنعت بأن هنالك العديد من بشائر الفرح الغامضة فيما أمتلك سأجد فيها نشوة حبي المستحيل إذا تعمقت في البحث عن مواطن الجمال فيها وابتعدت عن تسخير قدرتي في التنقيب عن عيوبها .

الأربعاء، 17 فبراير 2010

365 يوم للكراهية

في البداية لاحظت مفهوما مغلوطا لدى العديد من الأشخاص الذين يهاجمون والاشخاص الذين يدافعون عن ( يوم الحب ) حيث يطلقون عليه تسمية ( عيد الحب ) ولست أدري كيف تم ترجمتها من اللغة الانجليزية لتكون الكلمة المرادفة لها في اللغة العربية ( عيد وليس يوم ) .

في الواقع بدأت أشك في صحة معلوماتي فقمت بمراجعة العديد من المصادر الأجنبية فوجدت دائما عبارة واحدة أمامي وهي ( Valentine’s Day ) .

إذن لنتفق في البداية أنه ليس عيد ولا يجوز في أي حال من الأحوال نعته بذلك ، لأننا كمسلمين ليس لدينا سوى عيدين في السنة فقط وهما عيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك .

وحيث أننا في هذا المجتمع نتميز دائما بحروب بين مؤيد ومعارض لكافة القضايا وفي جميع المجالات ونواحي الحياة ومن المستحيل أن نجتمع على كلمة واحدة ، فقد بدأ الصراع الذي توقعته مسبقا في الرابع عشر من شهر شباط بين المحتفلين بيوم الحب وبين المحاربين له ، وبالطبع بدأ المعارضون ممن يعتبرون أنفسهم من فئة النخب أو الأوصياء على المجتمع بقذف تهم التكفير والاستهتار بعقول الناس وتسخيفها ، في حين كان المؤيدون يبالغون في هجومهم المضاد من خلال المباهاة في الترف والبذخ في شراء الهدايا وفي إحياء طقوس الاحتفال بيوم الحب ، والذين وقعوا ضحية لهذا الصراع ولتلك الحرب هم فئة تحاول أن تعيش بسلام وليس من ضمن ميزانياتها المحدودة جدا شراء هدايا ليوم الحب أو الاحتفال به ولكنهم لديهم أماني وأحلام بسيطة جدا في التغلب على سمة ( الكشرة ) التي لا تفارق محياهم طوال أيام السنة بسبب ضيق العيش ونوائب الدهر .

وهذه الفئة البسيطة بأفكارها النقية من شوائب الغرور والنرجسية والحقد والكراهية للآخرين تجد نفسها في وسط صراع ليس لها فيه أدنى علاقة وتتحمل أوزار تلك الصراعات طوال أيام السنة و التي تعصف بكل محاولاتهم البريئة في التعبير عن مشاعرهم تجاه من يحبون من أزواج وأبناء وآباء وأمهات وإخوة وأخوات وجيران وأصدقاء .

ففئة أوصياء المجتمع تتلذذ في استفزاز كافة أفراد الشعب بكل طبقاته من استهتار بالعقول ونقد دائم للتصرفات والسلوكيات المختلفة ، في حين أن فئة المقلدين للغرب والذين هم في أغلب الحالات من طبقات ثراء فاحش يستمرون بالتكبر والغطرسة في الترف والبذخ كردة فعل مضادة على فئة النخب ، والذي يدفع ثمن هذا الصراع وبكل أسف هم الفئة البسيطة التي كتب عليها أن تعيش أيام الكراهية والحقد والبغضاء على مدار السنة وبالتالي أصبح لديهم 365 يوما للكراهية لأنهم إذا حاولوا إظهار أية مشاعر أخرى فسيتعرضون لمحاكمة سريعة بتهمة الكفر والعقل السخيف والخيانة لقضايا الأمة ومصائبها ، فليس من حقهم أبدا أن يعبروا عن مشاعر محبتهم لمن حولهم لأنهم في نظر فئة النخب لايعرفون كيف يحبون ولايعرفون ما هو معنى الحب ، وفي المقابل فهم في نظر فئة مقلدي الغرب أشخاص لا يعرفون معنى الحضارة ولا المدنية الحديثة .

وفي خضم هذه الصراعات التي لا تنتهي وجدت أمامي هذه الصور البسيطة التي لا تسلم أبدا من تلك الحروب :

- رجل يقوم باللعب مع أطفاله في الحدائق العامة يبدأ بتلقي وتراشق التهم من كل حدب وصوب بأنه سخيف وعقله لا يتناسب مع عمره من وجهة نظر النخب أما مقلدي الغرب فسيضحكون عليه لعدم إلمامه بأساليب التربية الغربية الحديثة التي تتطلب وجود مربية متخصصة في تربية الاطفال ، وطبعا ذنب ذلك الرجل البسيط أنه حاول فقط التعبير عن مدى محبته لأولاده .

- الابتسامة وطلاقة الوجه وإلقاء السلام على الجيران تدخل في حسابات لا تنتهي أبدا ، فصاحب عقلية النخب سينظر إلى تلك الابتسامة البريئة بأنها تدل على السذاجة والسخافة وعدم الوعي لما يحدث من قضايا تترصد بهذه الأمة ، وأما مقلد الغرب فسيخاف من تلك الابتسامة ويبدأ بتحليل مقاصدها وماذا يخفي صاحبها من نوايا سيئة أو قد يعتبره متطفلا ولا يحترم خصوصيات وحريات جيرانه ويحاول أن يفرض نفسه عليهم .

- الصورة الاخيرة هي لزوجين بالكاد يملكان قوت يومهما ومع هذا يحبان بعضهما كثيرا وهما مقتنعان بحياتهما ونصيبهما من هذه الدنيا ، فيخرجان بنزهة سيرا على الأقدام وقد تشابكت أيديهما معا ، ولكن هل سيكملان نزهتهما بسلام ، هيهات هيهات أن يحدث ذلك ، ففئة النخب ستبدأ بهجومها عليهما أنهما ليس لديهما أي حياء أو ذوق أو مراعاة لمشاعر الأخرين ، أما فئة مقلدي الغرب فستنهال منهم عبارات السخرية والضحك بقول ( مو معقول شو بلدي هادول ما بعرفوا كيف يمسكوا ايدين بعض بطريقة مودرن شوي ) .

دعونا وشأننا يا فئة النخب ويا فئة مقلدي الغرب فنحن لسنا بحاجة لمزيد من الكراهية والحقد والبغضاء والتحقير والاستهتار والتكبر والغرور والنرجسية .

دعونا نعيش حياتنا ببساطة لعلنا نعيد شيئا من المعاني الجميلة في المحبة والإخاء واحترام بعضنا بعضا ، أنتم تفوقتم على الغرب في احباطنا وشعورنا بالمذلة والمهانة ، نحن بشر مثلكم ولسنا عبيدا ننتظر أوامركم وتوجيهاتكم فقد ولدنا من بطون أمهاتنا أحرارا ، أحرار ، أحرارا .

الاثنين، 15 فبراير 2010

الطلاق الالكتروني

عندما يقرر السيد (ذكر) أن يتزوج تجده يقود جيوشا جرارة تتوجه إلى بيت العروس الأسيرة ليحررها من سجن العزوبية والوحدة .

وما أن تصل الجاهة الكريمة ، عفوا ، ما أن يصل الجيش المثقل بعتاد الخطب الكلامية الكاذبة إلى أراضي منزل العروس التي لا تعرف ما ينتظرها من إهانة ومذلة حتى يستقبل حراس المنزل ذلك الجيش بحفاوة منقطعة النظير .

بعد ذلك يبدأ الجيش باستعراض أسلحته الكلامية الفتاكة حول تقديرهم واحترامهم لمكانة المرأه ويقطعون الوعود والعهود أن العروس ستعيش في ديارهم بكل عزة وكرامة وأنهم لا يتهاونون أبدا مع كل من يجرؤ بالتعرض لها بالاهانة .

وتبدأ ليالي الأفراح والولائم فتمتد من بحور ( المناسف ) وصولا إلى شواطىء ( الكنافة ) ويتسابق الجميع في تقديم الهدايا والمجوهرات النفيسة بفرح وسعادة بقدوم تلك العروس إلى أراضي فارسهم ( ذكر ) .

وكم تتفاجؤ تلك العروس في منزل الزوجية السعيد والذي يضم كل ما وصل إليه علم التكنولوجيا الجديد ، فالثلاجة طاقتها الاستيعابية أكثر من 20 قدم مكعب وفيها حاويات عملاقة لحفظ مختلف أنواع الاطعمة مع مزايا تغيير درجة رطوبة أو حرارة كل حاوية منها ، أما موقد الغاز فهو مصمم بفهوات عملاقة لضمان اتمام عملية طهي الطعام بكفاءة لأن الفارس ( ذكر ) يحرص أشد الحرص على أن تكون رغبات معدته دائما مستجابة .

أما التلفاز فهو مزود بأحدث تقنيات الشاشات المسطحة ( بلازما ) ليتم الاستمتاع بنقاء صورة أفلام الرعب التي يعشق متابعتها الفارس ( ذكر ) ولاننسى أن ( الساتلايت ) مجهز بتكنولوجيا رقمية فائقة تمكنه من مشاهدة آلاف المحطات سواء كانت مشفرة أم لا .

ولاحظت العروس أن المكيفات تنتشر في كل أرجاء المنزل وتتميز بوجود خاصية توزيع الهواء البارد والحار في كل الاتجاهات وفيها خاصية تنقية الهواء باستخدام فلاتر كهرومغناطيسية ولم تكن تدري أن هذه التقنيات لم تكن كفيلة بالتخلص من أتربة وغبار جو عقل الفارس ( ذكر ) .

وعلى الرغم من كل ما كان يحتويه هذا المنزل من تكنولوجيا وتقنيات ورفاهية لا مثيل لها ، لاحظت الزوجة أن الفارس ( ذكر ) يقتني هاتفا جوالا من نوعية قديمة جدا لا تتناسب مع اهتمامه بمواكبة تقدم مخترعات هذا العصر الحديث ، ولما تسائلت عن سبب عدم اقتنائه لهاتف حديث الطراز ، أجابها أنه يهمه بالهاتف ميزتان فقط وهي القدرة على التحدث واستقبال المكالمات وبذات الوقت أن تتوفر فيه ميزة ارسال الرسائل النصية ( sms ) وقد أخبرها بأن معظم شؤون حياته يتم قضائها من خلال استخدام تلك الرسائل النصية فهو دائما مشغول وليس لديه وقت في الثرثرة مع أي شخص كان على الهاتف لذلك يحاول دائما أن يختصر على نفسه المسافات من خلال رسائل ( sms ) .

استغربت الزوجة كثيرا من موقف ( ذكر ) في هذا الموضوع وتسائلت مرة أخرى ولكن هذه المرة مع نفسها فقالت : (( لو أراد زوجي أن يقيم وليمة غداء لأهله فهل سيبعث لهم برسالة ( sms ) لدعوتهم عليها ؟ )) وتسائلت أيضا : (( لو كان والد زوجي في المستشفى بسبب نوبة قلبية هاجمته فجأه فهل سيبعث برسالة ( sms ) إلى والدته للاطمئنان على صحته ؟ )) ، وما لبث أن قفز سؤال آخر في عقلها فقالت : (( لو قرر شقيق زوجي الهجرة من الوطن فهل سيقوم زوجي بارسال رسالة ( sms ) في وداعه ؟ )) .

وعلى الرغم من كل تساؤلاتها في أفكار زوجها الغريبة حول موضوع رسائل ( sms ) إلا أنها لم تكن تدري ماذا تخفي لها الأيام القادمة من استهتار واستخفاف واستحقار زوجها لمكانتها التي لم تكن كذلك عندما تقدم لخطبتها .

ولم تمض بضع سنوات حتى تكشفت لها خيوط الحقيقة ، وتحطمت كل الأقنعة المزيفة التي كان يرتديها زوجها في التظاهر باحترامها وتقدير مكانتها ولم تعد في عينيه تلك الأميرة الجميلة التي حرك الجيوش لأجلها وقاد الحروب مع كل من حاول الاقتراب منها ، وها هو ذا في أحضان عشيقته الغاضبة منه التي ترفض كل محاولاته في اثبات مقدار حبه الكبير لها ، فيقسم لها مرات ومرات أنه يحبها ولكنها تصر في التمنع عنه ، فيقوم الفارس ( ذكر ) بتناول جهازه الجوال ويرسل برسالة ( sms ) لزوجته التي أرهقها تفكيرها منذ زواجها به عن أمور حياته التي يسيرها باستخدام تلك الرسائل النصية ، وفعلا كان ذلك هو آخر التساؤلات لديها فقد كان محتوى رسالته في هذه المرة كلمتين فقط وهما : (( أنت طالق )) .

عندما قرأت الزوجة تلك الرسالة أمسكت بجهازها الجوال وتوجهت إلى صديقتها ( نور ) وقالت : (( كم تكون مكانتنا عظيمة عند قدوم الرجال للزواج بنا ولكن عند الطلاق يكتفون بارسال رسالة ( sms ) فهل مكتوب علينا أن تبقى الاهانة والمذلة تلاحقنا في كل العصور والأزمنة ؟ ولكن مذلة عصر التكنولوجيا تفوقت في إذلالنا عن كل العصور))

السبت، 13 فبراير 2010

بورصة المشاعر

تتقلب المشاعر بداخلنا بجنون في هذه الأيام كما تتقلب أسعار الأوراق المالية في البورصات العالمية .

فتارة نجد مشاعر الفرح ترتفع بجنون عند تلقي نبأ بسقوط ثلج محتمل ، وتارة نجد مشاعر التشاؤم تنخفض انخفاضا ملموسا عند تلقي نبأ بحلول عام جديد .

أحيانا نجد مشاعر الغربة تقفز عند السير في وسط مدينتنا القديم بل أحيانا نتفاجأ بارتفاع مشاعر الصداقة عند تلقي مكالمة اطمئنان غير متوقعة من صديق قديم هاجر الأوطان .

وكم نستغرب عندما نشاهد مشاعر الحب لا تزال تنخفض باستمرار على الرغم من المراهنات الشديدة على ارتفاعها اعتمادا على نبأ مؤكد من وزارة الحب والتي صرحت عند التشكيل الوزاري الجديد بوجود خطة لإعادة هيكلة القلوب .

ولكن لا زلنا نتسائل عن مشاعر الأمل بغد أفضل متى سيكون موعد إدراجها في بورصة المشاعر ؟

المحلل الاجتماعي لبورصة المشاعر يصدر نشرة تحليلية جديدة لما يحدث من تقلبات مجنونة في بورصة المشاعر فيقول :

أود طمئنة الجميع بأن بورصة المشاعر في قادم الأيام ستحقق ثباتا ملحوظا في مشاعر الفرح فستبقى في مستويات أسعار متدنية جدا لأن القائمين على مشاريعها لم يكونوا مؤهلين في ادارتها بنجاح .

أما بخصوص مشاعر التشاؤم فلقد صرح الأمين العام للحزب أنها ستحقق نجاحات كاسحة في المستقبل بسبب زيادة عدد الوفيات من قادة حزب التفاؤل المعارض .

ولا أعتقد أن مشاعر الغربة ستفقد شيئا من أرباحها لأن الوطن سيكرم الأغنياء فقط وحيث أنهم قلة في هذا المجتمع فستستمر مشاعر الغربة في الوطن ترتفع أكثر مع ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع .

وبصراحه لست أفهم لماذا يتوقع البعض ارتفاع مشاعر الصداقة حيث أننا مقبلين على مرحلة جديدة تتميز بالنمو المتسارع للعلاقات القائمة على المصالح والمنفعة المتبادلة فقط .

وفعلا أنا أستغرب كثيرا من قيام البعض بالمراهنة على تصريحات وزارة الحب حيث تبين وجود اختلاس كبير في قلوب الوزارة التي وعدت باعادة هيكلتها وقد تم تقدير ذلك الاختلاس بملايين وملايين من كلمة ( أحبك ) .

وأرجو من الجميع عدم الانسياق وراء الاشاعات التي تتحدث عن إدراج مشاعر الأمل بغد أفضل لأن كرامة الانسان ليست ضمن الخطة المستقبلية في أجندة أصحاب النفوذ .

الأربعاء، 10 فبراير 2010

الانسان أغلى أم أرخص ما نملك ؟

رحلوا والدموع تنهمر من شدة الحزن والأسى على ظلم وغدر وبطش من أحبوا بكل صدق ووفاء ، كان ذنبهم في هذه الدنيا أنهم عبء ثقيل على كاهل وحوش بصورة بشر ، لم يدركوا أن أقرب الناس إليهم سيلعبون دور القاضي والجلاد في محكمة هدر الكرامة الإنسانية .

ما هي المبررات والأعذار لتلك الجرائم البشعة ؟

عفوا ، فقد نسيت أن تلك الجرائم بداعي شرف مهدور وتذمر شقيق مغرور وخيانة ترتكبها زوجة بكل سرور وقساوة زوجة أب لا تتردد في حفر القبور .

القصة الأولى :

كان اسمها (وحيده ) وكأن أباها كان يدرك أنها ستبقى في هذه الحياة وحيدة ، عاشت ( وحيده ) في كنف والديها فكانت سعيدة ومطمئنة وكانت تحب شقيقها الذي كان يصغرها ببضع سنوات وتخاف عليه من نسمة الهواء وهي التي من قامت على تربيته ورعايته بكل إخلاص ومحبة ووفاء ، فوالدتها كانت ضعيفة وتعاني من العديد من الامراض المزمنة التي أنهكت جسدها الضعيف الذي لم يقاوم كثيرا لتستسلم لشبح الموت وتترك مسؤولية المنزل في عنق ( وحيده ) ، وهاهو شقيقها يكبر ويتزوج ويسكن بذات المنزل ، ولكن ( وحيده ) لم تتمكن من الزواج فقد كانت تخاف على أبيها الذي لم يعد يقوى على الحراك من ظلم زوجة أخيها وقسوتها عليه ، وفعلا ظلت ( وحيده ) مخلصة لأبيها وآثرت البقاء معه ورفضت الزواج وقاومت كل جيوش العشاق الذين حاولوا جاهدين احتلال حصون قلبها المنيعة ، وإذا بالعمر يمضي لتصبح ( وحيده ) في الخامسة والاربعين من عمرها لتصحو على نبأ وفاة أبيها الذي نام مطمئنا على اعتقاد أنه ترك ( وحيده ) في أيدي أمينة ومخلصة للعشرة وصلة الدم ، ولكن ليس هذا ما حصل وبكل أسف فبعد انقضاء عام على وفاة الوالد ، شقيق ( وحيده ) يزج بها في دور رعاية المسنين وعلى ما يبدو أن ذاكرته لم تسعفه في تذكر دور ( وحيده ) التي كانت الوالدة والشقيقه ، لم تتحمل ( وحيده ) صدمتها بأخيها وبعمرها الذي ضاع في وفائها لأسرتها ، فما كان منها إلا أن وضعت حبلا في سقف غرفتها وقررت الرحيل عن هذا العالم الذي لم يتبقى لها فيه مكان .

القصة الثانية :

كان اسمها ( عفيفه ) وكانت مثالا للطهارة والعفة ولكنها وبكل أسف لم تكن كذلك في نظر والدها المجرد من كل معاني الانسانية ، كانت ( عفيفه ) في السابعة عشر من عمرها عندما كانت متجهة في طريقها إلى امتحان الثانوية العامة ولكنها ما لبثت أن خرجت من باب منزلها حتى فوجئت بسيارة فيها ثلاثة وحوش آدميين سارعوا باختطافها دون أن تتمكن من مقاومتهم وبكل أسف لم يتورعوا أبدا عن سلب عذرية تلك الفتاة وهتك عرضها بالاكراه ، وعادت ( عفيفه ) مكسورة الجناح ولا تدري ماذا تفعل وكيف ستخبر أهلها بما حصل ، وما أن دخلت المنزل وعلم والدها بما حصل ، تناول سيفه وبدأ بطعن جسدها الذي ما عاد فيه مكان لتحمل المزيد من البطش والظلم والعدوان ممن يلقبون بأعداء كرامة الانسان ، ليستسلم جسدها بعد ثلاثين طعنة جائرة إلى الموت الذي أنقذها من هذا القاتل المأجور .

القصة الثالثة :

كان اسمه ( طيب ) وكان مثالا في الطيبة والمحبة وصفاء القلب والسريرة ، وكان يحب زوجته ولايتردد أبدا في إرضاء رغباتها التي لا تنتهي ويسابق الزمن في اكتساب محبة قلبها المحكم الاغلاق ، ولكن المفتاح كان بيد شخص واحد فقط ولم يكن ( طيب ) يدري أن ذلك المفتاح يملكه صديق عمره الوحيد ، كانت الزوجة تهيم عشقا ومحبة بصديق ( طيب ) وبذات الوقت كانت تضيق ذرعا من وجود ( طيب ) في حياتها فقد كان يؤرق عليها سعادتها ويقف حاجزا أمامها في تحقيق حلمها الوردي مع فارسها الاسطوري ، لذلك لم تعد تطيق الانتظار واتفقت مع عشيقها على مؤامرة دنيئة للتخلص من ( طيب ) و إنهاء حقه في عيش حياة كريمة ، وفعلا جاء اليوم الموعود عندما كان ( طيب ) في قمة سعادته وهو يرى زوجته في ذلك اليوم تغازله بطريقة ما ألفها من قبل ولكنه لم يكن يدري ماذا كانت تخبىء له تلك الاحاسيس الكاذبة من خيانة ستنتهي بازهاق روحه المسالمه ، وما أن أمسكت بيده بكل حنان ودفء لترافقه إلى مائدة العشاء التي كانت كولائم السلاطين والأمراء حتى فوجىء بصديق عمره يقف أمامه ويوجه رصاصات آثمة اخترقت قلب ( طيب ) الذي كان ذنبه في هذه الحياة أنه كان طيب .

القصة الرابعة :

كان اسمه ( يتيم ) وقد شاءت الاقدار فعلا أن يصبح يتيم الأم التي فقدها وهو في الخامسة من عمره ، وقبل أن تجف دموع ( يتيم ) على فراق والدته ، يجد أباه يتزوج بأخرى ما لبثت بالتفنن في معاملة ( يتيم ) بكل قسوة وجفاء وسوء معاملة ، ويا ليت معاناة ( يتيم ) قد توقفت عند هذا الحد ، فبعد إنجاب تلك الزوجة لمولودها الأول بدأت تفكر في كيفية التخلص من ( يتيم ) حتى يخلو لولدها ميراث زوجها دون أن يقاسمه في ذلك أحد ، وفعلا بدأت تخطط لذلك بطريقة ماكرة يعجز أحد عن اكتشافها ، لتهتدي إلى فكرة وضع سم لا تظهر أعراضه بسرعة في طعام وشراب ( يتيم ) ، ولم تنقضي عشرة أيام حتى فارق ( يتيم ) الحياة التي استكثرها عليه تلك المرأة الظالمة والمتجردة من كل معاني الرحمة والانسانية .

هذه هي قصتهم ، فهل إزهاق أرواحهم له عذر يبيح المغفرة ؟

الاثنين، 8 فبراير 2010

مقاومة الضغوطات النفسية

مما لا شك فيه أن العديد منا في هذه الأيام يواجه العديد من الضغوطات النفسية سواء في محيط الأسرة أو في مجال العمل أو الدراسة أو في مجال العلاقات البشرية في المجتمع عموما ، وتتعدد عوامل ومسببات تلك الضغوطات النفسية ما بين عوامل إقتصادية تعنى بشكل رئيس بوجود فجوة كبيرة بين متوسط دخل الفرد ومستوى الأسعار السائدة ، وكذلك قد تكون عوامل سياسية تتعلق بشكل مباشر بسياسة البلد الداخلية أو الخارجية وما يكون لذلك من آثار على حجم الضغوطات النفسية التي قد يتعرض لها الأفراد اعتمادا على مساحة حرية الحركة الجسدية والفكرية التي سيتمتعون بها في ذلك المجتمع ، هنالك أيضا عوامل اجتماعية لها علاقة بحدة صراع الانتماءات الفكرية والعقائدية والعادات والتقاليد ونظرة المجتمع لسلوكيات وتصرفات أفراده ، ولا ننسى بالتأكيد العوامل التي تكون خارجة عن سيطرة المجتمع ويكون لها أثر كبير في حدة الضغوطات النفسية كالحروب والمجاعات أو الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والإعصارات وغيرها .

ولكن كيف نستطيع تحديد أننا نعاني من ضغوطات نفسية منحبسة في أعماقنا ؟

بل كيف نستطيع تحديد المؤثر المباشر الذي يتسبب بذلك الضغط النفسي ؟

وهل نستطيع مقاومة ذلك الضغط والتخلص منه أو تخفيف حدته على أقل تقدير ؟

في الواقع في البداية سأطرح وجهة نظري في التساؤل الأول ، فكل فرد يستطيع أن يحدد بشكل كبير إذا كان يعاني من ضغوطات نفسية أم لا ، فهنالك العديد من القرائن التي تدل على ذلك ومنها :

- الانطواء والانعزال ، فرغبة الفرد المستمرة بالانعزال مع نفسه والابتعاد عن الآخرين لها علاقة كبيرة في تفاقم حجم الضغوطات النفسية التي قد يعاني منها الفرد .

- اللجوء إلى النوم بشكل مبالغ فيه وهي في الواقع مظهر من مظاهر الانعزال والانطواء أيضا .

- التفكير الوسواسي بمعاناة الفرد بمرض خطير يهدد حياته وتسخير تفكيره بشكل مطلق في هذا الجانب فقط .

- المبالغة في الخوف من المستقبل المجهول .

- السخط والنقمة على المجتمع بشكل دائم والرغبة المستمرة في الهروب منه .

- الحنين والشوق الدائم لذكريات الماضي والاسترسال بالخيال بشكل مبالغ فيه في استحضار مشاهد الماضي والتفكير بها .

- القيام بحركات طفولية مثل إصدار أصوات غريبة كأصوات الحيوانات مثلا أو القيام بحركات جسدية بشكل مفاجىء مثل القفز على رجل واحدة أو الدق على الطاولة أو الرقص و الغناء في مواقف تحتاج للجدية والالتزام .

- وأخيرا المزاج العصبي الدائم في كل الأوقات بدون أي مبرر لذلك .

وأعتقد أن الأشخاص الذين يعانون من إحدى هذه الظواهر هم متأثرين بشكل أو بآخر بضغوطات نفسية في جوانب معينة في حياتهم ولذلك أعتقد أن على كل فرد أن يكون طبيب نفسه بحيث يستطيع تحديد المؤثر أو مجموعة المؤثرات الرئيسة التي تتسبب بتلك الضغوطات النفسية ، وأنا لا أجزم أبدا أنه من الممكن التخلص من تلك المؤثرات نهائيا أو أن تكون هنالك القدرة في الإبتعاد عنها ، ولكن يمكن استخدام أساليب ووسائل تساعد في تخفيف حدة تأثير تلك الضغوطات ولكن الخطوة الأولى وهي الأهم أن يستطيع كل فرد من معرفة السبب أو المؤثر لتلك الضغوطات النفسية التي يواجهها .

أما عن كيفة مقاومة تلك الضغوطات النفسية والمحاولة من تخفيف حدة وتيرتها في حياة الأفراد ، فإنني أقترح مجموعة من الاساليب وهي :

- مناقشة مؤثر الضغط النفسي مع الاشخاص الموثوقين والذين لديهم القدرة على فهم واستيعاب طبيعة ذلك المؤثر وليست تلك المناقشة بهدف ايجاد الحل في التخلص من ذلك المؤثر بقدر ما هي محاولة للتخفيف من احتباس تلك الضغوطات وأفكارها في داخل النفوس .

- الحذر من إتعاس الآخرين واستفزازهم تلافيا لزيادة أعباء الضغوطات النفسية التي قد تحدث نتيجة لردود أفعالهم الغاضبة .

- محاولة الخروج في نزهة أو إجازة بمكان بعيد عن محيط المؤثرات التي تتسبب في الضغوطات النفسية ولربما يهاجمني البعض على هذا الاقتراح تحديدا بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة ولكن صدقوني أن النزهة ليست بالضرورة أن تكون في باريس وروما فقد تكون نزهة بسيطة في السيارة أو حتى مشيا على الاقدام في محاولة للابتعاد عن مؤثرات الضغوطات النفسية كفيلة بالتخفيف من حدتها .

- ممارسة الرياضة أو ممارسة هواية معينة وهذا الاسلوب له دور جوهري في إعادة النشاط والصحة وكسر الخمول والكسل وهو بذات الوقت نوع من التفريغ لشحنات الضغوطات النفسية المحتبسة بداخل النفوس .

- التخطيط الجيد في إدارة الوقت وبصراحة هذه النقطة من وجهة نظري في غاية الأهمية لأن المجتمعات العربية تمتاز وبكل أسف في فن إهدار وإضاعة الوقت بشكل سلبي وهذا سببه عدم وجود أفق واسع في التفكير والتخطيط الجيد في تحديد الأمور الواجب انجازها ، فمثلا تجد الشخص عندما يذهب إلى النوم لا يفكر أبدا في التخطيط إلى ما يجب عمله في اليوم التالي أو قد يكون مسترسلا جدا في خياله بحيث يبدأ يحلم بأنه غني أو أنه رئيس مجلس إدارة شركة أو أنه في رحلة استجمام إلى جزر المالديف وأنا لست ضد هذه الخيالات ولكن لا بد من التدرج في تحديد سلم أولويات الحياة عند الفرد بحيث يحسن استغلال وقته في قضاء حوائجه اليومية وما عليه من واجبات لا بد من إنجازها ضمن هوامش زمنية معقولة ولكن إهدار الوقت بشكل سلبي يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي من كل الجوانب لذلك لا بد من مراعاة إدارة الوقت بشكل صحيح .

- الابتعاد عن التذمر والشكوى وإسقاط الفشل على الآخرين فلكل مجتهد نصيب وسيقطف ثمار جهده عاجلا أم آجلا مهما كان المحيط الذي يعيش فيه سلبيا والمهم في هذا الأمر هو قوة الإرادة والتصميم والثبات والعزيمة على تحقيق الهدف .

- أما في جوانب العلاقات الاجتماعية وما لها من أثر في زيادة حدة وتيرة الضغوطات النفسية فأنا أعتقد أن خطوط الحوارات في بعض الأحيان قد تكون مغلقة تماما مع بعض الأشخاص ولذلك فالحل الأفضل هنا هو ضبط النفس والتخفيف من حدة الغضب عند الخوض في أية حوارات أو نقاشات مع هؤلاء الأشخاص وعدم الخوض أبدا في جدالات أفلاطونية مستفزة لا تكون في النهاية نتائجها إلا زيادة الضغوطات النفسية على الفرد .

وفي النهاية لابد من أن التأكيد على أن بداخل كل فرد منا طاقة ايجابية إذا أحسن استخدامها يستطيع التغلب على أية ضغوطات نفسية قد تواجهه وأن المحرك الرئيس لتلك الطاقة هو في حسن التوكل على الله عز وجل واللجوء إليه في كل الأمور ومن ثم الأخذ بالاسباب التي ستؤدي إلى النجاح في استغلال تلك الطاقة الايجابية .

السبت، 6 فبراير 2010

آفة وحرب اجتماعية أبطالها الرجل والمرأة

في مجتمعنا المنهك من كثرة الآفات الاجتماعية التي لم تعد ترحم جسده الضعيف وتأبى إخراجه من قسم العناية الحثيثة في مستشفى الباحثين عن حياة كريمة ، يداهمه في هذه الأيام وبكل أسف جلطة قلبية في شريان الحياة ولست أدري هل سيتمكن مجتمعنا من مقاومة تلك الجلطة أم لا ؟

ما هذه التقلبات الغريبة التي تحدث في صحة مجتمعنا على مر العصور ؟

كم كان مجتمعنا يفاخر بأجمل وأحلى وأبدع صور العلاقات بين الرجل والمرأة في المحبة ، الثقة ، الدعم والتشجيع والمساندة ، الأمان ، التعلم وتبادل المعرفة والتجربة والخبرة ، وأهم من ذلك كله في الاحترام المتبادل بين الطرفين .

هذه العلاقة الجميلة والتكاملية بين الرجل والمرأة تحولت في هذه الأيام إلى حرب مدمرة لكل المعاني الرائعه التي كانت تهز مشاعرنا وأحاسيسنا بكل عفوية ومحبة ، فليس هنالك أجمل ولا أحلى من صورة الرجل والمرأة وهما متحابان ، ولكن وبكل أسف أصبحت الصورة الشائعة في هذه الأيام هي المفاخرة والتحدي في إظهار مشاعر البغض والكراهية لبعضهما .

في الواقع من أشعل فتيل هذه الحرب هم جماعة فاشلون على صعيد علاقاتهم الشخصية وبدلا من عدم التسرع في التعميم واصدار الأحكام على أقرانهم من الجنس الآخر ، قرروا إصدار أحكام الإعدام بحق كل من هو ليس من جنسهم ، وكلامي هذا ينطبق على الرجال قبل النساء حتى لا يعتقد البعض أني متحيز لأحدهما على حساب الآخر .

سأبدا بالحديث عن المرأة ، فهنالك نساء مبدعات في مجال ما ولديهن سطوة وتأثير أو نفوذ أو سأقول بعبارة أخرى لديهن مهارات في اجتذاب واستعطاف مشاعر النساء ، فيبدأن ببث أفكار مسمومة وملوثة في عقول النساء اللواتي يتجمهرن من حولهن في إشاعة مشاعر الحقد والكراهية والبغضاء على الرجل بحجة طغيان الرجال وظلمهم في انتهاك حقوق المرأة وعدم انصافها وهدر كرامتها وتقويض أحلامها وكسر عزة نفسها التي جبلت على الحرية .

المشكلة الرئيسة في دعاة الأفكار اللواتي أتحدث عنهن أن أهدافهن ببث تلك الأفكار ليس بدافع المحبة والخوف على النساء بل هي محاولة لتفريغ أحقاد شخصية دفينة هدفها تدمير بنيان أية علاقة ناجحة بين رجل وامرأة ، هي دعوات باطلة للتمرد والتعصب الأعمى لجنس الأنثى فقط وبالمقابل طبعا النظر بكل سخرية واستهزاء لكل من هو بصورة رجل ، وصدقا أنا حزين جدا على النساء اللواتي يسلكن طريق صاحبات تلك الدعوات المشبوهه والتي لن تعود عليهن بأية منفعة أو مصلحة تضمن لهن العيش بكرامة واحترام .

أما الرجال فلدينا منهم أيضا العديد من الامثلة كذلك ، ولكن ربما من أبرزهم دعاة إطلاق الأحكام العرفية على أن كل امرأة هي شر يجب محاربته لأنها ستكون المسبب الرئيس في الفساد والانحدار الاخلاقي وكل رجل من وجهة نظري يساهم في ترويج هذه الأفكار الملوثة هو في واقع الأمر يملؤه التلوث من رأسه وحتى أخمص قدميه ، وبكل أسف هؤلاء الرجال يعلقون أيضا فشل علاقاتهم الشخصية كذنب لا يغتفر ويتحمل المجتمع أعبائه بسبب أنانيتهم وحقدهم الدفين .

لذلك أتمنى من كل رجل وامرأة قبل الانسياق وراء قادة تلك الحرب الحقيرة أن يمعنوا النظر في السيرة الذاتية لهؤلاء القادة ليتمكنوا من الحكم الصحيح على صدق نواياهم .

الأربعاء، 3 فبراير 2010

قلوب مستعملة للبيع

أصبحت بعض القلوب كالاثاث المستعمل الذي لم تعد هنالك حاجة له ، وها هي الآن تقبع في غرفة مظلمة لا يدخلها أحد ، فلم يعد هنالك ضرورة لوجودها إذ أنه تم استبدالها بقلوب جديدة .

كان هذا هو حال صديقنا (( زير النساء)) يشتهي كل قلب جديد ويجتهد في استخدام مهاراته وابداعاته في اجتذاب محبته ، وبذات الوقت يمسك بالقلوب القديمة ليرسلها إلى تلك الغرفة المظلمة لتنتظر تجار القلوب المستعملة لشرائها بأبخس الأثمان .

كان صديقنا مغرورا جدا بنفسه وكانت منافسته على اكتساب محبة قلب أي امرأة ضربا من الخيال ، كان كالحلم لكل رجل وامرأه ، فالرجال يحسدونه ويتمنون لو أنهم يكونون مكانه ، والنساء تتنافس على قلبه بكل شراسه .

في ذات يوم كنا نجلس في مقهى معه ، فنظرت حولي فإذ بسهام عيون النساء تتطاير من كل حدب وصوب لعلها تصيبه وهو يبتسم بكل غرور وكبرياء وينظر إلينا مشفقا على حالنا ويتمنى لنا أمنيات كاذبة بأن نحظى بقليل من الاهتمام الذي هو حكر عليه أينما ذهبنا .

سألته وقد طفح الكيل عندي : (( أليس لقلوب الناس قيمة عندك ؟ )) .

أجابني مستهزئا : (( ياصديقي إن القلب الذي لا أملكه هو الأغلى ولكن إذا امتلكته لم يعد له أية قيمة عندي فأضعه في غرفة القلوب المستعملة لبيعه لأي عابر سبيل من تجار القلوب المستعملة فلم يعد لي به حاجة )) .

الغريب في صديقنا (( زير النساء )) أنه لا يتورع بمداهمة أية امرأة سواء أكانت مرتبطة أم لا ، بل إنه يتلذذ ويستمتع بشكل أكبر عندما يصطاد امرأة مرتبطة ويكون لهذا الانتصار مذاقا مميزا لديه .

يقتله مشهد العاشقين ولايرتاح له بال إلا بافساد ذلك المشهد ، لذلك دائما تكون أولوياته في مداهمة العشاق ، وهذا ما حدث فعلا عندما كنا في المقهى ، إذ أنه لم يكترث لكل سهام الفتيات من حوله ولفت انتباهه فقط رجل وامرأه كانا يجلسان في أحد زوايا المقهى وقد تعانقت أكفهما بحرارة وصدق حتى أنني اعتقدت أنهما لن يتقابلا مجددا بعد ذلك .

قال صديقنا زير النساء : (( انظروا يا أصدقائي الأعزاء كيف سأسرق قلب تلك الفتاة العاشقة فهي على ما يبدو قد أخطأت كثيرا في حقي فكيف لها أن توجه عشقها بكل تلك الحرارة لذلك الابله وأنا موجود هنا ؟ )) .

كم تعجبت من غرور وغطرسة وأنانية صديقنا (( زير النساء)) ، ولكني كنت أتمنى في تلك اللحظة أن تستطيع تلك المرأه أن تهدم غروره وكبريائه وتجعل منه مدعاة لسخرية الجميع من حوله ، فعلا كم كنت أتمنى هذا .

بدأ صديقنا يخبرنا بأن نترقب كيف سيتمكن من إيقاع تلك المرأه في مصيدة حبه من النظرة الأولى ، وبدأ باستخدام كل مهاراته وابداعاته السخيفة في سبيل ذلك ، وبدأنا نترقب بشغف ماذا سيحدث ، وبذات الوقت النساء من حولنا لا يزالون يحاولون جذب انتباهه إليهن ولكن هيهات هيهات فصديقنا مشغول بمداهمة العاشقين وإفساد خلوتهم .

وانقطعت لحظات الترقب تلك بجرس هاتف ذلك الرجل وفي تلك اللحظة بالذات نظرت المرأة من حولها فوجدت صديقنا (( زير النساء )) ينظر إليها بكل اهتمام ويرسل إليها رسائل خفية في نظرات عيونه محاولا إغوائها ، فنظرت إليه تلك المرأة للحظات وإذ بها تنتفض من جلستها وتتناول فنجان القهوة الذي كان أمامها وتقترب نحونا بخطوات واثقة وصديقنا في تلك اللحظات أصبح في قمة سعادته ويستعرض أمامنا بكل فخر على قدراته الخارقة ويقول : (( ألم أقل لكم أنه لا توجد من امرأة تستطيع مقاومتي )) ، أما أنا فكنت في تلك اللحظات في قمة حزني وتعاستي على تلك المرأة التي ستهدم بنيان عشق صادق وتستبدله ببهرج خداع .

وما أن وصلت تلك المرأة لطاولتنا حتى رددت بأعلى صوتها كلمات كانت كقنبلة مدوية هزت أرجاء المقهى وزواياه (( أنت شخص وقح يا هذا )) ساد الصمت المكان والجميع في صدمة وذهول لما يحدث ، ولكنها تقطع ذلك الصمت وترمي بفنجان القهوة الساخن عليه بكل شموخ وعزة وثقة بالنفس ، صمت الجميع للحظات انتهت سريعا بتعالي ضحكات السخرية والاستهزاء من كل من كان في المقهى ونحن ضحكنا معهم على صديقنا (( زير النساء )) .

ثم وضعت يدي على كتفه وقلت له : (( جاء دورك يا صديقي لدخول غرفة القلوب المستعملة ولكني لا أدري من سيرغب بشراء قلبك بعد الآن )) .

الاثنين، 1 فبراير 2010

زوجة صديقي وزوج صديقتي

مما لاشك فيه أن ما سأتحدث عنه اليوم له علاقة كبيرة بصفة ملازمة للبشر وعلى الرغم من إني أعتبر أن وجود تلك الصفة في حياتنا ليست بالضرورة بالأمر السلبي ولكنها وبكل أسف في العديد من المواقف تكون سلبية وقد تصل في بعض الأحيان لمرحلة مرضية مزمنة .

هذه الصفة هي الغيرة التي تحدث بين الناس وحديثي عنها هنا سيكون في الغيرة التي تحدث بين مجتمعات المتزوجين وما قد يحدث بسببها من مشاكل قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الطلاق .

سأبدأ بالحديث عن زوجة الصديق وهنا نجد أن كثيرا من الرجال يكونون معجبين أشد الإعجاب بكل ما يتعلق بزوجات أصدقائهم سواء كان بالمظهر أو بالسلوك مع أزواجهن وأولادهن أو الاعجاب الشديد بهن كربات منزل في نظافة بيوتهن وقدرتهن على إعداد مختلف أنواع الاطعمة والحلويات وغير ذلك ، أو قد يكون ذلك الإعجاب متولد بثقافتهن وذكائهن .

المشكلة ليست هنا تحديدا وإنما تبدأ المشكلة عندما يبدأ الرجل بمقارنة زوجة صديقه بزوجته ويصل إلى قناعة أن زوجة صديقه أفضل سواء بكافة الأمور التي ذكرتها أو في بعض الجوانب منها ، ولابد من التأكيد على نقطة مهمة أن ذلك الرجل قد لايكون بالضرورة قد شاهد زوجة صديقه ولكن قد يكون الصديق ثرثارا بشكل مستفز ويستمتع بالاستعراض بمزايا زوجته أمام صديقه وقد يحدث ذلك بشكل عفوي أو مقصود ولكن هذا لا يهم لأن العواقب في النهاية لن تختلف .

وتبدأ المشكلة تتطور عند ذلك الرجل فيغار من صديقه كثيرا ويحسده على حظه السعيد وبذات الوقت يلعن حظه العاثر بسبب أنه لم يوفق بالارتباط بمرأة كزوجة صديقه وليس هذا وحسب فتصبح زوجته ككابوس مرعب في حياته ويتطور الامر تدريجيا فيبدأ بالاعلان عن تلك المقارنات أمام زوجته والحديث عن إعجابه الشديد بصفات تلك المرأه وقد يتحسر أمام زوجته أو قد يلومها ويعاتبها أنها ليست مثل تلك المرأه .

وقد تتطور الحالة عنده كثيرا فتصبح زوجة صديقه هي حلم وردي يتمنى لو يحظى بمثله وعندها يبدأ بالنفور من زوجته على الرغم من محاولاتها العديدة في إرضائه ولكن دون جدوى ، فتتحول حياتهما إلى جحيم لا ينتهي في بعض الحالات إلا بالانفصال بعد أن يكون ذلك الرجل قد دخل في مرحلة مرضية متأخرة جدا في هيامه بذلك الحلم الوردي الموجود في زوجة صديقه ، ولا أستغرب أن يتحرش بزوجة صديقه بعد أن يكون قد وصل إلى تلك المرحلة .

أما زوج الصديقة فقد لا تكون الحالة هنا مختلفة عن سابقتها بالحديث عن صفات زوج مثالي تكون في أغلب الحالات بعيدة عن الواقع قليلا ، ولكن الزوجات قد لا يعلن بشكل مباشر أمام أزواجهن ذلك الاعجاب بسبب ردود الافعال العنيفة التي قد تصدر عن أزواجهن ، ولكن من وجهة نظري في هذه الحالة أن بعض النساء لا يكون محور حديثهن مع صديقاتهن إلا عن أزواجهن وفي بعض الأحيان يكون الموضوع خطيرا جدا بسبب الخوض في الحديث عن تفاصيل حميمية كنوع من المباهاة والاستعراض بمحبة أزواجهن لهن ، ولايدركن ما قد يتسبب فيه الخوض بمثل هذا النوع من الأحاديث في التأثير على صديقاتهن ، والمشكلة هنا تحديدا أن المرأة بخلاف الرجل قد لا تثير مشاكل في المنزل ولكن قد تبدأ بالنفور من زوجها بشكل غير مباشر وبذات الوقت قد تبدأ بالتقرب من زوج صديقتها الذي في أغلب الأحيان إذا شعر باعجاب تلك المرأة به لن يتورع أبدا عن التحرش بها وهنا تكون الكارثة .

خلاصة الكلام أنني ضد المبالغة في الخوض بالاحاديث عن مزايا وصفات الازواج والزوجات أمام الاصدقاء ، فلست أرى من وراء ذلك أية منافع قد تعود على العلاقة الزوجية ، المهم هو اقتناعكم أيها الأزواج ببعضكم ولذلك لا تنظروا إلى غيركم إلا بحدود إيجابية قد تخدم في تدعيم روابط علاقاتكم الزوجية وليس أكثر من هذا .

ولا تكونوا كما يقول المثل : (( كل الزوجات أجمل من زوجتي )) وسأضيف عليه أيضا : (( وكل الازواج أجمل من زوجي)) ، بل عليكم أن ترددوا شعارا واحدا فقط وهو : (( زوجي وزوجتي أجمل من كل الأزواج )) .