الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

صورة حبيب الماضي المزيفة

بينما كان يجري جولته التفقدية المعتادة على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي الأول على الشبكة العنكبوتية (( الفيس بوك )) لاحظ وجود رسالة في بريده الخاص تحمل توقيع فتاة يبدو من حروف اسمها أنها (( بولنديه )) .

وبالفعل كانت توقعاته في مكانها ، فلقد كانت الفتاة بولندية الأصل (( لندنية الإقامة )) ولم تتجاوز رسالتها الفقرة الواحده ، تحمل بين حروفها عرضا بمشروع تعارف وصداقه .

لم يشعر كثيرا بالاستغراب من تلك الرسالة ، والسبب هو عنوان إقامته الوهمي المعلن على بطاقة تعريف هويته في ذلك الموقع الالكتروني ، فهو يدعي أنه موجود في بولندا على الرغم من أنه لم يذهب مسبقا إليها ، ولكنه تعمد فعل ذلك على أمل إيجاد حبه الضائع من فتاة بولندية رحلت من حياته بسبب ظروف عائليه .

يجيب على فقرة رسالتها الواحدة بتساؤل واحد ، فيما إذا كانا يعرفان بعضهما البعض من قبل هذه الرساله ؟

فتكون إجابتها أن فضولا أصابها لمعرفة قصة تواجده في بولندا ، فيجيبها دون تردد أنه في مهمة بحث عن حبه الضائع ، فتتمادى في فضولها ليروي عليها تفاصيل تلك القصة بحذافيرها ، وتعرض عليه المساعدة في إيجادها من خلال بعض المواقع البولندية المتخصصة في التواصل الإجتماعي .

ولكن عدوى الفضول بدأت تدريجيا بالانتقال إليه لاستكشاف بعض التفاصيل المتعلقة بحياتها ، لتبدأ بعدها الرسائل تتراشق من هنا وهناك ، وليكتشف كلاهما مدى تشابه التجارب العاطفية السابقة التي كانت في حياتهما ، فهي كانت تحب شابا عربيا كذلك خلال سنوات دراستها الأولى في (( انجلترا )) ولاتلبث مع مرور الوقت بالإفصاح له عن كل تفاصيل تلك العلاقة وكيف كانت نهايتها بسبب اختلافات الثقافات والعادات والتقاليد التي أحدثت الشرخ الذي أطاح بذلك الحب من جذوره .

مع مرور الوقت والأيام أصبح كل منهما يرى في الآخر مرآة معكوسة لصورة الحبيب السابق ، واسترسلا في خيالهما معتقدان أنهما يعيشان علاقات حبهما الضائعة من جديد ، إلا أن الاختلافات سرعان ما بدأت بالظهور ولم تكن في العادات والثقافات فقط ، بل كانت أيضا بالشخصيات التي لم يكفي فيها تطابق جنسية حبيب الحاضر ليكون صورة طبق الأصل عن حبيب الماضي .

وهكذا انتهت الحكاية بشكل سريع بعد أن اكتشف كلاهما أنه صورة مزيفة لحبيب الماضي الذي لن يعود .

ولكن التساؤل يبقى مطروحا في سلوكيات العديد من الأشخاص الذين يستمرون في البحث عن مواصفات تتشابه مع حبيب سابق سواء كان ذلك في الشكل أو المهنة أو الجنسية (( النشأة البيئية )) ، معتقدين أن التطابق في مثل هذه الأمور يضمن التطابق في الخصائص الشخصية من الداخل ويضمن كذلك التناغم الفكري الذي يكون قد حدث في السابق .

كثيرة هي الحالات التي نجد فيها أن شخصا كان يحب مضيفة طيران على سبيل المثال وبعد انفصالهما لا يبحث إلا عن مضيفة طيران أخرى ليرتبط بها ، أو فتاة كانت تحب طبيبا ولم يجمعهما النصيب في بيت واحد ، فتجدها وبشكل عفوي أو مقصود لا ترتبط بعدها إلا بطبيب آخر .

وعلى ذلك نستطيع القياس لكثير من الحالات الأخرى سواء في البحث عن ملامح شكلية متشابهة للحبيب السابق ، أو من خلال البحث عن أصول بيئية متطابقة تضمن تواجد نفس العادات والتقاليد في الحبيب الجديد ، فإذا كان الحبيب السابق أسمر البشرة فيبقى الإصرار في التجارب اللاحقة على الأسمر ولا أعتقد أنه من الممكن البحث عن رديف لذلك الحبيب من خلال شخص أشقر ، وكذلك فإذا كان الحبيب السابق من الريف فلن يتم البحث في التجربة اللاحقة عن حبيب من المدينة ، والحالة ذاتها تنطبق عند الحديث عن البيئات المتشابهة على مستوى الأقطار والبلاد .

ولكن لماذا لا يتجنب الأشخاص في أثناء بحثهم عن حب جديد تلك الخصائص المتشابهة للحب القديم ؟

ألا يعتبر فشل العلاقة السابقة مسوغا للبدء من جديد في علاقة يكون بطلها أو بطلتها على النقيض التام لمواصفات الحبيب السابق ؟

السبت، 28 أغسطس 2010

ورق الورد

منذ زمن ليس بالبعيد ، كنت أعتقد أن صمت المرأة يوحي بالإيجاب والقبول عند سؤالها عن إبرام معاهدة عشقيه ، أما الآن فبدأت أقتنع أن لصمتها أسبابا ومسببات أخرى ، تحمل في ثناياها بشائر الرفض التي تأبى أن تكون مسموعه ، بسبب خوف أو خجل أو حرج ، من جرح مشاعر بريئة ليس لها في كل ذلك من ذنب .

نعم لقد كرهت كل الجمل الضبابية التي تحجب الرؤية الإدراكية عن كل مسارات اليقين ، كي لا أنزلق مجددا في منحدرات الشك والاحتمالات المتعدده ، فلقد سئمت لعبة تمزيق أوراق الورود التي عادة ماكانت تنتهي بورقة إجابة النفي القاطع في (( أن امرأتي لا تحبني )) .

مشكلتي كانت دوما مع عالم النساء أنني لم أصادف امرأة تتقن قراءة احزاني ، فأنا لم أكن أبحث عن امرأة ذات منصب وجمال ، بل كنت أريدها بحجم أحلامي التي لم تتعد تلك الروح الهائمة التي كانت تبحث عن الدفء والحنان .

ما كان يحدث معي أنني كنت دائما أنا الطبيب الذي يتوجب عليه أن يبذل أقصى مجهود ممكن لإنقاذ حياة مريض كان يكتفي بعد تعافيه من سقمه وأحزانه بمجرد وداع بارد .

وفي أحيان أخرى كنت كالبنك الذي يقدم قروضا غير قابلة للاسترداد ، فيضطر المستفيدون منها أن يجاروا متطلباتها ولايفكرون أبدا بمحاولة إعادة تسديدها ولو حتى بكلام كاذب .

وبعد أن اتخذت قرار العزلة عن كل النساء ، شاءت الأقدار أن نلتقي بطريقة أغرب حتى من الخيال ، وكنت لا أصدق نفسي أني التقيتك بعد كل هذا العمر من اليأس والخيبات ، ولكن تذكرت أن هذه الدنيا دوما تعاكسني في كل الاتجاهات .

لقاؤنا أتى في زمان انتهت فيه المعجزات ولم يعد فيه للقلب من سطوة على أحكام العقل والمنطق ، ولذلك أنا لا ألومك لأنك كنت ترفضين مصارحتي بحقيقة ماهو مكتوب على ورقة الورد التي كانت بحوزتك .

كم من الأسئلة التي تثور في عقلي في هذه اللحظات ، ولا أدري إن كنت أرغب بمعرفة الإجابة عليها ، ولكني لن أصمت عنها بعد الآن .

فلست أدري إن كان صمت النساء يعني القبول أم الرفض ؟

وهل هو حقا ضعف أم قوة ؟

لماذا يأتي هذا الصمت في أوقات مصيرية ؟

ولماذا لا يستطيع الرجال في المقابل مبادلة ذلك الصمت بصمت مشابه ؟

أهي قوة الرجال في مثل هذه المواقف ؟

أم هي لوعتهم أمام النساء عند انتظار إجابة مصيرية ؟

أعتقد أن لعبة أوراق الورد ليست إلا محاولة يائسة يتم من خلالها الهروب إلى عالم الأحلام التي ستبقى دوما مستحيلة .

الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

مشاهداتي الرمضانية

المشهد الأول :

إشارات مرورية على الرغم من كفاءة عمل الضوء الأحمر فيها إلا أنه أصبح عاجزا عن منع تدفق السيارات التي لم تعد معنية بالتوقف عنده (( فالصيام لا يقف عند الضوء الأحمر )) .

المشهد الثاني :

مستهلك لايمكن حمايته بتوعية ولا إرشاد ، فمعدته تشبه المرأة الحامل في فترة (( الوحام )) ، ولديه استعداد في جلب لبن العصفور لها ، وسيتجاوز في سبيل ذلك كل قوانين التسعير التي ستفقد توازنها سريعا بين حجم الطلب المطرد في الارتفاع وحجم العرض المصطنع في الانخفاض من خلال ممارسات احتكارية لايتم اتقانها إلا في شهر الصيام .

المشهد الثالث :

موظف في مواجهة مباشرة مع مواطن يلتمس الإسراع في تلبية خدمته وحاجته ، ولكن برنامج ختمة القرآن الكريم الذي اجتهد الموظف في إعداده ، يتطلب من ذلك المواطن الخشوع في الإنتظار حتى لايكون سببا في حرمان الموظف من الأجر والثواب .

المشهد الرابع :

أشخاص مواظبون على صلاة الجماعة في المسجد طوال العام ولكنهم كلما حضروا للصلاة في شهر الصيام يبدأون بهز رؤوسهم وقلب شفاههم مستنكرين صفوف المسجد التي لم تعد خالية ، فيصلون على الحبيب المصطفى أمام الجموع ، وعند خلوتهم بشياطين أنفسهم يستهزئون بكل من لم يكن في صلاة الجماعة قبل رمضان ويطلقون أحكامهم بأن هؤلاء يعيشون نزوة إيمانية عابرة ستكون سريعة الزوال .

المشهد الخامس :

مفرقعات تفيض بها (( دكاكين الحارة )) ولاتباع إلا للقاصرين والأطفال ، وعلى كل سيارة تعبر شوارع الحارات ليلا في رمضان أن تكون مطمئنة لصوت ( الطرقعة ) الذي سينبعث من أسفلها ، فليس السبب في ذلك عطل في إحدى محركاتها بل سببه العطل الذي أصاب عقول أهالي هؤلاء الأولاد في التوجيه والتربيه .

المشهد السادس :

أساليب الدعاية والترويج تلاحق كل المناسبات على مدار العام ، وفي رمضان تكون كتيبات (( الإمساكية )) هي أبرز تلك الوسائل المستخدمة في التسويق لمختلف السلع والمنتوجات ، ولكن في هذا العام كان (( للإمساكية )) مآرب دعائية أخرى تهدف للترويج إلى فروسية الفرسان المرشحين لاجتياز بوابات قبة مجلس الأمة في سباقها الانتخابي المرتقب .

المشهد السابع :

اختصارات بلغت ذروتها في التواصل بين الأصدقاء في شهر الصيام ، فبعد أن كانت لا تتم إلا بوليمة إفطار تجمعهم ، بدأت تتحول بشكل تدريجي إلى مكالمات تهنئة بقدوم الشهر الفضيل وما لبثت أن أصبحت تتم برسالة الكترونية أو هاتفية من خلال مرسل واحد ومجموعة من المستقبلين الذين يتم اختيارهم من ذاكرة الأسماء التي غيرت مكان إقامتها من عقل بشري كان يحفظها إلى عقل هاتف أو حاسوب لايكترث بأمرها .

المشهد الثامن :

بنات الحاره عدن بسيارات عملاقة تحمل لوحات الدول النفطية و بلاد العم سام ، و أولاد الحارة يجلسون على السور ذاته ، منتظرين موسما رمضانيا آخر ، يمكنهم ولو لمرة واحدة في حياتهم من التفوق على بنات الحارة في لعبة تحقيق الأحلام .

السبت، 14 أغسطس 2010

قاعدة التاجر المفلس

(( التاجر بس يفلس بيرجع للدفاتر القديمة ))

عندما تغلق الحياة أبوابها في وجوهنا وتصدمنا بواقعها المختبىء وراء ستار أيام المستقبل ، نجد أنفسنا نهرب وبشكل لا إرادي للبحث عن ذكريات الماضي علّها تعيد لنا بعضا من الأمجاد التليدة التي كنا نتباهى بها .

وفي لحظة اجتياح مشاعر الضعف والانكسار ، يبدأ شريط ذكريات الإنسان بالعودة إلى المواطن التي كان يتسيّد بها نشوة أيام سارت في دوامة رياح رغباته كما كان يشتهي وأكثر .

فذلك عجوز يتحسر على أيام شبابه ، وذلك فقير معدم يفتقد أيامه الخوالي ونقوده التي تراقصت طويلا في جيوبه ، وهناك تتوقف أمام المرضى وهم يتأملون تاج الصحة على رؤوس الآخرين و يتذكرون أيام صحتهم وعافيتهم ويتمنون لو أنها تعود مجددا ، ولكن توقفك الطويل يكون أمام دعاء تلك الأنثى التي ذهبت إلى صلاة التراويح لأول مرة في حياتها بعدما بدأ العمر يهرول مسرعا بها دون زواج ، فهي تجاوزت الآن الثامنة والعشرين من عمرها وتشعر بندم شديد على ذلك الرجل الذي أصرت على رفضه في الماضي وتعذيبه بشتى الوسائل والأساليب بحجة أنه يتوجب عليه أن يجتهد في سبيل الوصول إليها ، فيكون بذلك جديرا بالارتباط بها .

القصة تعود جذورها إلى أكثر من عشرة أعوام عندما كان ذلك الشاب يتغيب عن المحاضرة الأخيرة في جدول دوامه الجامعي ، لكي يتمكن من رؤيتها وهي تغادر بوابة المدرسة التي كانت ستغادرها وإلى الأبد بعد عدة شهور ، فهي في السنة الدراسية الأخيرة و ليس لديها طموحات كبيرة في إكمال تعليمها الجامعي وتفضل فرصة ارتباط ذهبية مع رجل كامل الأوصاف المادية والعاطفية ، وكان ذلك الشاب بالفعل يرضي طموحات أحلامها العاطفية ولكنه لم ينجح بعد في اختبارات طموحاتها المادية .

وهي كانت تدرك تماما بمجرد النظر في عينيه أنه لن يبتعد عنها أبدا وسيستمر في ملاحقتها واستجداء موافقتها على الارتباط به ، ولكنها قررت وبدهاء أنثوي لا يخلو من المخاطره ، أن تتحدث مع هذا الشاب على الهاتف وتكتشف شخصيته أكثر وبذات الوقت لكي تتمكن من استدراجه في معرفة وضع عائلته المادي .

وبعد أن تمكنت من معرفة كل ماكان ينقصها من معلومات ، استنتجت أن هذا الشاب لن يرضي طموحاتها المادية ولذلك قررت أن لا تتكلم معه مجددا وأن تبتعد عن حياته وبدون سابق إنذار ، وتزامن قرارها هذا مع نتائج الثانوية العامة التي لم تؤهلها إلا لدخول معهد إداري لعلوم السكرتاريا .

سخرية المصادفات تقود ذلك الشاب إلى التواجد في شارع ذلك المعهد في يوم من الأيام ليشاهدها وهي تخرج من هناك ويعيد قصة انتظاره لرؤيتها مجددا بعد خروجها من بوابة المعهد كما كان ينتظرها في كل يوم أمام بوابة المدرسة .

ولكنها في هذه المرة لم تحاول أبدا النظر في عينيه لأنها مطمئنة لحبه وهيامه المطلق بها ، وبذات الوقت فهي تجد في المعهد بعض الزملاء الذين قد يتمكنون من إرضاء متطلباتها المادية والعاطفية معا ، ولذلك فهي لن تغامر مجددا بالتحدث مع ذلك الشاب بل ستكتفي بوقوفه منتظرا أمام البوابات وستبدأ هي رحلتها في البحث عن رجل بأبعاد ثنائية متناسبة مع طموحاتها .

الشاب عاجز عن فك رموز سلوكياتها الغريبة معه ولكنه قرر أن يتخذ الخطوة الحاسمة ويتقدم لخطبتها ومع أنه كان لايزال على مقاعد الدراسية الجامعية ، إلا أن أمنياته البريئة جعلته يعتقد أنها ستفرح بتلك الخطوة وتتأكد من صدق مشاعره ومحبته لها ، ولكن والدته وبكل أسف عادت وهي تحمل وراء ظهرها إجابة الرفض وحاولت أن تراوغ ولدها كثيرا في معرفة تلك الحقيقة خوفا من الحزن الذي سيصيبه إذا علم بأنها ترفضه ، إلا أن مرور الوقت والأيام دون قدوم والدتها لزيارة محتملة لوالدته كانت كفيلة بمعرفته للحقيقة .

خمسة أعوام تمضي فيلتقيان مجددا في ( سوبرماركت ) ، هي تعمل فيه كأمينة صندوق وهو أصبح موظف في بنك مرموق ، هي لاتزال دون زواج ، وهو قد تزوج وأصبح لديه أولاد .

تفرح برؤيته وتشكر رب العالمين الذي استجاب لدعواتها في صلاة التراويح ، تتظاهر أمام الشاب بأنها كانت تعتقد أنه خارج البلاد ، وهو ينظر لها ولايصدق مايرى ، فبعد كل الجفاء والرفض والمحاولات الفاشلة في الوصول إلى قلبها ، تعترف هي الآن وبكل بساطة أنها لم تتزوج لأنها كانت بانتظار عودته من السفر ، ولكنه يخبرها بحقيقة لم تكن تتوقعها ، في أنه قد تزوج وأصبح لديه أولاد ، فتنظر إليه نظرتها المعتادة وتقول له : (( أنتم الرجال لا تعرفون معنى الحب ، فلو كنت تحبني حقا كما كنت تتظاهر لما تزوجت أبدا غيري ، ولبذلت مجهودا أكبر في محاولاتك للوصول لي والإصرار على الإرتباط بي ، ولكنك لم تكن تحبني )) .

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

زمردة ومنتديات هنا العراق


يقولون : (( رب صدفة خير من ألف ميعاد )) و لكن سخرية المصادفات وبعد تواطئها مع محرك البحث العملاق ( جوجل ) كانت تضرب لي موعدا لاكتشاف أمر لربما كنت أفضل عدم اكتشافه ، وعلى الرغم من أنني لا أنكر غضبي الشديد لما حدث ولكن ليس هدفي من الادراج مهاجمة أي شخص ولكن هو مجرد تساؤل كنت قد سألته في إدراج سابق عن هوية هذا المجتمع الذي لم تعد له من معالم واضحة ، وعلى مايبدو أنني بدأت اكتشف الإجابة ، فالخلل ليس بالمجتمع بل بالأفراد الذين يتشبثون بتقليد كل مايصادفونه في طريقهم دون مجرد المحاولة لتمييز شخصياتهم وأفكارهم الخاصة .

أنا صدقا لست ضد أي شخص يقرأ مقالا في أي مكان وتعجبه فكرته ويبدأ بالانطلاق والبناء من خلال تلك الفكرة في صياغة مقال يعكس شخصية ذلك الإنسان وطريقة تفكيره ووجهة نظره ولكن أن يقوم بنسخ مقال بكامله ويضعه في منتدى ولايشير أن ذلك المقال منقول ، فهذه السلوكيات إنما تدل على أن العرب يريدون أن يحصلوا على كل شيء دون بذل أي عناء أو مجهود .

(( زمردة )) و هو بالتأكيد اسم مستعار لتلك المشرفة الموجودة في منتديات هنا العراق ، والتي وبكل أسف قامت بنسخ ثلاثة إدراجات من مدونتي ووضعتها كمشاركة في المنتدى ودون أن تذكر أن تلك المواضيع منقولة والغريب أنها كانت تتلقى تعليقات الاعجاب من المعلقين بكل سعادة وكأنها هي من كتبت تلك الادراجات .

حقا شيء مؤلم جدا ، أنا أردت فقط أن أبعث برسالة لجميع زملائي من المدونين والمدونات بضرورة توخي الحذر من تعرضهم لتلك الممارسات وبذات الوقت لكي أؤكد أن المجتمع العربي الكبير طالما تواجد فيه أشخاص يريدون أن يحصلوا على كل شيء دون مجهود فسنظل في هاوية المذلة إلى أبد الآبدين .

هذه روابط المشاركات المسروقة من مدونتي والتي تم وضعها في منتديات هنا العراق من قبل المشرفة (( زمردة )) على اعتبار أنها صاحبة تلك المواضيع :
- حرب غير متكافئة على قلب امرأةhttp://www.iraq-here.com/vb/showthread.php?p=215565

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

ذكريات الغروب

في رمضان كلما بدأت الشمس بوداع السماء في ساعة الغروب ، تستيقظ ذاكرتي على أصوات أيام قادمة من ماضي ثلاثة عقود ، أولها طفولة بريئة وأوسطها مراهقة طائشة وثالثها رب أسرة بمسؤوليات كبيره .

فساعة الغروب تمضي كعمر بأكمله بين لحظة انتظار إمساك كوب من الماء ليروي ظمأ العروق وبين شريط الذكريات الذي يعبر أمامي ثلاثين يوما في تقويم تعداد الأيام الطبيعية وتسعمائة سنة في تقويم ذاكرتي الانتقائية .

في طفولتي كنت أسابق الأيام لأكبر ، وفي مراهقتي أفرطت في ذلك السباق لأتزوج ، والآن أتجنب ذلك السباق الذي يقف على أعتاب خطوط نهايته شيخوختي أو موتي .

في رحلة ذكريات الغروب أشفق على مقاعد مأدبة الإفطار التي أتعبها الشوق لمن هجرها إلى سرير في جوف الأرض ، ولمن استبدلها بمقاعد الغربة بحثا عن راحة ظهور الأيام المنهكة من ( روماتيزم ) الأرزاق الذي استعصى علاجه .

في لحظات الغروب أواظب على تكرار حيرتي من تلك السياسة التي سئمت منها في إعادة البحث عن بدائل للأحلام المهدورة و البدء بشحذ عزيمتي والاستعداد لمشاريع تحقيقها مع نهاية الشهر الفضيل .

عند الغروب أتذكر ذلك الخنجر الذي طعنني وطعن العديد من النساء في معارك القلوب الدامية التي نشبت بيننا ، والتي كنت دوما عندما تضع أوزارها لا أشعر بنشوة النصر ولا بمذلة الهزيمة ، وإنما أحافظ على قناعاتي في أن الدنيا ( قسمة ونصيب ) ولن نأخذ منها إلا ما هو مكتوب لنا .

لا أنكر أنني كنت أحاول كثيرا الهروب من ذاكرة الغروب في رمضان إلى طوابير ( التمر هندي والسوس والليمون أوالقطايف والحمص والفول ) والتي تتكفل مشاجراتها اليومية في إخماد نيران ذاكرتي وإشعال فتيل لساني الذي يتورط في كثير من الأحيان فيها عندما تبدأ بشخص يقحم نفسه في بداية الطابور أو شخص تتعالى صيحاته للإسراع في تلبية الجموع الغفيرة قبل وصول المؤذن للمسجد ، ولكني عند احتدام وطيس تلك المشاجرات تنحصر أمنياتي في العودة إلى سجون معتقلات ذاكرتي التي لن أتورط فيها إلا بمشاجرة نفسي .

اللقاء مع ذاكرة الغروب في الماضي كان مرتبطا بالحزن على لحظات سعادة غرقت في محيط الأيام ولكن ذاكرة الغروب الآن لا تحمل في طياتها إلا الخوف من أن يكون حزن الماضي بمثابة سعادة وهناء عند مقارنته بالحاضر والمستقبل .

قد أكون اتخذت القرار في هذا العام للهروب من ذاكرة الغروب إلى طابور التدوين في مواجهة مباشرة بين صمتي وقلم بوحي لأنني أتمنى الانعتاق من ذكريات الغروب ، بل و أتطرف في أمنية ولادة ذاكرتي من جديد ولكني سأرفض أن تكون مرتبطة بعد الآن بلحظة الغروب بل أريدها مشرقة مع شمس كل يوم جديد ، لأتمكن من كسر كل قيود التشاؤم و أفلح في إبرام المصالحة بين أرادتي و استجابة القدر .

أحقا سيتمكن قلمي من قتل ذاكرة الغروب ؟

أحقا في الكتابة وحدها أستطيع حفر مقابر جماعية لذكريات أود التخلص منها ؟

كم أخشى من معاقبة نفسي بالصمت مجددا بعد أول جريمة كتابية سأقترفها ......

السبت، 7 أغسطس 2010

اعترافات رجل أناني

لقد كنت كاذبا في محبتك لها ، فأنت لا تتقن إلا محبة ذاتك ، كنت تخوض في رهانات مسبقة الفشل في جعلها أسعد امرأة في الدنيا ، ولكنك تمكنت وبكل جدارة من جعلها أتعس امرأة في الوجود ، ولم تجني من أنانيتك المطلقة وغرورك المتفشي في أوصال ذاتك إلا ذلك الفراق الذي ماكنت لترضى له من بديل .

كنت دائم الاستهزاء بأفكارها ، كثير الانتقاد لسلوكياتها ، تحكم إغلاق أبواب أية حوارات محتملة بحجة تواضع خبرة تجاربها الحياتية أمام تجاربك ، وكنت لا تلقي أدنى اهتمام لأية هموم تؤرقها أو أحزان تسكنها ، فمن وجهة نظرك أنها تفرط في الدلال وتحترف كيد النسوة لتفرض عليك مداعبة مسامعها بوابل من رسائل الطمأنينة في أنها لا تزال في عيونك المرأة الأجمل .

لم تكن تدرك أسباب رفضها في أيامكما الأخيرة للخروج بصحبتك إلى أي مكان عام ، فنظراتك التي كانت متعرجة المسارات في مطاردة النساء ، كانت مرصودة بعدسات عيونها التي سئمت تسجيل كل تلك المخالفات العاطفية التي كنت كعادتك تتمكن من المرواغة والاعتراض عليها عند أول مواجهة مباشرة قد تحدث بينكما .

كنت سريع الغضب إذا أدارت دفة الحوار بعيدا عن وصف سعادتها التي تحققت مع دعوات والدتها لها في ليلة القدر بأن يرزقها برجل أسطوري مثلك ، مع أنك في حقيقة الأمر لم تكن سوى الأسطورة المتسببة بكرهها لهذه الحياة .

كنت تتمكن بكل مكر ودهاء من زجها دوما في سجون اتهاماتك المنقوش على جدرانها عبارات تندد بالاصلاح والتغيير لطريقتها الفاشلة في حبك ، و رفضت الاستماع لكل استغاثات قلبها القادمة من وراء القضبان ، وتعمدت الإصرار على المكابرة في جبروتك وسطوتك وأنت تدرك تماما بأنها كانت بريئة ومتفانية في محبتك .

في صمتها كان مقتلك وفي لحظة تساقط دموعها كانت نشوتك ، وكنت لا تتوقف عن الوعيد والتهديد لأية أفكار متمردة قد تراودها في محاولة الإبتعاد عنك .

لم تكن تجهد نفسك في محاولات الغوص في أعماقها لتلبية احتياجاتها ورغباتها ، وفشلت في تطبيق مقولتك التي كنت دائم الترداد لها بأن الحب الحقيقي ينبثق من التضحية والإيثار وليس من كلام الحب والأشعار .

كنت في حقيقة الأمر شديد التأثر بفرضيات خبراء اجتماعيين يدعون أن الرجال الأنانيين أكثر نجاحا في علاقاتهم العاطفية ، فالمرأة بطبيعتها تعطي أكثر مما تأخذ ، وليس من الفطنة أبدا مبادلة الأدوار معها لأن ذلك سيؤثر حتما على إحكام سيطرة الرجل على مجريات العلاقة .

ألم تكن تخشى سقوط صورتك التي أحبتها في يوم ما مع كل دمعة تتساقط من عيونها ؟

ألم تكن تدرك أن الضغط يولد الإنفجار ؟ وأن حمم بركان الثورة على ظلم الحبيب ستندفع عاليا عند انصهار صخور المودة وانتشار سحب رماد الجفاء والكراهية ؟

أحقا كنت تعتقد بأنها لن تقدم على الإنتحار إذا أبى عنادك الإبتعاد عنها ليمنحها حرية الإختيار ؟

أم أنك كنت تتقبل فكرة التخلي عنها لرجل الموت وترفض أن تتخيل تواجدها مع رجل سواه ؟

الآن بدأت مشروع رحلتك في البحث عن تأشيرة عبور إلى قلب بديل تستوطنه دون شروط مسبقة ، فهل سترفض أنانيتك أية تنازلات ؟

أم أنك تريد البقاء مشردا بين قلوب النساء ؟

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

رمضان والصيف

مع نهاية الأسبوع الماضي اختلفت كل محاور الأحاديث في مجتمعنا ، فمن الشكاوي التي كانت تنحصر بالأسعار المطردة في الارتفاع وكيفية التعامل معها مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك ، أصبحت هواجس الخوف تسكننا من تتابع موجات الحر مع بداية الشهر الملقب (( باللهّاب )) والذي سيتقاطع بعد أيامه العشر الأوائل مع قدوم الضيف الذي لا يمكن تناول الطعام والشراب في أثناء تواجده بيننا في النهار حتى ولو كانت احتمالات الالتهاب الحرارية شديدة التكرار.

البعض بدأ يخطط من الآن لوجبات السحور التي ستساعد في إبقاء منسوب جيد من المياه المختزنة في الجسم مما سيساهم في تخفيف وطأة العطش التي ستبلغ ذروتها مع توسط الشمس لكبد السماء ، ولذلك فالترشيحات تنصب لصالح البطيخ في تصدر مكونات مائدة السحور لهذا العام .

البعض الآخر بدأ بالتذمر والشكوى في أن استمرار الأجواء الملتهبة سيضعف عزيمة صيام نظرات عيونهم ، والتي لن يتمكنوا من ردعها أمام المشاهدات الساخنة المحتملة ، من قبل بعض النساء اللواتي سيمتنعن عن الطعام والشراب دون التخلي تماما عن ارتداء ملابسهن شبه المتعريه .

أشخاص خائفون من الازدحام المروري الذي نعاني منه كثيرا في مثل هذه الأيام من السنة ، معتقدين أن الاختناق المروي والحراري المرتبط بجفاف الحلق وصراخ المعدة ستكون من العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع حالات العنف التي لا تحتاج إلى مزيد من المبررات للإرتفاع .

هنالك من قرر أن يتخذ من هذه الأجواء الحارة ذريعة في التخطيط لضبط نفقات ولائم الإفطار التي لامفر من إقامتها على شرف الأقارب والأصدقاء لتكون خالية من كل صنوف الدسم التي ستزيد من أعباء حرارة الأجساد المنهكة طوال النهار .

وكثير من الرجال اشترطوا على نسائهم مسبقا أنهم سيمتنعون عن الخروج من المنزل لشراء أية مستلزمات تتعلق بوجبة الإفطار إلا مع حلول الساعة الأخيرة من وقت غروب الشمس ولاتوجد أية استثناءات في ذلك إلا إذا كانت وليمة الإفطار المزمع عقدها من نصيب أهل الرجل وأقاربه .

أما أحاديث النساء فقد تركزت على وضع خطط طوارىء وبخاصة مع هذه الأجواء الحرارية المشتعلة لتجنب محادثة رجالهن في وقت الصيام خوفا من نشوب معركة طاحنة يذهب ضحيتها أثاث المنزل الذي سيتطاير في كل مكان و الخوف من تصاعد الأحداث بعدها إلى عراك وضرب قد ينتهي بطلاق محتمل .

في كل عام نفشل في تعلم وتطبيق أهم دروس هذا الشهر الفضيل في كيفية التحلي بالصبر ، فهل سننجح في هذا العام مع هذه الأجواء الحرارية التي لم نحتملها قبل رمضان بتعلم الصبر الذي نفتقده في حياتنا ؟

صدقا أتمنى ذلك ...........