السبت، 28 سبتمبر 2013

في وصف حبيبتي "2" تدوينات فيسبوكية



عند شفق السماء الأحمر ... التقيتها في الساعة السابعة الا حب ... وذهبت في الخيال بعيدا... ارسم تفاصيل انوثتها بالكلمات ... فتوارت عيونها المعتقة بلون العسل البري ... من خلف رموشها السمراء ... فخلعت الحياء بنظرة تتبعها نظرات ... لعلي اقطف من وجنتيها زهور التفاح ... وعندها تداعى ظمأ القلم بعد سنين عجاف ... الى وصف ثغرها الخجول الممتلىء ... وقامتها التي تسير بخيلاء ... وامتزجت الكلمات في شغف بين حواشي السطور البيضاء ... وهي تخط شعرها الغجري المنسدل ما بين عتمة كتفيها ... ولان محياها يشبه القمر في ليلة اكتماله ... وابتسامتها تجعل الشيوخ في عمر الشباب ... سألتها ان كنت أجدت في وصف انوثتها ... فقالت ... الثقافة لا ترضي الرجال  .

وعلى ذمة أنوثتها العازمة على البوح ... حدثتني في الثانية قهرا من بعد منتصف الأحلام ... عن أمنيات لها كانت في العشق ... منزل يجمعنا ... طفل يحمل اسمي ... ويتشكل بجينات الحب على ملامحها ... عن اشواق تذوب من بين مدارات الحواس ... كما يذوب في العيون الكحل الأسود ... في عمقها ضجيج ... حين تجرعت عشقا مع وقف التنفيذ ... لم يأت الا في ذات قدر متأخر ... وعلى الرغم من رائحة النساء العالقة في ذكرياته ... اخترق بجنونه سحاب أنوثتها الأبيض ... وأمطرها حبا على لوحة السماء ... كي تشهد الدنيا بما فيها ... أنها في عينيه " ست النساء " ....

ونثرت عشقك فوق حبات الرمال ... وأقسمت أنها كجميع النساء من بعدك ... فوسوس لك شيطان الشك بحبي ... ولم تستعيذي برميه بعيدا بثلاث جمرات ... ووقفت حائرة أمامي ... ووقفت واثقا بالعشق من أمامك ... وأخبرتك عن صدق إيماني ... بحب من الهمسة الأولى ... والكلمة الأولى ... والحرف الاول ... فضحكت بعفوية كالأطفال ... واندهشت انوثتك من حب لا يأتي بعد نظرة عمياء ... فالأذن لا تعشق قبل العين أحيانا ... والروح حتما لن تروي ظمأ الرجال ... فكيف ... وأين ... ولماذا ... ومتى ... أحببتني يا هذا ... فصافحت ثغرها بأناملي ... قبل أن تذكر ما نسيت من حروف التعجب والاستفهام ... وقلت لها " لا إكراه في الحب يا صغيرتي " فلماذا تلحين بالسؤال ؟؟

وفي عينيك تشكلت بحور الشعر ... واجتهد الشعراء في نظم القوافي ... وبين مقلتيك تعلمت قواعد الغزل ... وتاريخ العشق ... قبل هابيل وقابيل ... وبعد نزار ودرويش ... فطوبى لحور يسكن ما بين الأهداب في جفنيك ... يقتلني ويذبحني ويرميني في سماء عينيك الأزرق ... ولكن بالله عليك لا ترمشي كثيرا ... قبل أن أكتب رواية لا تكون مستحيلة في حب لم تجده غاده ... ولا بذاكرة مثقوبة بالخيبات كذاكرة أحلام ... دعيني أعشق عينيك على مهل ... فأنا للتو قد بدأت الحياة  .

ولأجلك أحببت كل اسم مؤنث ... وكل ضمير متصل بنون النساء ... فدعيني أقبل البطن الذي حملك ألفا ... واليد التي مسدت جبينك في الخضاب ... فبعد مجيئك الى الدنيا ... ضحك الأطفال والشيوخ والرجال ... وأمطرت الغيوم حبا وعشقا وجنونا ... ورقصت الطيور بأهازيج الغرام ... وتمايلت من ورائها أغصان البلوط والسنديان ... وانحنت طائعة للحب أزهار النرجس واللبلاب ... وابتسم البدر في ليلة ظلماء ... وتوسدت مراكب الهوى على ضفاف اليم الأزرق ... وارتفعت أعمدة السماء بسقف من الأمنيات والأحلام ... فقولي لي يا حبيبتي ... كيف يتضافر الكون بأسره في حبك ؟؟

لمتابعة صفحة الكاتب أشرف الناصر على فيس بوك ... الضغط بلايك بعد دخول الرابط التالي : 
https://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1/425572617560773?hc_location=timeline 

أهلا وسهلا بالجميع ونتشرف بزيارتكم يا اعزائي :) 

الخميس، 8 أغسطس 2013

كل يوم وأنتم بخير

لا تدري كيف تنتقي حروف معايدتك ، ففي كل عام تغمرك نفحات التفاؤل ، وتجفف دموع العين كذبا وتدعي أن القادم لعله يكون أجمل ، ولكن الأحداث تجري سراعا في عالمك العربي بزخم غير مسبوق ، منذ ذلك اليوم الذي أحرق فيه " البوعزيزي " نفسه .
أرجوك لا تعتقد أنك في خضم الحديث عن مقارنات " ما قبل وما بعد " فليس ما كان بخير من الذي حضر ، إلا أن العديد من المشاهدات باتت تؤلمك وتؤلم كل من ألقى قلبه في مواجهة مباشرة مع ما تشاهد وتسمع في كل يوم ، بل في كل ساعة وبضع من دقائق . 
لن تختص بالحديث عن بلد بعينه ، بل على مداد السطور الآتية ستروي كيف استحال الإنسان العربي إلى آلة تدار ببطارية القمع وإقصاء الطرف الآخر ، وليس هذا فحسب ، بل لعلك تتجنب الإسهاب في تفاقم مشكلة الأخلاق واستفحالها إلى كارثة تكاد تودي بشعبك إلى غياهب التهلكة والإنقراض . 
ولست هنا كي تلعب دور مصلح إجتماعي وتقترح حلولا مثالية للمشكلات ، ولكن قد تحاول التأمل برهة بوقتك الثمين الضائع في حوادث سير قاتلة ومشاجرات جماعية بالجملة و مشاكل عائلية لا تعد ولا تحصى ، منها أسباب نفسية وأكثرها تعود في الأساس لقلة الحيلة وضنك العيش . 
أطفال تتسول في كل مكان ، في الشوارع وخلف أعمدة الشاخصات المرورية ، وأطفال يتامى بسبب حروب بين الإخوة الإعداء ، وأطفال تنتهك براءتهم بمظاهرات واعتصامات لتأييد أنظمة قمعية أو الصراخ في وجه أحزاب وتيارات سياسية أو دينية ، وأطفال تقف خلف أهلها تحت مظلات أسواق الباعة المتجولين ، لتكمل سيرتهم الأولى في البؤس والشقاء . 
وكل هذا ولا تزال تشكو جرحا انت حتما صاحبه ، فأنت عدو الجهل والتطرف والمغالاة والعنصرية والفقر والتخلف ومن يقبضون الدين من أطرافه ويستمسكون بقشوره دون لبابه ، وتستغرب كيف استحال الحقد والغل بين أبناء جلدتك حتى أصبح الكلام ذنبا يستدعي حمية الجاهلية في نفوسهم .
ربما يجدر بك أن تمحص في دواخل نفسك وتستجدي منها المحبة والمودة ، وعندها قد تكتمل الدائرة بينك وبين الناس ولا تخشى أن تبادلهم تهنئة على مدار العام ، وليس بالخوف من غد قريب يستدعي أن تقول لهم بحذر وجزع " كل يوم وأنتم بخير " . 

الجمعة، 2 أغسطس 2013

عفوا ... إحراج

كان في نيتي الإستعانة بمخزون لغوي من الضمائر المستترة والأفعال المبنية للمجهول ، كي لا أجد من كان يستجدي من كلامي فخرا واعتزازا في الأمس القريب ، قد استحال اليوم منها في حرج وضيق ، فهل حروفي عورة لا بد من سترها عند أداء فروض النفاق في محراب العاشقين .

سألت نفسي كثيرا وبالغت في الخوف من عذاب الضمير ، وكنت أملي عن ظهر قلب جداول الأعداد قبل النطق وعند الكلام ، لعلي رجوت بذلك الوسطية وتجنب التطرف والمغالاة عند الحديث مع امرأة هي عندي كل النساء .

لست اليوم نادما على ما مضى من ذكريات ، فالأمس كاليوم بل هو بعينه الغد وبعد غد ، وكأنها دورة حياة لكائن ليس بالضرورة على قيد الحياة ، ولهذا لا بد الآن أن تتحرر الحروف من زيف المجاملات ، كي أروي دون خجل قصتي معك ، فهل أنت في هذه اللحظة تنصتين ؟ 

أنت سيدة فاضلة وأنا رجل عابث ، أبحث عن ذاتي في امرأة لا تدعي الحب وتعجز عن مواجهته إذا أزفت فيه لحظة اللقاء ، ولكن انت كغيرك من نساء الشرق ، تنتظرين العطاء ولا تملكين منه هبة أو فضل ، تراقبين عيون الناس إن كانت تتلصص على من يسكن في ذلك القلب المرصود بالعزة وشموخ الكبرياء ، فتكونين كملكة لا يهز عرشها رجل تكاشفينه بالاستسلام له بالعشق .

في جوف هذا الليل ، قررت وأنا في كامل قواي العاطفية ، أن أشطب كل أحساس كنت أشاطرك به في كلمة أو قول ، وسوف أطوي هذه الصفحة وربما أمزقها في قيود الذكرى وسطور الحلم ، ولن أجعل في كلامي أدوات للمخاطبة أو النداء أو الرجاء ، فأنا منذ اليوم ، حر وحر وحر ....    

الجمعة، 26 يوليو 2013

كيف انت ؟


استفتح معها الحديث بذلك السؤال الاستنكاري الذي لم يكن لينتظر إجابته ، كيف أنت ؟ ، وكأنه حاول اختبار كبريائه المنكسر على صخور ذاكرتها المتصدعة بين الجفاء والنسيان ، واستعاد في ذلك موجة شوق وحنين إلى امرأة كان يتمنى أن تدرك صدق لهفته ورجائه بكتابة سطر جديد في رواية عشقهما الأبدي ولو كانت من طرف واحد على الأقل ، فهذا يكفي لتجنب الإسهاب والمبالغة في تصنيف حالات لم تكن مدرجة في قوائم الحب الناقص ، وعندها يكذب عقل العاشق ولا يصدق قلب المعشوق .

ظل يعتقد أنها لن تواجه الحياة في لحظات من السعادة قد لا تحتمل وجوده بالضرورة في مواقيت الأيام وبوصلة الزمن المعاكسة لكل الاتجاهات المؤدية إلى الرجاء ، وظن خائبا أنها امرأة لا تجيد فن المراوغة والاختفاء والإبحار إلى أبعد نقطة في أعماق محيط متجمد من العواطف التي غرقت قبل الرغبة الزائفة في اللقاء ، ولكن خارطة الطريق إلى أمنياتها بالحب ، استحالت إلى أحجية جغرافية وسياسية وتاريخية ، فهي حورية تقطن البحار وهو شامخ بغروره كالجبال ، وهو يساري ثوري في مشاعره وهي تخاف تيارات مناوئة للتغيير ، وبين الماضي والحاضر والمستقبل ظلت على خلاف معه في أيام قد تأتي وتكون أجمل .

في معجم اللغة ومرادفاتها ، من سيكون يا ترى الضحية ومن سيكون الجلاد ؟ ذلك اسم مذكر والآخر ارتبط بتاء التأنيث ، وكأن اللغة أيضا ترفض الاعتراف بظلم المرأة وجبروتها في حق الرجل ، فحين يغدقها حبا تتكبر وتوهمه بعدم الاكتراث ، وإذا بحث عن الحنان المفقود مع سواها تدعي أنه كاذب ومخادع ، أما إذا انكسر وانهزم واعتزل في صومعة الحزن ، تطمئن وتكمل حياتها بهدوء وسكينة وكأن شيئا لم يحدث ، وإذا سأل سائل عن المذنب لن تعترف أبدا بذنبها عند إشعال الحرائق في غابات قلبه ورحيلها دون الالتفات إلى مشاعره بعد ان تصبح كأعجاز نخل خاوية ، فحينها تصبح هي الحكيمة العاقلة ، وتدعي أن ما كان ليس سوى ضرب من الجنون جعلها تستيقظ قبل فوات الآوان ، فكم أنت غبي أيها الرجل بعد كل هذا حين تسأل المرأة عن حالها وتظن أنها ستعترف لك أنها عاشت في الجحيم طوال فترة غيابك !   

الجمعة، 19 يوليو 2013

أنت عربي


وهذا يلزمك أن تستمسك بأصولك القبلية وما يتبعها من تعصب أعمى إلى ذوي القربى وأبناء العمومة كي تنصرهم وتستنصر بهم ، فحرب هنا وحرب هناك ، لا تستدعي منك بالضرورة أن تفكر في مسوغات مذابحها ، إذ عليك وفقا للمفهوم الذي احتمل تأويلات ليست بكل تأكيد عن عقيدة دينية " أن تنصر أخاك ظالما كان أم مظلوما " .

وحيث أنك عربي ، فهذا يعني تفوقك العرقي على سائر شعوب الأرض ، فمن القمع و إقصاء الطرف الآخر ، إلى الكذب والنفاق والخيانة ، ولا تسأل عن تاريخ مشرف في حروب طاحنة رفع فيها كل الأطراف راية النصر ، إذ أن الخاسر الأكبر منها لم يكن سوى دم عربي سال من كؤوس الأعداء على أهازيج وأناشيد أبدع فيها شعراء العرب تمجيد قادتهم وجيوشهم وأجهزتهم الأمنية وبطولاتهم التي لم تتعدى حدود بلادهم الغارقة في الانحطاط السياسي والإقتصادي والديني والاجتماعي ، فكم هي عظيمة الشعوب العربية !

في بلاد العرب ، تنوع ليس له مثيل في توليفة تبهر كل المجتمعات الإنسانية ، فعند الحديث عن السياسة يمكنك أن تفاخر بالمشهد الديمقراطي الذي تعج به شوارع كل مدينة عربية ، فتجد كل حارة رفعت راية جماعة تنقاد خلفها كقطيع الأغنام ، وإذا تأملت قليلا حالة الإقتصاد ، تكتشف أنه متسارع على الدوام من أطوار النمو والإزدهار إلى مقبرة الانكماش ، وهذا ليس ناشئا عن ارتفاع معدلات البطالة واحتكار السلع وأدوات الإنتاج ، أو بسبب سوء استخدام الموارد وضعف خطط التنمية والجهل في تطبيق نظريات الإقتصاد ، بل إنك إذا أمعنت النظر في التربية الدينية والمجتمعية والأخلاقية ، تزداد قناعاتك ويطمئن قلبك وتحمد رب العباد أنك خلقت واستوطنت في هذه البلاد .

إذن من أين سنبدأ الكلام وكيف من الممكن أن نفرغ مما في جعبة صدر أثقله صمت طويل ، هل نتحدث عن رؤوس أموال عربية تتهافت على شراء أندية كرة القدم الأوروبية ، وبيوت عربية تنام خاوية من كسرة خبز ؟ أم لعلنا سنخوض في الجدال طويلا عن دعم حركات تتدعي أنها دينية ؟ وهي ليست سوى أداة قتل وترويع لشيوخ وأطفال ونساء ليس لهم سوى رب رحيم يحفظهم من أيدي هؤلاء المرتزقة الشياطين ، ولربما سنكون كارهين عند تذكر تلك الأنظمة الديكتاتورية المستبدة التي لا تحكم شعوبها إلا بالدم والذبح والتعذيب في المعتقلات والسجون ؟ 

أين المفر في أوطان ليس فيها للإنسان من قيمة تذكر ؟ وماهي سيرة حياتك التي لاتزال بغباء تفاخر فيها بعروبتك ؟ بفقرك أم بجهلك أم بكبتك ؟ أم بأحلامك التي لن تشاهدها إلا في منامك ؟ 

استيقظ أيها العربي من سباتك ، وانظر من حولك إلى شعوب الأرض ، تعلم من تجاربهم ، وتأمل في سيرة حياتهم ، قبل أن تبتهج لخطابات القادة والحكام حين يخدعونك بقولهم أنك وأمثالك شعب عظيم !!         

الجمعة، 12 يوليو 2013

النداء الأخير

  
لعلها بقايا من أمنيات ، وسطور تكتب على قيد الشوق والحنين ، ولكن لا أستجدي من ذلك أملا معقودا بخيوط الكذب والوهم ، فلربما صدقت بي مقولة ذلك الرجل المتصابي " لقد هرمنا ونحن في منتصف العمر " .

وقبل أن أتم عدة أعوام عجاف في غرة العقد الرابع من تقويم حياة تمضي كمر السحاب ، إذ بي أشتاق إلى ياسمين الشام المحاذي لحديقة الجاحظ والمتواري خلف جبال الأطلسي المتجمد ، ولست أدري إن كان في العمر بقية كي أدندن لحن " مارسيل خليفه " من فوق قمة جبل قاسيون ، وأنت تجلسين غير آبهة في إحدى مقاهي الشام القديمة ، تنتظرين رجلا بعمامة يقنعك بمحبته للسوريين . 

ولم أكن أدري أن في القاهرة أحزاب لا أنتمي لها ، فأنا لست ناصريا أو من أتباع القوميين ، ولم أكن في الضرورة من جماعة الإخوان المسلمين ، وكرهت انبعاث شرذمة من الاشتراكيين ، ونبذت وراء ظهري أنصار الراأسماليين ، لم أكن أخشى سوى حبيب يقف بمحاذاة نهر النيل ، ولم يدرك أن في الحب ديمقراطية كما السياسة ، فنجتمع رغم اختلافنا في قلب عاشق واحد .

وفي بيروت حلم اندثر قبل أن تغمض العيون أجفانها ، فلم أبحث عنها في الضواحي الشمالية أو الجنوبية ، كي لا يعتقد من في قلبه مرض أن حبيبتي ليست لبنانية .

وهناك بين دجلة واالفرات ، كان موعدنا المرتقب ، ولكن تأشيرات الدول الاسكندنافية ، جعلتني احتار في موقع تلك النخلة البغدادية التي هاجرت أرضها تبحث عن حياة ليس فيها دم أو حروب .

واليوم سأعترف أن المسافة بين عمان والقدس ليست ساعتين كما كان يدعي الآباء والأجداد ، فبعد النكبة والنكسة وفك الارتباط ، وقفت على ضفة النهر الشرقية وضاعت من بوصلة قلبي ضفته الغربية ، إذ كان لزاما الاعتراف بمشروعية عقد القران على امرأتين " عربية وعبرية " ، فقررت الرحيل قبل النداء الأخير كي أستوطن أرض امرأة أعجمية ، فهل ستفلح في بتر الحنين في قلبي إلى نساء العرب أجمعين ؟

الخميس، 21 مارس 2013

العزول

أحيانا تجد نفسك مندفعا إلى مواقف شديدة الحرج ، وتحاول جاهدا أن تبحث عن سبيل للخلاص غير المبرر لذنب لم تقترفه بالضرورة ، وأنت لا ينقصك الحياء ولا سرعة البديهة النافذة عبر المصادفات ، ولكن لا تدري إن كنت السبب المباشر أو غير المباشر في امتعاض كل فتاة لحظة خلوتها العاطفية ، وكأنها تود لو أن الأرض تنشق وتبتلعك في جوفها السابع ، بعد تواجدك كضيف ثقيل الظل لم يكن مدعوا في أي حال من الأحوال على مأدبة عشقية أعدتها لحبيبها المفترض .
 
فحين كنت تغط في سبات عميق قبل أن تتأهب الشمس للغروب بعد يوم عمل شاق ، أيقظتك رسالة غير متوقعة على هاتفك المحمول شبه المهمل ، يستجديك فيها صديقك الصيدلي كي تحضر إليه مسرعا في مناوبته الليلة ، لعلك تزجي عليه وحدته في جوف الليل الراكد ، وعندما تطرق باب الصيدلية شبه المغلق ، يستقبلك وهو يحاول جاهدا أن يخفي ملامح توتره التي لم تعلل أسبابها على وجه الدقة ، حين كان يستدرجك من حديث ويمضي بك إلى حديث آخر ، دون توجيه دعوة صريحة لك بالدخول إلى الحجرة الخلفية المتوارية خلف الصفوف المكتظة بعلب الدواء ، وفجأة ينبعث من هناك صوت أنثوي بسعال مفتعل ، وهو لايزال يسألك عن أخبار لا تعنيك على كل حال ، ولكنها كانت كافية لك كي تفهم الرسالة المخفية بين سطور الكلام المتواتر هنا وهناك ، فتودعه على أمل لقاء قريب ، بعد استعانته بكل الجمل المسبوقة بصيغ بلاغية للإعتذار عن سهرة استحالت فيها وحدته إلى ليلة حب كان فيها عاشقا وكنت فيها أنت العزول .
 
وبعد يوم وشبه ليلة ، تذهب في زيارة عائلية لتبارك نجاح ابنة شقيقتك على تفوقها في التحصيل العلمي لامتحانات الثانوية العامة ، وتجتمع في رفقة عائلية شديدة الازدحام ، فتبحث عن مكان لك للجلوس ، وتستكين راضيا في زاوية مهملة غير بعيد عن أحاديث لا ترغب في المشاركة بها كمنصت أو متكلم ، ولا يزال المهنئون يتوافدون ، حتى جاء أصغر أبناء شقيقك الأكبر ، متأبطا ذراع زوجة المستقبل ، ولقد هرع إلى مصافحتك والجلوس في الجانب شبه الخالي من المقعد الذي لم يكن شاغرا بعد ، مما كان سببا يدعو لكظم غيظ خطيبته وهي تضطر للجلوس على المقعد المقابل له ، وحينها تحاول جاهدا أن تقفل كل الأبواب المؤدية إلى أحاديث مشتركة بدافع الإشتياق غير المتبادل بينكما منذ أيام العيد المنصرم ، فنظرات خطيبته المشتعلة بنيران الغضب أحرقت بلهيبها الأرض من تحتك ، وأنت أصبحت في هذه الأيام معتادا على دور العزول الذي يرغمك عليه أقرانك من الرجال ، فتنسحب بهدوء غير مكتمل الحدوث ، وأنت تتعثر بأقدام تلك الفتاة وهي تنهض مسرعة للجلوس في مكانك ، ثم تخرج مودعا شقيقتك دون الالتفات خلفك ، ولا تدري أتضحك أم تبكي على دور العزول الذي يلازمك في هذه الأيام ؟   

الأربعاء، 13 مارس 2013

إلكترا العربية

في حالة من الارتباك المفتعل ، دلفت بكعبها العالي على المنصة المهترئة لحافلة النقل العام ، المقاعد كلها شاغرة إلا من مقعدين في الزوايا الخلفية ، أحدهما كان بجواري ، والآخر كان بجوار رجل في ضعف عمري ، تقدمت بخطوات مضطربة وهي تدرك أن عليها الجلوس بجانب ذلك الرجل العجوز ، على الرغم من رائحة عرقه التي تكفي اختناقا من كان يجلس في الصفوف الاولى ، ورائحة قدميه المتحررتين من نعليهما ، بعد عزلة مائية عن الاغتسال منذ اسبوع على أقل تقدير ، نعم جلست بجانبه واختارت رفيقا من القذارة لطريقها ، على ان تجلس بجانب شاب أهدر نصف قارورة عطر على ثيابه قبل أن يغادر منزله ، وذلك كي لا تذهب به الظنون بعيدا ويعتقد أنها وقعت في مصيدة الإعجاب الاول بعد أن تقاطعت عيونها بعيونه وهي تبحث عن مكان في الحافلة للجلوس . 

ذهبت إلى وظيفتي الاولى كأمين صندوق في مصلحة الهواتف ، وألقيت تحية الصباح على زميلي الذي يفصله عن سن التقاعد للشيخوخة غير المبكرة زهاء عام أو عامين ، وبدأ المراجعون يتوافدون إلينا كغيث السماء المتقطع ، إلى أن مزقنا أوراق الصحف ونحن نقاتل الوقت الذي لا يمضي من قلة العمل ، وفجأة أطلت علينا امرأة في ربيع العمر ، واتجهت بخطوات لا يشوبها التلكؤ نحو زميلي الهرم ، والذي كان يغط في سبات عميق على الهاتف مع زوجته حول احتساب تكاليف رحلة الحج المزمع عليها في هذا العام ، ولا يزال يناقش معها عروض الأسعار المعلنة عنها في الصحيفة التي حفظها عن ظهر قلب ، ولا تزال المرأة تنتظره كي يدمغ فواتير هاتفها الشهرية  بمنتهى الصبر ، دون أن تلتفت نحوي وتجعل المرض يتداعى في قلبي بين أوهام واحتمالات تخطىء الصواب بقدومها إلى نافذتي الخاوية من الزبائن ، فهي أنثى لها من الحياء مقام ، ولن تخاطر بسمعتها بالحديث مع شاب مثلي إلا في ظروف استثنائية تدفعها اليها الأقدار .  

كنت أقف على قارعة الطريق ، في حي من أحياء المدينة التي لا يعرف معالمها الجغرافية رجل مثلي ، ولقد طالت لحظات الانتظار التي أقحمني فيها صديق لا تجمعني به سوى المناسبات الحزينة ، وكان يقف غير بعيد عني ، رجل تجاوز عقودا خمسا من حياته على وجه الدقة ، وعلى ما يبدو أنه كان في محطة انتظار لا تختلف في ظروفها كثيرا عن محطتي ، ولكن وبنظرات فضول خاطفة تمكنت من الاستنتاج أنه غريب عن هذه المنطقة المزدحمة بالسكان ، تقترب من كلينا سيارة شديدة السواد ، وتتوقف كلية عند ذلك الرجل ، وتنزلق نافذتها غير المرئية المقابلة لسائقها آليا ، وينبعث صوت أنثوي يستفسر عن معلم بارز في ذلك الحي ، وإذ بعقدة تلو عقدة لا تنفرج بلسانه وهو يحاول جاهدا الادعاء بمعرفته للمكان ، تتجاهل السائلة وجودي ، وتشكر ذلك الرجل على محاولاته اليائسة في مساعدتها ، وتنطلق تائهة بين الطرق المتعرجة في ذلك الحي ، كي تقطع كل السبل المؤدية للحديث مع شاب في عمرها سيعتقد أنها تعمدت الوقوف من أجل التحرش غير المباشر  به .  


في المساء أجلس بقليل من الاهتمام لمتابعة مقابلة تلفازية لعصبة من النساء يتحاورون حول أسرار العلاقة بين ادم وحواء ، وإذ بي أدون في ذاكرتي مجموعة من الملاحظات وبشكل لا إرادي ، فكلما كان المتصل رجلا في أوج شبابه ، يحاولون إنهاء المكالمة وتجنب الخوض في نقاش منطقي لتساؤلاته ، وحين يكون المتصل رجلا أكل عليه الدهر وشرب بأفكاره القادمة من زمن الابيض والأسود ، أي أنه كان في عمر الشباب قبل دخول ألوان الطيف للتلفاز ، يحتدم النقاش ويتفاعلن بغبطة غير مسبوقة مع كل كلمة يقولها ، ففي عالمنا العربي هنالك دوما رموز وأساطير لا تتكرر قط ، وفي حالة هذا الرجل على وجه التحديد ، فإن الرجولة قضت نحبها من بعده ، ومن المستحيل أن يجيد شاب في عمر أبنائه التحاور مع النساء ، ولكن الوجه الخفي لذلك كله ، أن المراة العربية تعاني من عقدة إلكترا ، فهي لا تجد في صدرها حرجا من الحديث مع رجل في عمر أبيها في أي موقف يستدعي التفاعل بين الجنسين ، ولكنها تخشى أقرانها من الشباب ، معللة ذلك بالعبث والاستهتار الذي هو من سماتهم ، بعكس العجزة الهرمين والطاعنين في أرذل العمر ، فهناك تجتمع الحكمة والتجارب والخبرة التي لا تتكرر ، ولا زلنا نسأل أنفسنا معشر الشباب عن سبب اتساع الفجوة بين عالم الذكور والإناث ؟ 

الخميس، 7 مارس 2013

حالي كحالك يا "رامي"

وكأنني أسمع صوت الآهات القادمة من زمن الفن الجميل ، كتبها " رامي " ولحنها " القصبجي " وأطالت فيها " أم كلثوم " نشوة عاشق مشتاق لحبيب قد تمادى في الغياب ، " رق الحبيب وواعدني " نعم ، ها هي تطل بكامل زينتها من خلف الجموع المحتشدة أمام باب المقهى ، وتلتفت ذات اليمين وذات الشمال ، حتما هي تبحث عني ، في الزوايا الخافتة الأضواء ، حيث كنا نتبادل التهام الحب على موائد من أوراق الشعر وكلام الغزل ، ونحتسي كؤوسا من العهود المنسكبة بشراب من الأمنيات حتى ثملنا بنشوة من طول الأمل ، كلامك لا يزال يتردد كأغنية كلاسيكية لا أتمنى توقفها في أرشيف ذكرياتي ، يا من ابتدأت بالتعريف عن هويتك الموشومة بالبياض والمغتسلة بضوء القمر ،  بعد أن أجزلت الشكر للذي جعل السماء تمطر بحضور غيمة كانت تائهة لا تعرف لها وطن . 

بالغت في الادعاء أنك سترفضين إغلاق مروري من أوراق ذاكرتك ؛ وأنشدتني نغما يمشي بين غياهب الزمن ،  ثم قررت الصمت كي لا يعتقد من في قلبه مرض أنك تجيدين الغزل ، و عندها اغتال الصمت حواسنا فغدونا عاجزين عن البوح ، ورحلت على كتف السحاب محصنة بالغموض بعيدا عن محراب الكلمات وهي تتوارى عن الاعتراف بالحب ، وحين سألتك عن الحروف التي تنتسب لرجل في حضرة الغياب ،  حدثتني عن أحلامك التي وأدها الواقع مضغة في رحم الأمنيات . 


أنت الأنثى التي استصرخت صبرا فيما جرت به المقادير ، وتاهت في حشرجات صدرها رسائل الأحلام الممزقة على منضدة القسمة والنصيب ، لم أكن لك شعاعا يشرق فجر الأمل من خلف هضاب الحب المستحيل ، ولم أروي شفتيك برضاب العشق المنهمر كقطرات الندى على عناقيد الياسمين ، وتوالت الأيام في عداد الزمن كي تكتمل دورة اليأس وتشيخ الأحلام في عمر الشباب ، فظلت رسائلنا تعانق بريد الانتظار ، حتى تراكمت الثلوج في حروف الشوق وكلمات الحنين ، وعلى جدر الفراق لعزلة عاطفية اخترتها لنفسي ، ارتد الصدى المنبعث من آهات " ام كلثوم " على مكابرة " رامي " بهجرها طمعا في النسيان ، فوجد الروح في أوج الجفاء ، تفكر بها كلما كان يهذي بغيرها . 


ها أنت تقاربين الخطى من العودة إلى طاولة جمعت كل تفاصيل قصتنا التي هاجت وماجت كبحر لا مداد لطيفه الأزرق ، فينهض رجل يجلس على طاولة محاذية لجواري ، ويأخذك بين ذراعيه كفارس لا يخشى عدوا يتربص به من خلف أسوار المستقبل البعيد ، فبكيت دما قبل الدمع ، وغنيت على ما بقي من أطلال الذكريات " يا فؤادي لا تسل أين الهوى ... كان صرحا من خيال فهوى " .   

السبت، 2 مارس 2013

لو كنت أنثى

يا للهول ، كنت قبل الشروع بكتابة هذا الإدراج ، أغط في سبات عميق من الدهشة أمام المرآة ، فبعد أن كنت دؤوبا في الحديث عن النساء اللاتي ألفيت فيهن معاركي العاطفية بين هزيمة ونصر ، أقف اليوم وقد تبدلت ملامحي إلى امرأة بكر لا تفقه شيئا في تجارب الحب ، ولكنني أشعر بالغبطة لتقمص هذا الدور ، فهذه فرصتي كي أغوص في أعماق النساء ، واكتشف قليلا من أفكارهن المستعصية على الفهم عند الحديث عن الحب .

لو كنت أنثى ، فلن يستهويني التوقف أمام رجل يجلس وحيدا في زاوية مهملة عند طرف المقهى الذي لا أتردد عليه إلا بحكم السأم ، وقد أطال التحديق بي مستجديا نظرة قبول قد تؤنس وحدته ، ولكنني سأراقب باهتمام متواتر تلك اللهفة الساكنة في عيون رجل يجلس في الركن المحاذي لطاولتي ، وهو يتحدث مع امرأة أخرى ، ولا يجد في قلبه حرجا من الإذعان المطلق لها في الوفاء ، فيشعل الإهانة في حطب أنوثة امرأة وحيدة مثلي .

لو كنت أنثى ، سأحسم الصراع بين واقعة العقل والقلب ، وأختار ذا المال والجاه والسلطان ، أحقق معه بذخ الأحلام ، وأنبذ وراء ظهري كل الفرسان الحالمين بلحظة حب لن أجد فيها قوت أمنية صغيرة من أمنياتي في الحياة . 

لو كنت أنثى ، فلن تغريني كلمات رجل في الحب ، بل سأظل أطارد ذلك الرجل الذي أجد معه الحب في كل ما يفعله من أجلي ، دون أن تنطق شفتيه في يوم كلمة الحب .

لو كنت أنثى ، سأجد الراحة والثقة في الحديث مع رجل خبير في الحياة بمنطقها المعاكس ، يشعرني بحنان الأبوة ، ويطويني تحت ذراع تجاربه كي يوجهني إلى الطريق القويم في تصريف شؤوني المتباينة بين المشاعر الإنسانية المتضادة الأثر ، فأكون تلميذته الصغيرة التي ذابت شموعا من الهوى في قلبه .

لو كنت أنثى ، فلن التفت إلى رجل يتباهى بزخم مغامراته العاطفية من قبلي ، فهذا دليل دامغ على فشله الذريع في ميدان الحب ، فالقلب حين يكثر ساكنيه ، تتصدع شرايينه وتهترىء أوردته ، فيغدو غير قابل للنبض بالحب .

لو كنت أنثى ، سأبحث عن التحدي مع رجل يدعي كراهيته المفرطة لمعشر النساء ، ويبالغ في الحديث عن ضلعهن الأعوج  ، وحكمتهن التي ينقصها الكثير من العقل والدهاء ، وحين ينبري تحت أقدامي كالطفل العابث من فرط الحب ، سأسخر من غروره المنكسر تحت وطأة أنوثتي ، وهو يكفر بكل المذاهب الفكرية التي اعتنقها من قبلي ، ويقسم أن الحكمة لم تولد من قبلي ولن تكون لأحد من بعدي .

لو كنت أنثى ، فلن أختار العيش مع رجل يكره الحياة ، يجعلني أعيش في دوامة من عقده وأحزانه وقصص أحلامه التي اغتالها على الدوام سوء الحظ والطالع ، لا أريد لأنوثتي هرما مع شيوخ أفكاره السلبية لمجتمعات التخلف والقهر ، أريده رجلا يأخذني بعيدا إلى عالم من الأحلام الوردية حتى ولو كانت كذبا ، فالحب لا يعيش بين المآسي والآلام ، إلا مع أشخاص لم يفهموا في يوم سر الحياة . 

وا رأساه ، ما الذي أصابني ؟ استيقظت من غفوة أفكار بلا تساؤلات ، وعدت الآن رجلا كسابق عهدي ، ولكنني لا زلت أبحث عن امرأة تجيد المبارزة العشقية عند الحديث عن الحب .                 

الجمعة، 22 فبراير 2013

معلمة الحب

كتلميذ نجيب في يوم الامتحانات الدراسية ، استيقظت قبل صياح الديك حين تتشقق عتمة السماء بخيوط الفجر ، وبالغت في الوقوف غير المبرر امام المرآة ، إذ كنت أخشى خسارة بضع علامات على المظهر و (( الهندام )) ، وحينها لن يجدي حفظي لكل قصائد الغزل الموزونة على شتى بحور الشعر ، فمعلمتي صارمة في تقييم تفاصيل الأداء العشقي ، ولديها من الأسباب ما يعجل في رسوبي المبكر قبل اكتمال الإجابات العاطفية في كراسة القلب والروح ، وحينها لن تجدي الحيرة أمام تساؤلاتها في التعريف المجازي لكلمة الحب . 

معلمتي تبالغ في الادعاء عن خيبتها بتلميذ توقعت من قلبه الكثير ، فهو حين أنشدها نغما يمشي بين غياهب الهوى ، جعلت أصابعها في أذنيها خشية الاعتراف بالحب ، وعندما أعرب جمل الايام من قبلها بالعشق الناقص ، سخرت من بلاهته في قواعد الحب عند النساء ، ولما أسهب في كتابة قصة رومانسية تتفرد فيها بدور البطولة ، أشاحت بقلبها ولم تعقب ، وعزمت أمرها على تمزيق الاوراق قبل قراءة التفاصيل . 

كيف إذن سأرضى بالتوقيع على شهادة دونت فيها رسوبي المبهر في مبحث الحب ، بعد أن رفضت السير معي في أي درب من دروبه المرئية او المسموعة ؟ 

هل الحب يخلق من العدم ؟ 

إذا كنت حقاً معلمة في الحب ، دعيني إذن اخلع دور التلميذ ، وهلمي كي نتناظر في مفاهيم العشق الممنوع من الصرف ، حين يكون الحبيب نائب فاعل مجهول ، تقديره ضمير مستتر الظهور ، وتعالي إلى مواجهة مباشرة تلتقي فيها عيناك بعيوني المحمومة بالشوق المتداعي في حضرة الغياب ، وإياك ثم إياك أن تتراجع مواقفك الحازمة عن الحب الكاذب والفراغ العاطفي الذي يشغله قلب عابر ، فحين تلتف ذراعي حول خصرك النحيل الممتلىء ، ويحترق صدري بتنهيدات تعترفين في كل نفس منها ، بقدرتي على احتوائك في أجمل قصص الحب ، سيغفر لك القلب ما جنيت عليه من ظلم الهجر والجفاء . 

أنا المعلم الآن ، وأنت ستكونين تلميذتي الصغيرة ، ودرسنا الأول في منهاج الحب على طريقتي ، أن تختاري الإجابة الصحيحة بين هذه الكلمات : 

- أحبك 
- أعشقك 
- أتنفس هواك 
- جميع ما ذكر أعلاه 

فأي الإجابات ستختارين يا حبيبتي ؟   

السبت، 16 فبراير 2013

اشتاقك ... وكفى

لماذا تحرشت بأوراق الكتابة ؟ هل هي ابتسامتك التي تداعت فيها نكهة الكبرياء ؟ ام انني أخطأت في تقدير انوثتك وانت ترتدين اللون الاسود ؟ بل لعلها اناملك التي كانت تداعب ذلك البيانو الابيض ، في حد الاشتهاء ذاته ، لحروف الحب وهي تتشكل على كراسة القصة التي اعتقدت انني بطلها في يوم من الايام .  

نعم شاءت مصادفات النسيان ان تستفز قلبي قبل ذاكرتي ، بعد ان أقسمت في البارحة كباقي العشاق على الحب والوفاء ، ولكن أطفأت الشموع وحدي ، وتمنيت لو عاد بي الزمان الى الوراء ، الى منتصف نوفمبر ببضعة ايام ، حين كان قلبي برسم الأمانة العشقية ، فأودعته بغضب انثى في صندوق الهجر والجفاء ، وضاع المفتاح في لجة بحر من الاشتياق ، فغرق الحب ومات الهوى . 

ما يدهشني بعد عبور كل هذه الايام ، انك لا تزالين امرأة استثنائية في الحب ، في حضرة بوحك اجدني كطفل يتيم اعتاد البكاء حتى ينام على وسادة من القهر ، وعلى الأمل الزائف اصحو في الفجر الذي لا تنبعث فيه شمسك من خلف نافذة الأمنيات المستحيلة ، وهي تتوسل عودتك الى قلبي في كل يوم وفي كل حين . 

كم وددت سماعك وانت تعزفين على ذلك البيانو ، أتجيدين التلاعب بالسلالم الموسيقية كما تجيدين التلاعب بالحروف والكلمات ؟ فأعتقد أنني أرقص على نغمات الحب ، ثم أجدني هالكا داخل صندوقه الخشبي بعد أن تتوقف أناملك عن العزف ، تماماً كما يحدث لي في كل قصة تكتبيها وتنتهي مع نقطة في اخر السطر .

لا بد من الاعتراف بهزيمتي العاطفية معك ، كي لا أسخر من نفسي ، وأبالغ في الادعاء الكاذب بأنك خسرت الكثير برحيلك عني ، بل أنا من خسرت وتألمت ، فشجرة الحب لا تتشابه أوراقها بين النساء ، منها ما تتساقط وتذبل مصفرة في أول خريف للنسيان ، ومنها ما يظل دائم الخضرة في القلب برائحته التي يفوح منها عبير اللهفة والشوق ، فهل أنوثتك تستعذب عشقا غير عشقي كي يرويها ؟ 

أكاد اسمع زحف قدميك العاريتين من الجفاء نحوي ، وحينها لن أعاتبك على الغياب الذي طال ، بل ستتوارى لهفتي بين ذراعيك ، كي أقبل أناملك التي داعبت الموسيقى والأدب ، لتعقد قرانهما على منصة الحب ، وقلبي يغني لك (( اشتاقك وكفى )) .

لا تنامي في هذا اليوم ، قبل أن تمسدي الحنين في قلب محارب توارى في حصان طروادة كي يأتي للقائك يا كليوباترا ، فالتاريخ العشقي يعيد نفسه ، والحب لا يفنى حين يولد من رحم الرغبة التي استحالت فيها الدروب ، فهل عندك شك في ذلك ؟ 

كم يتوجب على رجل مثلي ، أن ينتظر امرأة تكابر في عشقها وتدعي عدم الاكتراث ؟ هل هي لذة سادية تجدين فيها نشوتك حين يطوقني الهوى بأغلال الشوق إليك ؟ إذن سأتحدى منذ اليوم صمودك أمام كلماتي ، وهذه دعوة للمبارزة العشقية مع كل عشاقك يا سيدتي ، فكما هي بلقيس نزار ، أنت بلقيسي ...  

الجمعة، 1 فبراير 2013

المرأة اللعوب

يمكنك الآن أن توجز في القول ، وتروي دون إسهاب أو اختزال ، كلاما وضعت فيه كل النقاط فوق الحروف ، كي تنثر أوراق اعترافك على طاولة الحب ، في ضيافة " إمرأة لعوب " كل المقاعد لديها شاغرة بالقلوب إلا منك .
 
مذ جمعت المصادفات القدرية بينكما في ذات عزلة عاطفية ، كانت حديثة العهد بالحب ، ومن فرط براءة كانت تليق بأنوثتها المتوارية خلف الكلمات ، جعلت من خيالها مسرحا لتفاصيل قصة حب مستحيلة ليس فيها من بطل سواك ، وأنت كرجل شرقي ساذج ، اعتقدت أنك فارس أحلامها القادم على ظهر خيله الأبيض ، وانتظرت يوما تأتيك فيه عارية القدمين على ضفاف اليم الأزرق ، ويسير بكما الزورق على أضواء النجوم في ليلة اكتمل فيها البدر ، وهي تغني لك وتتمايل بضفائرها الكستنائية كحورية هبطت من الفردوس الأعلى ، وتحدثك بالشعر والنثر عن حب لم يولد من قبلك ولن يعيش من بعدك .
 
ولكن الغيوم الرمادية حملها بالأمطار يكون دوما كاذب ، فبعد أن ضجت سماؤها بغربان من الرجال ، ألقت وراء ظهرها حمولة الماضي الصادق وتنكرت له ، تماما كحال الكثير من أثرياء العرب " محدثي النعم " ، لا يعترفون بسكنى الخيم قبل القصور .
 
هي اليوم في برج عاجي من الشهرة ، وأنت تقف وراء الستار ، تتلصص عليها ، ولا تدري أتكرهها أم تحبها أكثر ؟ 
 
هل تبرر لها خيانة لم تكن في يوم مشروعة ؟ 
 
ليس في خاطرك الآن سوى مشهد " نيللي " وهي تتلذذ في تعذيب " محمود يس " في فيلم " العذاب امرأة " ، وتغرق في صمت طويل ، وتحدث نفسك عن كلمات حتما سيكون لها من بقية ، كي تسرد تفاصيل قصتك مع تلك " المرأة اللعوب " ، في عشق لن يموت إلا في معركة الحب ، فهل من خصم سيضاهي قوتك العاطفية في هزيمة قلبها ؟ 

الجمعة، 25 يناير 2013

قلم على قيد الكتابة




ضجيج الكلمات لا يتوقف عبثا بأفكارك ، ولهذا فهي اليوم تنشطر كمربعات الكلمات المتقاطعة في خطوط عمودية وأفقية في ذاكرتك ، ولكنك تقف حائرا أمام التساؤلات التي قد تعينك على كتابة الإجابات الملائمة في فراغاتها البيضاء ، وكأنك تتمنى لو كانت كل الخانات سوداء ، كي تلقي بقلمك على الأرض ، وتعلل انسحابك من لعبة الاعتراف أمام الذات .

من أين ستبدأ ؟ وكل سؤال ستجد في نهايته علامة استفهام مبللة بالدمع والدم !! 

فمنذ قدومك إلى الدنيا باكيا ، وأنت تتمنى لو كنت في زمان غير زمانك ، ولهذا ضاعت منك بوصلة التأقلم مع العالم من حولك ، وتوالت عليك الهزائم والخيبات في شتى ميادين الحياة منذ ثلاثة عقود مضت في مشوار عمرك على هذه الأرض . 

ليس هنالك ما يبرر الفرح الطارىء في أيامك ، وعلى وجة الدقة في وصف حالك ، فإن الحزن يليق بك أكثر ، ولا تزال تسأل نفسك مندهشا عن السبب ؟!!

قال لك أحدهم في ذات يوم : (( لا تلقي بأسباب فشلك على الآخرين ، فمواجهة الحياة لا تكون إلا بمقدرتك على الصمود أمام لكمات مصائبها دون أن تتعثر أو تنكسر أو تنحني مذعنا لليأس )) . 

ومع أن الصمت أبلغ مقالا في هذا المقام من الإحباط ، إلا أن قلمك سيظل على قيد الكتابة . 

الجمعة، 11 يناير 2013

حبيبها ... متى أكون ؟


ذهبت في رحلة من الأمنيات العاطفية ، وتمادى الخيال في تصوير مشاهد رومانسية حرجة عند كل لقاء عابر مع امرأة واقعية أو افتراضية ، فعندما مشيت في السوق ، داعبتني كل النساء بنظرة ثم ابتسامة ثم صفعة على الوجه عند الرد على تحية الإعجاب الأول ، وحين ذهبت إلى المستشفى إثر نوبة عاطفية حادة ، تجهمت الطبيبة الحسناء في وجهي وغرزت حقنة مضاعفة من الجفاء في أوردة قلبي ، ولما عزمت أمري على التسول العاطفي في صفحات الدردشات الالكترونية ، تصدقت قلوب لا تعد ولاتحصى على قلبي ، إلا أنها لم تكن من قلوب " الجنس اللطيف " . 

وبحثت في دفاتر الذكريات العاطفية ، عملا بقاعدة التاجر المفلس ، فوجدت أن معلمة الرياضة قد أهملتني بسبب ضمور عضلة القلب عند الجري خلفها ، وأن معلمة اللغة الإنجليزية قد وبختني بعد أن كتبت لها رسالة غرامية باللغة العربية ، لتنتهي هزائمي العاطفية في المرحلة الإبتدائية بطردي من حصة معلمة الرياضيات بعد أن أكدت لها  أن الكسور العاطفية لا تقبل الجمع إلا إذا كانت هي البسط وكنت أنا المقام .

وفي المرحلة الثانوية ، تقصيت أثر فتيات بمساقات متباينة الاتجاهات ، فطالبة الفرع العلمي كانت تسخر من جهلي لقوانين الفيزياء العاطفية ، فهي سمراء وانا مثلها أسمر ، والمرء لا ينجذب إلا لنقيضه ، وكذلك فقد مزقت طالبة الفرع الأدبي كل قصائدي الموزونة على بحرها العاطفي ، معللة تأثرها بشعر " عمر بن أبي ربيعه " ، رجل تجري من ورائه النساء ، أما طالبة الفرع التجاري ، فقد شطبتني من دفاتر حساباتها العاطفية بعد أول نزهة لنا في الحديقة التي يرتادها عشاق الدخل المحدود .

في الجامعة لم تكن لدي الشجاعة الكافية لمواجهة طالبات الطب والهندسة والصيدلة ، فأنا أكره منظر الدم ولا أجيد الرسم ولا أتطبب إلا بالأعشاب والمستحضرات الطبيعية ، ولم اجتهد كذلك في تعلم الحضارات الإنسانية والعلوم التربوية وتقنيات الحاسوب ، ورسبت في امتحان مستويات اللغة العربية والإنجليزية ، فلم أكن موضع اهتمام أي طالبة تبحث عن جسر عبور عاطفي لتحصيلها الأكاديمي حتى سنوات التخرج .

وخرجت إلى العمل ، وطرقت كل أبواب الرزق العاطفي ، فاندثرت أحلامي في العشق ، وتبين بعد كل فحص عاطفي أن قلبي غير لائق كي يحظى بوظيفة الحب ، وعدت أدراجي إلى الوحدة والبطالة العاطفية ، ونشرت إعلانا في الصحف الرومانسية ، ودونت فيه كل قصائد غزلي العذرية ، فهاتفتني امرأة من رقم مجهول ، وأغلقت الخط قبل أن تجيبني على سؤال كان ينتظرها منذ الأزل ، فحبيبها متى أكون ؟ ولا زلت أبحث عن عنوانها المستحيل ، بين الماضي والحاضر والمستقبل ، مع أنني أجزم باستحالة وجود صيغة توافقية بين الجغرافيا والتاريخ العاطفي .

الجمعة، 4 يناير 2013

طباخة الحب

كنت مثابرا على الدوام في متابعة كل برامج الطبخ منذ عصر القنوات الأرضية الغابر ، حين كانت تطل علينا في القناة الرسمية الأولى ، مذيعة مشتق اسمها الأول من الوفاء ، وينتهي مقطعه الأخير بحرف نداء متصل بكناية لفظية من اسم المحامي الشهير الذي عجز " عادل إمام " عن حفظه في مسرحيته الشهيرة " شاهد ماشفش حاجه " ، بعد أن كانت تستضيف في كل يوم رمضاني قبل موعد الإفطار ببضع ساعات ، طهاة الفنادق بنجومها الخمس ، فيسيل لعابي وتتمادى معدتي في البكاء ، وهي تتمنى تذوق تلك الأطباق الشهية بلحومها الحمراء والبيضاء ، مشوية كانت أم مقلية ، وتغوص حتى آخر نفس بين أطباق الأرز والمعكرونة حتى التخامه ، ثم لتتلاعب بعناقيد المحاشي ومشتقاتها من ورق العنب والكوسا والباذنجان ، وتختمها بمسك الحلويات التي لن تسبب السكري بقليل منها أو حتى كثير ، وعندما تبتسم لي من وراء الشاشة وتعيد تلقين المقادير ، تودعني متمنية لي الصحة والعافية ، وأنا في الواقع لم أتذوق شيئا من كل ما شاهدته عيوني ، بل اكتفيت بالتحديق في المذيعة والطعام ، وخسرت الرهان بعد موعد الإفطار مع أصدقائي الذين اجتهدوا في تفسير شخصية الشاب المقصود من ابتسامة المذيعة التي ذاع صيتها في تلك الحقبة الزمنية المنغلقة على ذاتها بـ " حسناء الشاشة " .

ثم جاء عصر الفضائيات ، وأصبح يسيرا مشاهدة برامج الطبخ على مدار العام دون انتظار شهر رمضان ، ولم يعد لزاما التقيد بمتابعة مطبخ بلد بعينها ، فكبسة زر واحدة ، كانت تكفي لرحلتي بين مطابخ العالم من مشرقها إلى مغربها ، وحسناء الشاشة قديما ، هرمت أمام مذيعات الفضائيات المتفق عالميا على كفاية حضورهن أمام أي مائدة طعام ، لتكون كفيلة بفتح شهية المرء إلى أجل غير مسمى ، ولكن ظل التساؤل قائما ، وغيوم الحيرة لم تبددها شمس التجارب الفعلية بتذوق كل هذه الأطباق المعدة بحرفية ومهارة تزيغ بالأبصار ذهولا وبالمعدة لهفة على قضمها حتى آخر لعقة بالأواني الفاخرة التي تزينها وتبهر كل من يواجهها في حالة جوع أو حتى في حالة شبع . 

أنت يا عزيزتي تشبهين هؤلاء الطباخين تماما ، كل من يراك ينبهر بطريقتك في الحديث عن الحب ، توهمين العشاق بهيئتك الرومانسية ، وقلبك الحساس ، ومشاعرك المرهفة المتداعية بين حروف العشق ، تصورين مشاهد المرأة الأسطورية المنبعثة من بين دفاتر شعر نزاري ولحن كاظمي يجعلك كحلم اجتهد في وصفه جحافلة الأدب الرومانسي ، وتنامين قريرة العين ، حين تحتشد القلوب التي تعاني من مجاعات عاطفية ، لتتذوق معك لحظة حب ، وأنا أعترف اليوم أنك تجيدين طبخ الحب ووضعه في قوالب كلامية فاخرة ، ولكن يظل التساؤل عن مذاقه إن كان شهيا ، أم أن القلب سيلفظه بعد أول قضمة عاطفية ؟ تماما كالطعام الذي كنت أتوق لتذوقه في كل برامج فنون الطبخ التلفازية .