الجمعة، 8 يونيو 2012

قصص حب لم تجد لها حبيب ... القصة الثالثة (( مارغريت )) 2

علمتني تجارب الحياة بمنطقها المعاكس ، قاعدة ذهبية في أسس العلاقات بين الرجال والنساء ، أطلقت عليها ما يعرف بقاعدة الاندفاع المضاد ، وهي قاعدة لا تحتاج إلى مسلمات أو نظريات ، لأنها ترتبط بطبيعة الإنسان ومفهومه لمتوالية الرغبات والاحتياجات ، فالرجل حين يظهر اهتمامه بامرأة ما ، يغفل عن رؤية امرأة قد تقف خلفه ، تسعى إليه ولا تتمكن من إدراكه ، فهو يسعى لغيرها في اتجاه معاكس و لا يلتفت وراءه قط ، وتكتمل دورة استحالة التلاقي ، حين تبتعد المرأة التي أمامه وهي تسعى لرجل يسير من أمامها ولا يلتفت إليها من وراءه ، فكم أنت غريب أيها الأنسان ؟

و ينبثق عن ذلك أيضا قاعدة فرعية يمكن تسميتها قاعدة هالة الارتباط ، وذلك حين يجذب انتباه المرأة رجل يسير برفقة امرأة أخرى ، فإذا سار وحيدا يفقد تلك الهالة ولا تنظر إليه بقصد أم بغير قصد ، مع مراعاة انطباق هذه القاعدة على الرجال أيضا ولكن بنسبة أقل ، وهذا ما جعلني دوما في حيرة وشك من طبائع البشر وسلوكياتهم العابثة عند الحديث عن الحب .

إن هذه المقدمة البسيطة تستكمل أحداث قصتي مع (( مارغريت )) ، فكم كنت أسير إليها ولا أدركها ، وكم كانت تحاول إغوائي بحبها كلما رمقت نظرات صديقتها لي ، وكم ابتعدت عني وخذلت كل آمالي بحبها ، حين كتبت سطور النهاية في قصتي مع صديقتها بعد اعترافي أمامها بعشقي لعيونها الخضراء حد الجنون ، فكانت الخاتمة بانتقام أنثوي مزدوج ، وكان الضحية ذكر مغرور سرعان ما اكتشف أنه لم يكن سوى شخص ساذج .

في الحقيقة أنني ومنذ نظرات (( مارغريت )) التي كانت عصية على الفهم والتفسير عند وداعي في تلك الحفلة ، ما كانت بصيرتي لتكشف لي خبث نواياها في التخطيط والتدبير لإجهاض ذلك الحب في رحم قلب صديقتها قبل ولادته ورؤيته للنور ، وهكذا كانت الأيام تمضي بتؤدة وأنا (( كالأطرش في الزفه )) كما يقولون في أمثالنا الشعبية ، أخرج برفقة صديقتي التي كانت تصر دوما على اصطحاب (( مارغريت )) وصديقها أينما ذهبنا وحيثما وطئت أقدامنا ، وفي كل نزهة لنا كانت (( مارغريت )) تتحرش بي في حين غفلة من صديقها وصديقتي ، وأنا في كل مرة يزداد ضعفي أمام إغواء نظراتها وابتساماتها ومداعباتها التي كانت تخفي في باطنها هيجانا عاطفيا يكاد يلقي بي في غياهب الإذعان المطلق لفتنتها ، فكنت كالماسوشي أتلذذ بتعذيبها وأنا مكتوف الأيدي ، وهي أمامي تقترب من شفتاي كالتفاحة الحمراء الشهية المعقودة بخيط رفيع ، ثم تبتعد دون أن أتمكن من قضمها.

لست أدري كيف تسارعت الأمور بعد ذلك ، وتحديدا بعد قرارها بهجر صديقها ، واكتشافي أنني المسبب الرئيس في انفصالهما ، بعد أن بدأ يلاحظ سلوكياتها التي تجاوزت الحدود الطبيعية في تعاملها معي ، وهذا جعلني أعيش حالة من انعدام التوازن وفقدان السيطرة على مشاعري المتأججة بعشقها ، مع أنني كنت أدرك تماما أن صوت الضمير في داخلي كان يعلو على كل نداءات الحب ، فكيف لي أن أهجر صديقتي لأجل صديقتها ؟

وفي يوم من الأيام وبينما كنا في طريقنا لمشاهدة فيلم في السينما ، قررت أن أعترف لـ (( مارغريت )) بحبي لها ، ولكن دون أن أتقدم لها بعرض علاقة عاطفية تجمعنا ، فقد كنت أفكر بالابتعاد عنها وعن صديقتي للأبد ، إذ لم يعد بمقدوري التظاهر والتحايل على صديقتي بمشاعري التي رفضت كل الدروب واختارت درب (( مارغريت )) ، وبالفعل نفذت ما كنت عازما على فعله ، وغادرت صالة السينما قبل بدء العرض ، دون أن تبدي (( مارغريت )) أية لهفة أو رجاء ببقائي ، ولكن الذي ما توقعت حدوثه بعد ذهابي للمنزل ، تلك المكالمة الهاتفية من صديقتي وهي تتوسلني كي نبقى أصدقاء ، وتعدني بمساعدتي في إقناع (( مارغريت )) لتكون معي ، دون أن يؤثر ذلك على صداقتهما قط .

لم أصدق ما سمعته ، أحقا لا يزال من البشر من يؤثر سعادة حبيبه على سعادة نفسه حتى ولو كان مع غيره ؟ 

اتفقنا على موعد لاحق في معرض يقام في الربيع في أحد نوادي طائفتهم ، فذهبت وقلبي يسابق خطواتي ، كنت سعيدا حد الجنون ، إنه اليوم الذي سأتمكن فيه أخيرا من مناداة (( مارغريت )) بكلمة (( حبيبتي )) دون أن أخشى الناس من حولي ، وعند وصولي مقر النادي ، شاهدت (( مارغريت )) وهي تقف خلف قضبان البوابة الحديدية الضخمة ، كانت تلوح لي وتبتسم وتنادي ، فاقتربت منها وانا ما زلت أعتقد أنني أحلم ، فنظرت لي نظرة ازدراء وصرخت بأعلى صوتها والحشود متجمهرة أمام البوابة (( أغرب عن وجهي أيها الحقير ... أنت لست مني )) ، وكأن صاعقا من السماء كان قد أصابني ، ارتعشت أقدامي وبدا رأسي ثقيلا ، فأوشكت أن أهوي على الأرض والدنيا تدور من حولي ، والأشخاص عند البوابة يقتربون مني وقد أدركوا من عبارة (( مارغريت )) أنني لست من طائفتهم ، فنظرت إليها ونظرت إليهم ، واستجمعت قوتي في لحظة من عزة النفس والكرامة ، وقد تناسيت الدفاع عن حبي الذي فقدته قبل لقائه ، كي أواجه هذه الحشود بقضيتي الكبرى كأنسان ولد كما ولدوا من أب وأم واحدة ، ولكن قبل النطق بأية كلمه ، تقف سيارة فارهة عند البوابة ، وتخرج منها صديقتي وبرفقتها شاب من طائفتها ، تنظر لي أيضا بازدراء ، فألوذ في جبة الصمت ، وابتعد عن المكان دون أن التفت لما ضاع خلفي من أوهام عشتها في قصة حبي لـ (( مارغريت )) .  

هناك 5 تعليقات:

  1. مفيش اتجاه عكسي فى العلاقة بين الرجل ولا حاجة عشان مقيش واحدة مثلاً حتنتبه لرجل لمجرد انه بجانبه امراة تانية .. الي بيشد انتباه المرأة للرجل هو مشاعره الحقيقية و حنانه وصدقه فى تعاملاته مع الطرف التاني والرجل نفسه اما هيلاقي اهتمام من امرأة بعينها اكيد حينتبه لها لو كان وحيد اما لو فى حياته امراة يحبها اكيد مش هيهتم الا ل كان زير نساء .. بدليل حبه لمرجريت وهو عارف انها مش هتكون له هو بس حب انه يرضي عروره بإن فى سيدات حواليه وفي النهاية بيكتشف انها اوهام .. تحياتي .. بس حقيقي البوست جديد وفريد

    ردحذف
    الردود
    1. حواء

      أرحب بك أجمل ترحيب في مدونة أفكار وتساؤلات ... تشرفت بحضورك وأهلا وسهلا بك دائما :)

      ربما معك حق ولعل كل هذه المشاعر لم تكن سوى أوهام أو أنها لم تجد من يعتني بها ويقدرها ...

      كل الود لحضورك

      حذف