الجمعة، 30 نوفمبر 2012

ما بين الأم وابنتها ... حكايات تروى

مندهشا ... محتارا ... متعجبا ... وكيف لا يكون ؟ وهو ينظر إلى شقيقته التي ما جفت الدموع من بين مقلتيها ، وهي تصرخ وتلطم وترتعش باكية فقدان أمها الغائبة عن المنزل منذ عشرة ساعات ، تتصل بكل الجيران والأقارب لعلها تسمع منهم خبرا عنها ، ولكن دون جدوى ، وكأن الأرض انشقت وابتلعتها ، ولكن لماذا كان هو مأخوذا بفزع شقيقته وخوفها غير المسبوق على والدتها ، والتي لم يمض يوم يذكره إلا وكان صوت شجارهما يسمع من مسافة سبعة أحياء وشوارعها ، ثم يفتح الباب وهو غارق في تأملاته لهذا المشهد ، وتدخل والدته التي كانت في منزل شقيقها بعد أن أصلحت ذات البين هناك ، لتركض شقيقته وترتمي في حضن والدتها وهي تبكي ، والأم تنظر إليه وهما يتبادلان نظرات الدهشة والاستغراب لما يحدث .

وتزوج بعدها ببضع أعوام ، وكانت زوجته دائمة الشكوى من سلوكيات والدتها وتفكيرها الأرعن ، بل إنها كانت في كل يوم تشكره بعدما كان سببا في عتق رقبتها من نيران المشاكل التي لم يكن من حدود لنهايتها في أيام عذريتها ، وكان لزاما عليه أن يصلح بينهما في كل مجلس يجتمعان فيه ، وما كانت تشرق عليه شمس أو تغيب ، دون أن يهرول ما بين المنزلين ويستمع لكل واحدة وهي تبث شكواها عن الأخرى ، ويعدها خيرا بالإجابة حتى تهدأ النفوس ، حتى جاء يوم ولم يقرع جرس هاتفه اللحوح حتى منتصف الظهيرة ، فتوجس خيفة من حدوث مكروه لإحداهما ، وحين اتصل بزوجته ، جاء صوت عويلها من خلف السماعة دون أن تتمكن من الكلام ، فهب إلى المنزل مسرعا ليجدها تقف مع الطبيب عند الباب وهو يطمئنها عن صحة والدتها مؤكدا أنها ستتعافى خلال بضعة أيام .

وظل سر هذه العلاقة الغريبة بتقلباتها ما بين الحب والكراهية متكررة المشاهدات في حياته ، وهو يراقب في كل يوم مشاجرات زوجته وابنته المتمردة على كل أوامر والدتها ، ولا يظل يسأل زوجته الصبر والهوادة في التعامل مع فتاة بدأت للتو في سن مراهقتها ، ثم لا يلبث أن يستفرد بابنته في حوار صباحي حين يأخذها إلى المدرسة وهو يرجوها أن تطيع أوامر والدتها ، حتى جاء يوم وجد فيه قصاصة ورقة على الثلاجة وهو يتناول وجبة الغداء ، مكتوب عليها بخط أحمر (( بحبك يا ماما )) ، فضحك وظل غارقا في حيرة لا تنتهي من ذلك الرابط العجيب ما بين الأم وابنتها .  

هناك 9 تعليقات:

  1. الردود
    1. هيثم :)

      على الطريقة الهيثمية :

      ...... = ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      :)

      حذف
    2. أقسم بالله العظيم و أنا آت للمكتب من صلاة العشاء و أنا بنيتي التعليق (مجددًا) هنا :)
      سبحان الله :))
      ---------

      كنت أفكر كيف استطعت
      to capture such notion of a relationship between a mother and a daughter in such a simplistic yet profound way!
      هذه هي الكلمات التي كانت بخاطري! (تعرف، صرت شبه أجنباوي مهو!)
      بس جد من يومها و الإدراج ببالي!

      :)

      يلا جاوبنا ;)

      حذف
    3. :)

      يا عمي شو بدي أجاوبك ... أنا مو قد هالكلام الكبير ... :)

      بس اسمع راقب المدام وهيومه ودون بعض الملاحظات واكتبلنا ادراج عن الموضوع وساعيتها بنتفاهم :)

      تحياتي :)

      حذف
    4. أي هو بس براقب! عم بوثق شبه أسبوعي! (ابتزاز و هيك!) ههههههههههه

      -----------

      يمكن الأسر اللي ما فيها بنات -مثل أسرتنا- بيستغربوا و لاحظت هذا الاستغراب مرارًا.

      حماتي-مرتي / خالتي - ابنتها الوحيدة / كلام الأقرباء ...

      علاقة ذات كنه صعب! يا ترى بس بمجتمعاتنا؟

      حذف
  2. سبحان الله ما حد بقدر يشرح هالعلاقه ولا حد بقدر يفهمها الا...الام و ابنتها :)

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا أهلا ويسبر :)

      بالفعل علاقة عجيبة ومتداخلة في عواطفها واتجاهاتها المضادة أمام الآخرين ولكن أعتقد أن الحقيقة الثابتة فيها هي محبتهما العميقة لبعضهما مهما لاحظ الآخرون عكس ذلك :)

      لك مني كل الود

      حذف
  3. علاقة لها خصوصية و تناغم مميز
    الخلافات التي تحدث عادة تكون نتيجة لإختلاف تفكير جيلين
    والسبب في كل مرة أن الام تريد أن تكون ابنتها أفضل فتاة
    لذا هي منتهية سطحية
    ويبقى عمق العلاقة وجمالها


    ردحذف
    الردود
    1. زينه :)

      نقطة جوهرية حقا (( الاختلاف الناشىء عن تباعد اجيالهما وخصوصا في زماننا هذا ))

      وبالطبع يكون خوف الأم المبالغ فيه في بعض الأحيان والناجم عن قلقها من وقوع ابنتها في أخطاء وقعت فيها الأم في الماضي سببا لمزيد من التوتر في العلاقة ... ويبقى الحب ولو كان مستترا هو الرابط المقدس في هذه العلاقة بما يفسر عمقها وجماليتها كما قلت تماما يا زينه :)

      لك مني كل الموده

      حذف