الجمعة، 19 أكتوبر 2012

لماذا تهتم بشكلي ؟



في الجهة الشمالية الغربية عند زاوية مهملة لمكتبة لا يتردد إليها إلا كعابر سبيل ، تتخطف المصادفات خطواته كي يتقدم عبر أدراجها الرخامية ويدفع بابها الحديدي الأسود قبل هروب الشمس إلى مخدعها لحظة الغروب ، وكم كان غريبا أنه ذهب وبدون تخطيط مسبق ، إلى ركن كتب علم النفس التي كان قد سئم من مطالعتها ، أو لعله كان يخشى من مواجهتها ، كي لا تتكشف له الحقائق والأدلة المؤيدة لما يعانيه من (( شيزوفرينيا )) قد تأصلت في عقله منذ طفولته بعد أول يوم تعلم فيه النطق .

جلس على الكرسي المقابل لها ، بعد أن استسلم كعادته لسطوة كتاب من كتب (( فرويد )) ، وألقى إليها بنظرة لم يتبعها بنظرة لاحقه ، ومع هذا فما كانت لتجد اكتراثا ولو من باب الفضول من عينيها القابعتين خلف عدسات نظاراتها المربعة التكوين ، حاول أن يتسلق ببصره سلالم المساحة التي تفصل بينهما على منضدة المطالعة ، بغية معرفة اتجاهات الثقافة التي قد عزلتها عن محيط مطارداته المتداعية كلما دارت عقارب الساعة في دورتها ، وهو يتفحص جمالها بنظراته شبه المختبئة وراء نظريات (( فرويد )) ، ثم ما لبث أن بدأ بسعال جاف مفتعل ، ولكن دون جدوى ، إذ أن نظراتها ظلت تتدحرج بين سطور الكتاب الذي تمكن أخيرا من التقاط الحروف الأولى من عنوانه ، وذلك بعد أن ارتفعت إحدى دفتيه قليلا بحركة عفوية من كفيها عن السطح الخشبي للمنضدة ، والتي بدورها استحالت إلى حاجز حدودي يفصل جيوش رغبته المتأهبة لاحتلال أرضها الصامتة وجرها إلى حرب من الحديث والكلام .

(( ما الذي سيدفع بتلك الحسناء الغجرية لتحب شخصا قبيح الوجه محدودب الظهر لايسمع ولايتكلم ؟ )) ألقت بالكتاب في ذعر ورفعت رأسها إليه ، وهي لا تزال في حالة من الذهول ، فسارع إلى الاعتذار عن اقتحام سؤاله لخلوتها ، ولكنها ظلت في صمت وهي تنظر في عينيه ولا تعقب ، ثم تداركت شرودها المفاجىء ، وبادرته بسؤال ما كان ليتوقعه (( فرويد )) نفسه ، (( وهل تعتقد أنك كنت ستجلس إلى جواري وتترك كل طاولات المطالعة المترامية عن اليمين وعن الشمال ، وتختلق الأعذار الواهية للحديث معي، لو كنت قبيحة المظهر كأحدب نوتردام ؟! )) .

هناك 15 تعليقًا:

  1. الإحراج وحش
    بس جميلة جداا ,والأسلوب رائع

    ردحذف
    الردود
    1. ياسمين :)

      نورتينا :)

      كم يسعدني أن التدوينة قد أعجبتك وبخصوص الاحراج سنقول لصديقنا (( تعيش وتاكل غيرها )) :)

      كل الود

      حذف
  2. رااائع كعادتك فى سرد قصصك ووصفها بدقه يا اشرف
    والنهايه صادمه لبطل القصه كشفت له عن واقعه الاليم وكشفت ايضا عن باطن الرجل وبحثه الدائم عن الجمال
    برافو بجد رائعه

    ردحذف
    الردود
    1. هبه :)

      من أين أبدأ ؟ من أول التعليق أم من آخره ؟

      ثناؤك على كلماتي لن يضاهيه أي رد ... صدقا عاجز في هذه المرة عن وصف غبطتي وسروري بكلماتك :)

      أما عن البحث الدائم عن الجمال لدى الرجل فهي بالفعل النقطة الجوهرية لهذا الإدراج وهنا يأتي دوري لأقول لك برافو يا هبه على قراءتك لما بين السطور :)

      كل الموده

      حذف
  3. جد رائعة يا أشرف

    لم يجب و أظنه غذى الخطى نحو أقرب مخرج، آمل ألا يكون (النافذة) !

    ردحذف
    الردود
    1. دكتور هيثم :)

      سأعتبر كلماتك شهادة فخرية من جامعة غلاسكو (( ما دخلني خلص )) :)

      هو بالفعل لم ولن يجيب والدليل أنني فكرت كثيرا لأكتب فقرة لاحقة للإدراج تصف ردة فعله فلم أتمكن لأن ردها كان مفاجئا حتى لي وأنا أكتب وكأن فتاة ظهرت أمامي لوهلة وقالت ما قالت وذهبت :)

      تحياتي وتقديري

      حذف
  4. في مواقف مثل هاي بحب بس يكون الجواب مختصر مفيد.... و موجع :)

    جميل جدا

    ردحذف
    الردود
    1. ويسبر :)

      النور اليوم نورين ... الأول عودتك للأردن والثاني في مدونتي ... ألف الحمدلله على السلامه :)

      والثالث هو كلمتين مختصرتين ولكن ليس في جواب فتاة الادراج بل في نهاية تعليقك التي جعلتني في منتهى السرور :)

      كل الود

      حذف
  5. السلام عليكم

    ههه
    حصل على ما يستحقه :)

    ردحذف
    الردود
    1. نوال :)

      أهلا أهلا :)

      بالفعل كانت الضربة القاضية له :)

      كل الود

      حذف
  6. سؤال طرحته ولاأظنها فى انتظار الجواب ....

    ردحذف
    الردود
    1. أستاذي العزيز محمد :)

      حقا كانت ذكية جدا في دفعه إلى غياهب الصمت والعجز التام عن الرد :)

      كل التقدير والاحترام

      حذف
  7. always a pleasure to read the comments here

    -------

    sadee4y Asharaf fokkana min kelmet Dr.! :(

    ebleeeeeeeeeeeez

    hehee

    ردحذف
    الردود
    1. الغالي هيثم :)

      حاضر يا دكتور ... عفوا عفوا ... اخد لساني عليها شو بدي اعمل :)

      كل الود يا صديقي :)

      حذف