الاثنين، 20 سبتمبر 2010

(( البطحه )) وقود الشك


(( اللي على راسو بطحه بحسس عليها )) هذا المثل الشهير الذي يتردد كأغنية عتيقة على لسان العديد من الأشخاص في مجتمعنا ، هو دلالة على أن الاتهامات الموجهة بحق الأشخاص من صفات أو سلوكيات مذمومة إنما هي ناشئة من تأصلها في من يطلقها ، فتجد السارق يتهم الآخرين بالسرقة والكاذب يتهم غيره بالكذب ، وهكذا يكون هذا الداء الإجتماعي أو (( النفسي )) إن جاز التعبير سببا في إلقاء التهم جزافا .

قصتنا في هذا الإدراج عن رجل كانت أجندة حياته الزوجية تعج بالخيانات ، ومع هذا فهو كان شديد الحرص على جمالية علاقته مع زوجته ، ولكن ضعفه أمام إغواء (( حواء )) كان دوما أقوى من كل مبادىء الوفاء التي حاول أن يرغم نفسه ويجلد ذاته عليها ، إنها طبيعة الرجال (( لا يملؤ عيونهم من النهم على النساء إلا التراب )) .

كانت زوجته تشتم رائحة النساء اللواتي عبرن جسده في كل ليله ، بل وفي كل دورة غسيل لملابسه تغض الطرف عما التصق فيها من أحمر الشفاه ، ولا تعير أدنى اهتمام لصوت الرسائل النصية المنبعثة من هاتفه طوال فترة تواجده في المنزل ، فتتجاهل كل تلك القرائن الواضحة المعالم على خيانته ، وتواسي نفسها قائلة : (( الله يهديه )) .

و بعد مضي ثلاث سنوات ، طالت جيوب ذلك الرجل أزمة مالية ، مما اضطره للتوقف الإجباري عن خياناته اليومية لزوجته وانحسارها في (( البحلقة )) بأقدام النساء ، فهو يعاني منذ مراهقته بذلك المرض الخطير ، عندما كان يسترق النظر إلى جارته وهي (( تشطف )) ساحة دارها ، فلا يغويه النظر إلا لأقدامها التي تتجلى فيها السادية كلما كان الطلاء الأسود يرتدي أصابعها برفقة ((خلخال )) رقيق يحيط بقدمها اليسرى .

وإن ذلك العشق المتفشي بداخله لأقدام النساء يجعله يتمنى لو تكون السنة كلها صيفا شديد الحرارة حتى يشبع رغباته التي لا تعرف الشبع (( بالبحلقة )) في أقدام أي أنثى يصادفها في الشارع وبخاصة إذا كان الطلاء والخلخال من سماتها .

زوجته كانت على معرفة تامة بمرضه ذلك منذ بداية زواجهما وكم حاولت جاهدة أن تحصر ذلك المرض بأقدامها فلا يلتفت إلى أقدام أي امرأة أخرى ، ولكنها عبثا كانت تحاول ، فسطوة (( الزنوبه )) التي تزدحم بها الشوارع بالصيف كانت تقضي على إدمانه المؤقت لأقدامها في فصل الشتاء .

كم كانت تتألم في الصيف كلما خرجت معه في نزهة ما وهي تشاهد عيونه التي ترتطم أرضا كلما صادف امرأة متعرية الأقدام ، فتلعن مخترع (( الزنوبة والشحاطة والقبقاب )) .

بداية العهد الجديد من معاناة تلك الزوجة بدأ عندما أعلن ذلك الرجل التزامه الإجباري لها بالوفاء ، ولكن حظ زوجته العاثر كان في تزامن قراره باعتزال مهنة الخيانة في فصل الصيف ، فنشبت المعارك الطاحنة بينهما كلما أرادت الزوجة الخروج من المنزل مرتدية (( زنوبة أو شحاطة أو قبقاب )) ، لدرجة أنه أقسم عليها يمين الطلاق عدة مرات إذا لم تلتزم بأوامره وترتدي ما يستر أقدامها .

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، فلقد أصبح يراقب كل تحركاتها وأقوالها وأفعالها على مدار الدقيقه ، فإذا قرع جرس هاتفها برسالة نصية فلا بد أن يطلع هو عليها في البداية ، وإذا كانت مكالمة صوتية فيتوجب عليها في منتصف المكالمة أن تطمئنه بأن الصوت المنبعث من الهاتف هو صوت أنثوي لإحدى قريباتها أو صديقاتها .

حمى مرض (( البطحه )) لدى ذلك الرجل ارتفعت كثيرا ، فلم يعد يسمح بخروجها من المنزل لوحدها مطلقا ، واستأجر بعض العيون لمراقبة تحركاتها طوال فترة تواجده في العمل ، وهي لا تزال صابرة ومحتسبة على أمل شفائه من تلك الحمى اللعينة .

وبعد مرور سنة على ذلك الجحيم ، قرر أن يعتقها من ذلك السجن ويمنحها فرصة للحرية من جديد ، فوافق على ذهابها إلى السوق بمفردها ، وفي أثناء عودتها قررت أن تركب في سيارة أجره لتصل إلى المنزل بسرعة قبل أن تبدأ أعراض حمى مرض (( البطحه )) بالظهور مجددا على زوجها ، ولكن الحظ العاثر كان يلازمها ، ففي منتصف الطريق استأذن منها السائق لتسمح له بأن يقل رجلا كانت وجهته تشترك مع وجهتها ، فلم تمانع المرأه ، وعند وصولها بالقرب من منزلها ، طلبت من السائق أن يتوقف قبل منزلها بشارع ، لأن هواجس الخوف بدأت تطاردها بمجرد موافقتها على ركوب ذلك الرجل ، فلو شاهدها زوجها فسيصاب وبكل تأكيد بحمى مرض (( البطحة )) من جديد ، وفعلا أصبحت تلك الهواجس حقيقة ، فلقد تصادف وجود زوجها في ذلك الشارع لشراء (( السجائر )) ، وما أن تقاطعت عيونهما في تلك اللحظة المشؤومة حتى هرول مسرعا إلى (( الدكان )) ليأخذ سكينا ، ودون أن يمنحها أية فرصة للكلام أو الدفاع عن نفسها بدأ يطعنها وهو يصرخ كالثور الهائج مع كل طعنة : (( خائنه .... خائنه .... خائنه )) .

هناك 32 تعليقًا:

  1. مجتكع ذكوري بامتياز ... ياااااااا للفرحة و الفخر :(

    ردحذف
  2. لا رجاااااااااااااااال

    عن جد رجااااااااااااااال

    ردحذف
  3. للاسف مافي فرصة للتفاهم...
    الكل يرى الناس بعين طبعه مثل مايقولون...

    اهلي يقولون لنا على ايام أبائهم .. اذا اي احد
    مجرد قال ان فلانه غير شريفه ( وهو كذب او اشاعه )
    على طول احكموا عليها بالاعدام وادفنوها
    مافي تفاهم ... السمعه اهم شي...

    والرجل اذا كبر على شي غلط يكون الشك عنده مرض غير طبيعي
    والله يساعد زوجته اذا كان متزوج ....

    شاكره لك ... :)

    ردحذف
  4. للأسف، مثل هؤلاء الرجال لا يمتون للرجولة بأي صلة. فهم عار على الرجال الشرفاء الذين يخافون الله في زوجاتهم، فيعاملوهن كما أمر الله سبحانه ونبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم..
    قصة مؤلمة جدا، أخي الكريم، وأسأل الله تعالى اللطف من مثل هؤلاء الأشخاص..

    كنت هنا..

    ردحذف
  5. أنا سمعت أن المثل تغير وأصبح (اللي على راسه بطحة ومش عارف يحسس عليها!!) .. فقد أصبحنا قوة لا يستهان بها.

    ردحذف
  6. أهلا وسهلا هيثم

    فعلا يا للفرحة والفخر :(

    كل الود

    ردحذف
  7. أهلا وسهلا جفرا

    رجال بالكنية فقط :(

    كل الود

    ردحذف
  8. I am visible
    أهلا وسهلا

    قبل ما أبدا بالموضوع في واجب تاج ثقافي مطلوب منك ومن white freedom ليش متأخرين لحد الآن بدنا نصحح الأوراق :)

    كلامك صحيح ففعلا الجميع يرى الآخرين بعين طبعه .

    صدقيني قضية الاشاعات والقاء التهم جزافا لاتزال مستمرة لغاية أيامنا هذه ولو أنها أقل حدة من السابق ولكنها لا تزال موجوده وبخاصة إذا كان الموضوع يتعلق باتهام وطعن شرف المرأه .

    أما مرض الشك عند الذكور بشكل خاص فلقد استعصى علاجه مع مايحدث من أمور في هذه الأيام .

    كل الود

    ردحذف
  9. أهلا وسهلا Rain

    وهكذا تحدث الأمور أحيانا :)

    كل الود

    ردحذف
  10. أهلا وسهلا أخي خالد

    معك حق فهؤلاء ليسوا برجال بل هم عار على الرجولة .

    أضم صوتي لصوتك بالدعاء وأسأله تعالى أن يتلطف بأمتنا ويصونها من شرور النفوس المريضة .

    كل الود لحضورك

    ردحذف
  11. أهلا وسهلا جنون عبقري

    إلى متى يا أخي سننحدر في غياهب ذلك الطريق المؤلم؟

    صدقا لست أدري ولكني أسأله تعالى الهداية لأمثال هؤلاء .

    كل الود

    ردحذف
  12. زي ما بحكو الحرامي بفكر كل الناس حراميه

    انا ما بعرف امثال "اشباه الرجال" هدول ليش بتزوجو اساسا مدام ما بفهمو معنى الزواج؟؟؟
    خليك داير على حل شعرك بعيد عن بنات الناس
    ليش لتخرب حياتها و حياة اولادك- اللي حيطلعو زيك عأساس القدوة - و حياة بناتك - اللي حتطّلع عينهم -

    خرّب حياتك لحالك

    ردحذف
  13. أهلا وسهلا ويسبر

    فعلا معك حق فأمثال هؤلاء يتوجب عليهم الابتعاد عن مؤسسة الزواج لأن مصيرها بين أيديهم ستكون الفشل والضياع والخسران .

    كل الود

    ردحذف
  14. تعليق بايخ بس جد عندي فضول اعرف:
    شو يعني بطحة؟و من وين اجا هالمثل؟

    ردحذف
  15. @rain
    بطحة = زجاجة مشروب كحولي ؛ غالبا ً من "فئة" النصف ليتر فأكبر!

    و شكرا ً لتعاونكم

    *أنا استخدمت حقوقي البيتيّة التدوينية يا أشرف :)))

    ردحذف
  16. مساء الخير أشرف
    واحد من هذه النوعيه لازمه وحده تكسر البطحه على راسه وتكمل عليه بالشباشب والزنوبات :)))
    ساعتها ببطل يشوف بالمره

    ردحذف
  17. أهلا وسهلا Rain

    بالطبع صديقي العزيز هيثم تلاعب بالألفاظ اللغوية كما هي عادته من باب المزاح وفعلا كم أتمنى لو أنني أملك ولو جزءا بسيطا من روحه المرحه وخفة دمه....حماك الله يا صديقي (( عيني عليك بارده )) :)

    البطحه يا رين في هذا المثل وفقا لمعلوماتي هي كناية على الجرح الناجم من العراك والمشاجره ولأن ذلك الجرح يكون له أثر عميق على الشخص فإنه وبمجرد رؤيته لأي موقف مشابه لتلك المعركه يبدأ بتذكر جرحه ووضع يده بشكل لا أرادي على مكان الألم معتقدا أن الشخص الذي يواجه المعركة أمامه سيلاقي نفس مصيره ومن هنا جاء أصل المثل على ما أعتقد :)

    كل الود

    ردحذف
  18. أخي هيثم

    حقوقك التدوينية والبيتية في مدونة أفكار وتساؤلات على العين والراس وحياتك بس على شرط إنك تبدا تعطيني دروس بخفة دمك الرائعه :)

    كل الود يا صديقي

    ردحذف
  19. أهلا وسهلا نيسانة المدونين

    يا خوفي يا نيسان إذا بدا ينضرب بالزنوبه والشبشب يصير يحكي (( هل من مزيد )) .

    مش بقولو ضرب الحبيب زبيب والزنوبه والشبشب حبايبو :)

    كل الود

    ردحذف
  20. يعني ماتت المسكينه ولا لحقوا ونقلوها عالمستشفى؟

    يا رجال والله زهقنا من هالحكي هاظ عاد، يعني اذا صارت بالسنة 10 - 15 جريمه من هالشكل في مجتمع عدده 6 مليون يعني لازم نظل ليل نهار نعيد ونزيد بهالكلام؟
    مهو كل المجتمع صار عنيف وما بيعرف يتفاهم واحد مع التاني، يعني صار اللي بيقول لواحد مرحبا يتوقع يوكله موس ببطنه واللي بيطلع مشوار بسيارته ما بيصدق على الله وهو يرجع عاليبت قبل ما يصير معه شي. . . يعني الموضوع ما اله علاقه بالجنس سواء انثى او ذكر سوى انه اذا كانت الضحيه انثى بيكون على الأغلب الجاني قريب بس أضعاب هالمشاكل هاي بتصير وبيكونوا الجاني والضحيه ما الهم علاقة ببعض

    ما في حال على المدى القريب.

    ردحذف
  21. أهلا وسهلا أخي غير معرف

    أنا أتفق معك تماما على أن الموضوع ليس له علاقة بالجنس سواء أكان أنثى أم ذكرا ولكن أنا حاولت من هذا الإدراج أن أسلط الأضواء على مسببات خفية لقضية العنف والتي تكمن في سر (( البطحه )) أي بمعنى آخر أن سوء الظن الذي (( يعشعش )) في عقول العديدين بسبب ما يشاهدونه أو يسمعونه من غيرهم أو ماقد يكونوا تعرضوا له بشكل شخصي هو المتسبب في اعتقادهم أن الجميع كذلك وهذا ينطبق على الذكر والأنثى بكل تأكيد .

    أشكرك على حضورك وتعليقك .
    كل الود

    ردحذف
  22. الله يسعدك يا أشرف.

    :)
    أنا كنت بتكلم بشخصي الزرقاوي الهامل :p

    ردحذف
  23. لا لا انا حبيت تفسير هيثم اكتر *شرير*
    XP

    ردحذف
  24. صديقي الجميل هيثم

    على الرحب والسعة دوما سواء بشخصك الزرقاوي أو الشيشاني (( كلهم بجننو )) :)

    كل الود

    ردحذف
  25. انا بعرف المثل .. اللي فيه شوكة بتنخزه

    كل ما بقول انه المجتمع عم يتحسن بيطلع العكس !!

    تحياتي

    ردحذف
  26. أهلا وسهلا أحمد

    معك حق فالمثل الذي ذكرته يؤدي إلى نفس المعنى تماما :)

    المجتمع هذه الكلمه فعلا أصبحت أشعر بالألم كلما ذكرت أمامي ولكن ليس أمامنا إلا أن نستمر في الأمل والحلم لمجتمع أفضل بكل المقاييس .

    كل الود

    ردحذف
  27. بجننوا فعلا ً بالمعنى الصريح ، لوول

    ردحذف
  28. أهلا وسهلا هيثم

    بجننو من حلاوتهم وخفة دمهم وليس الجنون الآخر بكل تأكيد :)

    ردحذف
  29. mar7ba ashraf
    wow very sad story ,sadly am sure it's true story and it happens every where, i just don't get like whisper said if you cant handle being marred and respect the marriage life why get married in the first place if this person lie to be with more than women at the same e time and have affairs like that why get married ,and do that to his wife and family ,every man who dose that in real life 3anjad all i can say is manho la Allah .
    thank you ashraf and have nice day

    ردحذف
  30. أهلا وسهلا نور

    معك حق فمثل هذه القصص تتكرر في كل مكان لأن طبيعة النفوس البشريه في النهايه تشترك في العديد من الجوانب والتي كان من أبرزها في هذا الإدراج قضية الشك المتولد عن الخطيئه الملازمه لصاحبها والذي يبدأ بمحاولة اسقاطها على الآخرين لكي يتخلص من عقدة الذنب التي تلاحقه .

    في الواقع أمثال هؤلاء الرجال لا يظهرون سلوكياتهم تلك عند إقدامهم على الزواج ولذلك فالمرأه التي تتزوج من أمثال هؤلاء ليس بالضرورة أن تكون قد اكتشفت حقيقتهم في البداية ومن هنا فأعتقد أن المشكله ولكي يتم معالجتها قبل أن تتفاقم فلا بد للمرأه من وجهة نظري وبمجرد أن تكتشف أول خيط من خيوط الخيانه أن يكون لها موقف صارم بذلك وليس كما فعلت بطلة القصة التي ظلت صامتة ولم تحرك ساكنا لكل تلك الخيانات .

    صدقيني يانور هذا الزمن يتطلب القوة والصرامه عند مشاهدة الخطأ لا السكوت عنه كما كان يفعل نساء أهل زمان فيقولون أن الرجل في النهايه مصيره لبيته واولاده لأن رجال الماضي ليسوا كرجال الحاضر فتربية واخلاق الماضي تختلف عن هذا الزمان المنفتح على كل المجتمعات بهذه الطريقه .

    كل الود ونهارك سعيد

    ردحذف