السبت، 2 مارس 2013

لو كنت أنثى

يا للهول ، كنت قبل الشروع بكتابة هذا الإدراج ، أغط في سبات عميق من الدهشة أمام المرآة ، فبعد أن كنت دؤوبا في الحديث عن النساء اللاتي ألفيت فيهن معاركي العاطفية بين هزيمة ونصر ، أقف اليوم وقد تبدلت ملامحي إلى امرأة بكر لا تفقه شيئا في تجارب الحب ، ولكنني أشعر بالغبطة لتقمص هذا الدور ، فهذه فرصتي كي أغوص في أعماق النساء ، واكتشف قليلا من أفكارهن المستعصية على الفهم عند الحديث عن الحب .

لو كنت أنثى ، فلن يستهويني التوقف أمام رجل يجلس وحيدا في زاوية مهملة عند طرف المقهى الذي لا أتردد عليه إلا بحكم السأم ، وقد أطال التحديق بي مستجديا نظرة قبول قد تؤنس وحدته ، ولكنني سأراقب باهتمام متواتر تلك اللهفة الساكنة في عيون رجل يجلس في الركن المحاذي لطاولتي ، وهو يتحدث مع امرأة أخرى ، ولا يجد في قلبه حرجا من الإذعان المطلق لها في الوفاء ، فيشعل الإهانة في حطب أنوثة امرأة وحيدة مثلي .

لو كنت أنثى ، سأحسم الصراع بين واقعة العقل والقلب ، وأختار ذا المال والجاه والسلطان ، أحقق معه بذخ الأحلام ، وأنبذ وراء ظهري كل الفرسان الحالمين بلحظة حب لن أجد فيها قوت أمنية صغيرة من أمنياتي في الحياة . 

لو كنت أنثى ، فلن تغريني كلمات رجل في الحب ، بل سأظل أطارد ذلك الرجل الذي أجد معه الحب في كل ما يفعله من أجلي ، دون أن تنطق شفتيه في يوم كلمة الحب .

لو كنت أنثى ، سأجد الراحة والثقة في الحديث مع رجل خبير في الحياة بمنطقها المعاكس ، يشعرني بحنان الأبوة ، ويطويني تحت ذراع تجاربه كي يوجهني إلى الطريق القويم في تصريف شؤوني المتباينة بين المشاعر الإنسانية المتضادة الأثر ، فأكون تلميذته الصغيرة التي ذابت شموعا من الهوى في قلبه .

لو كنت أنثى ، فلن التفت إلى رجل يتباهى بزخم مغامراته العاطفية من قبلي ، فهذا دليل دامغ على فشله الذريع في ميدان الحب ، فالقلب حين يكثر ساكنيه ، تتصدع شرايينه وتهترىء أوردته ، فيغدو غير قابل للنبض بالحب .

لو كنت أنثى ، سأبحث عن التحدي مع رجل يدعي كراهيته المفرطة لمعشر النساء ، ويبالغ في الحديث عن ضلعهن الأعوج  ، وحكمتهن التي ينقصها الكثير من العقل والدهاء ، وحين ينبري تحت أقدامي كالطفل العابث من فرط الحب ، سأسخر من غروره المنكسر تحت وطأة أنوثتي ، وهو يكفر بكل المذاهب الفكرية التي اعتنقها من قبلي ، ويقسم أن الحكمة لم تولد من قبلي ولن تكون لأحد من بعدي .

لو كنت أنثى ، فلن أختار العيش مع رجل يكره الحياة ، يجعلني أعيش في دوامة من عقده وأحزانه وقصص أحلامه التي اغتالها على الدوام سوء الحظ والطالع ، لا أريد لأنوثتي هرما مع شيوخ أفكاره السلبية لمجتمعات التخلف والقهر ، أريده رجلا يأخذني بعيدا إلى عالم من الأحلام الوردية حتى ولو كانت كذبا ، فالحب لا يعيش بين المآسي والآلام ، إلا مع أشخاص لم يفهموا في يوم سر الحياة . 

وا رأساه ، ما الذي أصابني ؟ استيقظت من غفوة أفكار بلا تساؤلات ، وعدت الآن رجلا كسابق عهدي ، ولكنني لا زلت أبحث عن امرأة تجيد المبارزة العشقية عند الحديث عن الحب .                 

هناك 14 تعليقًا:

  1. يا أشرف، كنت حأغلط و أقول: يا معاشر الإناث.. افهمن و طبّقن ..و اتعظن
    بس تعرف شو.. لو جزئيًا هالتحول يصير = بتبطل الحياة إلها أي طعمة! فوق ما هي خربانة أصلًا :) + :(

    ما بدنا يصيروا هيك يا أشرف، ما بدي!

    لو كنت أنثى = كنت سأنسى! :]

    ردحذف
    الردود
    1. صديقي العزيز هيثم :)

      خلص انت بتمون ... ما بدنا ياهم يصيرو هيك ... بس يا خوفي نشوف أجيال رح تيجي وتفاجئنا اكتر واكتر ... لحد ما نوصل لمرحله ما نفهم بعديها اي شيء :)

      تحياتي يا صديقي

      حذف
    2. ما دام بمون .. خلص.. وصلني حقي التعليقي و زيادة :)

      --
      مش الساعة (مليون) إلا شوي بالأردن! :)
      شووووووووووو

      ههههههههههههه *هيثم يأمل بإدراج لا متوقع*

      حذف
    3. يا هيثم :)

      لسى على النار ما استوى ... بس لعيونك بنشد حيلنا في الطبخة ... شايفلك اني عن جد تقمصت دور الأنثى :)

      حذف
  2. الردود
    1. اهلا وسهلا موناليزا :)

      نورت المدونة بحضورك :)

      كل الود

      حذف
  3. لو كنت تلك الانثى لكنت سعيدة


    ههههه


    تحياتي سيد اشررررف

    ردحذف
    الردود
    1. صبح :)

      وانا سعيد سعيد بتواجدك معنا اليوم :)

      كل المودة

      حذف
  4. السيد أشرف :) تقمص دور الأنثى لا يليق بك يا عزيزي :) لكن أحببت كلماتك..

    أعجبتني التدوينة السابقة وكان عندي تعليق لك بس عندي مشكلة بجهازي في البيت ما بتطلع التعليقات. يعني بعد ما كتبت تعليق أنا نفسي كان عاجبني ههههههه بس ما طلع :(

    لكن إن شاء الله راح أعيد كتابته وأرسلك اياه..

    ردحذف
    الردود
    1. اسيل :)

      كم أخشى ان لا اجد دورا اتقمصه في قادم الايام وانا اجد الحظ يعاكسني كلما مضيت في درب من دروب الأمنيات :)

      ولكن ربما كلماتي في هذا اليوم قد تمادت في نشوتها بعد شهادتك بها يا عزيزتي :)

      كل التقدير

      حذف
  5. والأنثى تقول على لسان الرجل :)

    لو كنت رجلا لفرشت الأرض ورودا حتى تمشي فيها من ملكت قلبي دون أن يصيبها شوك..

    لو كنت رجلا لنبض القلب باسم الحبيبة في كل وقت وحين..

    لو كنت رجلا لأحبن المتربعة على عرش قلبي حتى يقبض الله روحي..

    لو كنت رجلا لبسطت لأنثاي حبي على طبق الصدق والوفاء.. ولشرعت أبواب قلبي لتغرق من أحب بأحاسيس دافئة ..

    لو كنت رجلا لعاملتها كأنثى ..

    لو كنت رجلا.. لطبقت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: رفقا بالقواوير..

    لو كنت رجلا.. لكانت أنثى..

    كنت هنا.. :)

    ردحذف
    الردود
    1. صديقي خالد :)

      سلمت اناملك الذهبية ... روعه روعه روعه :)

      كل المودة والتقدير

      حذف
    2. أنت الأروع أخي الحبيب..

      شكرا لك على هذا الإبداع الذي تتحفنا به دوما..

      سلم لنا فكرك، وقلبك..

      سلمت لنا روحك.. وأناملك..

      كنت هنا.. وسأبقى دوما.. ما حييت بحول الله وقوته..

      حذف
    3. اخي خالد :)

      أخجلت تواضعي يا عزيزي :)

      لكم تتشرف مدونة افكار وتساؤلات بتواجدك وحضورك اليها ... انت من اهل البيت هنا يا خالد :)

      لك مني كل الحب والتقدير والاحترام

      حذف