السبت، 3 أبريل 2010

لعبة الموت

قرأت خبرا في أحد الصحف المحلية يتحدث عن عملية القبض على محتالين يفتعلون حوادث دهس لغايات ابتزاز السائقين ولازلت أذكر لغاية الآن أحد حلقات المسلسل السوري الشهير ( مرايا ) للفنان المبدع ياسر العظمة عندما تناول هذا الموضوع وكيف أن بعض الشباب الذين ضاقت بهم سبل العيش اتخذوا من قضية افتعال حوادث الدهس مهنة لهم غير مكترثين للمخاطر التي قد تلحق بهم نتيجة لذلك ، وهو ماحدث فعلا في نهاية تلك الحلقة عندما حاول أحد هؤلاء الشباب افتعال حادث دهس أمام سيارة مسؤول وكانت النتيجة قيام حراس ذلك المسؤول بضرب ذلك الشاب حتى كسروا له ضلوعه .

إن ما يحدث من سلوكيات من قبل بعض الأفراد هي النتيجة المتوقعة لارتفاع معدلات الفقر التي بدأت تسود في المجتمع وارتفاع معدلات البطالة بين فئة الشباب وطالما أن الشعب بدأ يعاني في الحصول على لقمة العيش كما أكدت في إدراج سابق فسنرى ونسمع ونشاهد المزيد من السلوكيات الاجرامية وعمليات النصب والاحتيال وغيرها كثير من الأمراض الاجتماعية التي ستنهك جسد هذا المجتمع .

من جهة أخرى فما دفعني للحديث عن هذا الموضوع أيضا هو حادثة حصلت معي قبل عدة شهور في أحد الشوارع الفرعية في منطقة جبل الحسين ، فبينما أنا في طريقي إلى المنزل في المساء فوجئت بطفلة لا تتجاوز التاسعة من عمرها تعبر الشارع أمامي وبحمد وفضل من الله تعالى تمكنت من السيطرة على السيارة وايقافها في الوقت المناسب.

في الواقع لم أوبخ تلك الفتاة وتابعت مسيري ولازلت أنظر بالمرآة إلى الخلف ففوجئت بأن الفتاة الأخرى التي كانت مع الفتاة التي كنت على وشك دهسها تعبر الشارع أيضا بنفس الطريقة وكانت السيارة الأخرى أيضا على وشك دهسها ، في تلك اللحظة بالذات أوقفت سيارتي وبدأت بمراقبة هؤلاء الفتيات وكانوا ثلاثة ، فوجدت أنه بمجرد عبور أية سيارة من ذلك الشارع تقفز إحداهن في كل مرة إلى وسط الشارع متظاهرة بعبوره وفي كل مرة ينجح السائقون بالافلات من مكيدة دهس إحداهن ، هذا مع العلم أن جميع هؤلاء الفتيات لم يتجاوزن العاشرة من عمرهن .

بعد مشاهدتي الثالثة لتلك اللعبة المميتة تأكدت أنها لعبة يمارسنها دون ادراك لخطورتها وما قد ينجم عنها ، فتدخلت وعدت بسيارتي إلى مكان تواجد هؤلاء الفتيات وبالطبع حاولت إحداهن أن تقفز أمامي ولكنها فوجئت أنني توقفت قبل وصولي إليها بكثير ، وبدأت بمناداة هؤلاء الفتيات ، فاقتربن مني على حياء وكأنهن أدركن أنني اكتشفت سر لعبة الموت التي كانوا يلعبونها ، وفعلا بدأت أنصحهن حول خطورة ما يفعلن وأنهن قد يتعرضن للموت بسبب تلك اللعبة التي لا يدركن خطورتها ، تظاهرت أمامهن بأنني رحلت ولكني أوقفت السيارة في مكان يمكنني من رؤيتهن دون أن يلاحظن ذلك وفعلا وجدت أنهن توقفن عن لعبة الموت تلك ، فتابعت مسيري إلى المنزل ولكن عقلي استمر بالتساؤل حينها في أن الساعة كانت حوالي الثامنة مساء وهؤلاء الفتيات يلعبن في الشارع لوحدهن والمشكلة ليست في ذلك فقط بل في المدة التي قضينها في ممارسة لعبة الموت تلك ؟

يا ترى أين كنتم يا أهالي هؤلاء الفتيات في ذلك الوقت ؟

هناك 6 تعليقات:

  1. مساء الخير اشرف...

    أنا مو فاهمة، هل مفروض نحط اللوم على الظروف الاقتصادية الصعبة؟
    ولا الحكاية الها جذور بثقتفتنا و شخصيتنا؟

    بتذكر منيح يوم من الأيام كنت على وشك اعمل حادث رهيب بمعنى الكلمة على طريق المطار، سببو انو شفت هالمنظر: ولد عمرو اقل من عشر سنين، متمدد بعرض الشارع كأنو ضربتو سيارة، و ولدين واقفين عالجزيرة الوسطية بصرخو... شفت المنظر قدامي، كان بعيد، ضربت بريك مرعب و طلع صوت التشحيط و كل اللي وراي دعسوا بريكات، و بلحظة قام الولد و ركض بسرعة لعند التنين اللي عالجزيرة، و قطعوا النص التاني للشارع و هربوا للجهة التانية و هم بيضحكوا... يعني ابوزيد الهلالي ما بيلحقهم!
    الله ستر اللي ما حدا من السيارات اللي كانت بالشارع ضربوا ببعض لأنو لما بحكيلك طريق المطار يعني ابداً مو مزحة!!

    غير الولاد الزغار اللي كتير عادي انو بس تقرب السيارة منهم يمدو ايدهم يحاولوا يمسكوا السيارة!! طيب ليش يعني؟ رجولة؟

    انا مش عارفة شو هالرجولة اللي بدها توقف بوجه الحديد :-)

    و سلامتك...

    ردحذف
  2. مساء الخير يا أشرف
    لا أدري من أين أبداء، موضوع يفطر القلب فعلا، والله أن هذه الدنيا غريبة عجيبة، هناك اسئلة ليس لها اجابة:
    ما ذنب الأطفال الذين يربون على ثقافة التسول؟ هل سيندم ذلك الولد الذي تربى على التسول عندما يكبر؟ هل سيغير اتجاهه المهني؟ أم أن من شب على شيء شاب عليه؟
    عقل الطفل دفتر أبيض سواء كان من الحي الشعبي أم من الحي الراقي، يوم الخميس كنت في وسط البلد، سألتني طفلة أن اعطيها من مال الله، فلما تمنعت، شتمتني بشتائم لاذعة، فما كان مني إلا أن تابعت المسير، الذنب الأكبر على الجهات الرقابية، فلا يوجد عقوبات رادعة للمتسولين، كل يوم أرى متسولات يغفو على أيديهن أطفال رضع، اسأل نفسي هل سيكون هؤلاء الرضع اطباء ومهندسين في المستقبل؟

    جزاك الله خير على ما فعلت مع تلك الفتيات

    ردحذف
  3. هالظاهرة للاسف متشرة من زمان و زادت كتير هالفترة, وما بستبعد ان اهل هالبنات بعرفو باللي بعملوه اذا مش همه اساسا موجودين بالموقع لحتى يجو و يبهرو الوضع اكتر بركي زاد المبلغ اكتر :$

    في صفات متأصلة في النفس هي اللي بتعكس تصرفاتنا بكل الظروف, ما اعتقد ان تغير الحالة الماديه ممكن يغير من صفات الانسان, مع ان كل اللي بنسمعو هالايام الناس بترجعه لتردي الحالة المادية

    الله يعين العالم و يهديها يا رب

    ردحذف
  4. أهلا وسهلا Naryat

    في الواقع صدقيني الموضوع مرتبط بالتساؤلين اللذين طرحتهما معا مابين الظروف الاقتصادية الصعبة من جهه وجذور الثقافة والشخصية المتأصلة لدى بعض الناس في الاستمتاع بالاحتيال والنصب والسلوك الاجرامي الناتج عن البيئة الفاسدة التي يعيشون فيها منذ صغرهم وتترك الأثر الأكبر على تكوين شخصياتهم في المستقبل من جهة أخرى .

    صدقيني القصة التي شاركتنا بها هي دليل دامغ على أن تلك الظاهرة التي نتحدث عنها متأصلة ومتغلغلة في هذا المجتمع وأهنئك من كل قلبي على نجاتكي من تلك المكيدة بسلام :)

    وكما قلتي فهناك من الاولاد من يحاولون امساك السيارات عند مرورها وبخاصة هؤلاء الذين يستخدمون الزلاجات المتحركة والمشكلة أن بعض السائقين يسمح لهم بممارسة تلك اللعبة الخطيرة ويساعدوهم عليها وبكل أسف .

    الرجولة ومعانيها ماذا سأقول لكي عن ذلك المفهوم المغلوط عند العديد من الاشخاص في هذا المجتمع والذين يحصرون الرجولة في معان ضيقة ولايدركون معاني الرجولة الحقيقية وصدقا هو موضوع ذو شجون كثيرة ويحتاج إلى وقفات عديدة للحديث عنه .

    نهارك سعيد

    ردحذف
  5. أهلا وسهلا أخي نادر :)

    صدقا كما قلت الموضوع مؤلم ويفطر القلب فعلا وذلك لأن هؤلاء الاطفال الذين تربوا على ثقافة التسول قد تم اصدار الحكم عليهم بالاعدام من أول مشهد في مسرحية حياتهم التي سيعيشونها وبالتأكيد ستتابع الأجيال المكتظة بتلك المشاهد التي صادفت يا صديقي إحداها مع تلك الطفلة التي استوقفتك في وسط البلد طالما أنه لا يوجد من ينتشل هؤلاء الأولاد من تلك البيئة الفاسدة قبل فوات الآوان .

    صدقا لست أدري من المنقذ لهم يا صديقي :(

    نهارك سعيد

    ردحذف
  6. أهلا وسهلا ويسبر

    فعلا معك حق فتلك الظاهرة مع الأسف الشديد تزداد أكثر وأكثر مع تردي الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع وصدقا في حالة أن أهل البنات كانوا على علم بما كان يحصل لغايات الكسب المادي فماذا سنقول بعد ذلك عندما نشاهد أهالي يدفعون ببناتهم إلى حافة الموت بهدف المال .

    وكلامك صحيح وأتفق معك عليه في أن الصفات المتأصلة في بعض النفوس بسبب البيئة التي تربوا فيها لن تغيرهم بتغير الاحوال المادية لأنه كما يقال فإن الطبع يغلب التطبع .

    أضم صوتي لصوتك في الدعاء وياربي يعين العالم ويهديهم - اللهم آمين .

    نهارك سعيد

    ردحذف