مما لا شك فيه أن العديد منا في هذه الأيام يواجه العديد من الضغوطات النفسية سواء في محيط الأسرة أو في مجال العمل أو الدراسة أو في مجال العلاقات البشرية في المجتمع عموما ، وتتعدد عوامل ومسببات تلك الضغوطات النفسية ما بين عوامل إقتصادية تعنى بشكل رئيس بوجود فجوة كبيرة بين متوسط دخل الفرد ومستوى الأسعار السائدة ، وكذلك قد تكون عوامل سياسية تتعلق بشكل مباشر بسياسة البلد الداخلية أو الخارجية وما يكون لذلك من آثار على حجم الضغوطات النفسية التي قد يتعرض لها الأفراد اعتمادا على مساحة حرية الحركة الجسدية والفكرية التي سيتمتعون بها في ذلك المجتمع ، هنالك أيضا عوامل اجتماعية لها علاقة بحدة صراع الانتماءات الفكرية والعقائدية والعادات والتقاليد ونظرة المجتمع لسلوكيات وتصرفات أفراده ، ولا ننسى بالتأكيد العوامل التي تكون خارجة عن سيطرة المجتمع ويكون لها أثر كبير في حدة الضغوطات النفسية كالحروب والمجاعات أو الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والإعصارات وغيرها .
ولكن كيف نستطيع تحديد أننا نعاني من ضغوطات نفسية منحبسة في أعماقنا ؟
بل كيف نستطيع تحديد المؤثر المباشر الذي يتسبب بذلك الضغط النفسي ؟
وهل نستطيع مقاومة ذلك الضغط والتخلص منه أو تخفيف حدته على أقل تقدير ؟
في الواقع في البداية سأطرح وجهة نظري في التساؤل الأول ، فكل فرد يستطيع أن يحدد بشكل كبير إذا كان يعاني من ضغوطات نفسية أم لا ، فهنالك العديد من القرائن التي تدل على ذلك ومنها :
- الانطواء والانعزال ، فرغبة الفرد المستمرة بالانعزال مع نفسه والابتعاد عن الآخرين لها علاقة كبيرة في تفاقم حجم الضغوطات النفسية التي قد يعاني منها الفرد .
- اللجوء إلى النوم بشكل مبالغ فيه وهي في الواقع مظهر من مظاهر الانعزال والانطواء أيضا .
- التفكير الوسواسي بمعاناة الفرد بمرض خطير يهدد حياته وتسخير تفكيره بشكل مطلق في هذا الجانب فقط .
- المبالغة في الخوف من المستقبل المجهول .
- السخط والنقمة على المجتمع بشكل دائم والرغبة المستمرة في الهروب منه .
- الحنين والشوق الدائم لذكريات الماضي والاسترسال بالخيال بشكل مبالغ فيه في استحضار مشاهد الماضي والتفكير بها .
- القيام بحركات طفولية مثل إصدار أصوات غريبة كأصوات الحيوانات مثلا أو القيام بحركات جسدية بشكل مفاجىء مثل القفز على رجل واحدة أو الدق على الطاولة أو الرقص و الغناء في مواقف تحتاج للجدية والالتزام .
- وأخيرا المزاج العصبي الدائم في كل الأوقات بدون أي مبرر لذلك .
وأعتقد أن الأشخاص الذين يعانون من إحدى هذه الظواهر هم متأثرين بشكل أو بآخر بضغوطات نفسية في جوانب معينة في حياتهم ولذلك أعتقد أن على كل فرد أن يكون طبيب نفسه بحيث يستطيع تحديد المؤثر أو مجموعة المؤثرات الرئيسة التي تتسبب بتلك الضغوطات النفسية ، وأنا لا أجزم أبدا أنه من الممكن التخلص من تلك المؤثرات نهائيا أو أن تكون هنالك القدرة في الإبتعاد عنها ، ولكن يمكن استخدام أساليب ووسائل تساعد في تخفيف حدة تأثير تلك الضغوطات ولكن الخطوة الأولى وهي الأهم أن يستطيع كل فرد من معرفة السبب أو المؤثر لتلك الضغوطات النفسية التي يواجهها .
أما عن كيفة مقاومة تلك الضغوطات النفسية والمحاولة من تخفيف حدة وتيرتها في حياة الأفراد ، فإنني أقترح مجموعة من الاساليب وهي :
- مناقشة مؤثر الضغط النفسي مع الاشخاص الموثوقين والذين لديهم القدرة على فهم واستيعاب طبيعة ذلك المؤثر وليست تلك المناقشة بهدف ايجاد الحل في التخلص من ذلك المؤثر بقدر ما هي محاولة للتخفيف من احتباس تلك الضغوطات وأفكارها في داخل النفوس .
- الحذر من إتعاس الآخرين واستفزازهم تلافيا لزيادة أعباء الضغوطات النفسية التي قد تحدث نتيجة لردود أفعالهم الغاضبة .
- محاولة الخروج في نزهة أو إجازة بمكان بعيد عن محيط المؤثرات التي تتسبب في الضغوطات النفسية ولربما يهاجمني البعض على هذا الاقتراح تحديدا بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة ولكن صدقوني أن النزهة ليست بالضرورة أن تكون في باريس وروما فقد تكون نزهة بسيطة في السيارة أو حتى مشيا على الاقدام في محاولة للابتعاد عن مؤثرات الضغوطات النفسية كفيلة بالتخفيف من حدتها .
- ممارسة الرياضة أو ممارسة هواية معينة وهذا الاسلوب له دور جوهري في إعادة النشاط والصحة وكسر الخمول والكسل وهو بذات الوقت نوع من التفريغ لشحنات الضغوطات النفسية المحتبسة بداخل النفوس .
- التخطيط الجيد في إدارة الوقت وبصراحة هذه النقطة من وجهة نظري في غاية الأهمية لأن المجتمعات العربية تمتاز وبكل أسف في فن إهدار وإضاعة الوقت بشكل سلبي وهذا سببه عدم وجود أفق واسع في التفكير والتخطيط الجيد في تحديد الأمور الواجب انجازها ، فمثلا تجد الشخص عندما يذهب إلى النوم لا يفكر أبدا في التخطيط إلى ما يجب عمله في اليوم التالي أو قد يكون مسترسلا جدا في خياله بحيث يبدأ يحلم بأنه غني أو أنه رئيس مجلس إدارة شركة أو أنه في رحلة استجمام إلى جزر المالديف وأنا لست ضد هذه الخيالات ولكن لا بد من التدرج في تحديد سلم أولويات الحياة عند الفرد بحيث يحسن استغلال وقته في قضاء حوائجه اليومية وما عليه من واجبات لا بد من إنجازها ضمن هوامش زمنية معقولة ولكن إهدار الوقت بشكل سلبي يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي من كل الجوانب لذلك لا بد من مراعاة إدارة الوقت بشكل صحيح .
- الابتعاد عن التذمر والشكوى وإسقاط الفشل على الآخرين فلكل مجتهد نصيب وسيقطف ثمار جهده عاجلا أم آجلا مهما كان المحيط الذي يعيش فيه سلبيا والمهم في هذا الأمر هو قوة الإرادة والتصميم والثبات والعزيمة على تحقيق الهدف .
- أما في جوانب العلاقات الاجتماعية وما لها من أثر في زيادة حدة وتيرة الضغوطات النفسية فأنا أعتقد أن خطوط الحوارات في بعض الأحيان قد تكون مغلقة تماما مع بعض الأشخاص ولذلك فالحل الأفضل هنا هو ضبط النفس والتخفيف من حدة الغضب عند الخوض في أية حوارات أو نقاشات مع هؤلاء الأشخاص وعدم الخوض أبدا في جدالات أفلاطونية مستفزة لا تكون في النهاية نتائجها إلا زيادة الضغوطات النفسية على الفرد .
وفي النهاية لابد من أن التأكيد على أن بداخل كل فرد منا طاقة ايجابية إذا أحسن استخدامها يستطيع التغلب على أية ضغوطات نفسية قد تواجهه وأن المحرك الرئيس لتلك الطاقة هو في حسن التوكل على الله عز وجل واللجوء إليه في كل الأمور ومن ثم الأخذ بالاسباب التي ستؤدي إلى النجاح في استغلال تلك الطاقة الايجابية .
مقال مميز كالعادة
ردحذفتحية
mar7ba ashraf
ردحذفr u talking about me ? what u suggested to fix
this problem is easy said than done trust me.
from a person who suffer the problem it's not that easy to get rid off even if when taking meds.
am not sure i want to continue talking about this subject any more .but like usual very important post coming from u
thank u
أهلا وسهلا jafra
ردحذفأشكرك جدا :)
تقبلي تحياتي
مرحبا بنور
ردحذفبصراحة العديد منا يواجه الكثير من الضغوطات النفسية في حياته ولكن أتمنى من كل قلبي أن لا يكون حجم وتأثير تلك الضغوطات كبيرا في حياتك :)
أتفق معكي تماما على أن التطبيق أصعب بكثير من الكلام ولكن ألا يستحق منا المحاولة ؟
دمتي بكل الخير والمحبة :)
جميل جدا :)
ردحذفلا يوجد من لا يعاني من ضغوطات الحياه بمختلف انواعها, بالرغم من تفاوت حدّه هذه الضغوطات, و من اختلاف شدّه خطورتها وتأثيرها من شخص الى اخر,بمعنى ان من الممكن ان يؤرقني شيء ويكون هذا الشي من وجهه نظر الغير لا يذكر
مساؤك سعيد اخي اشرف :)
أسعد الله مساءكي الجميل أختي Whisper :)
ردحذفوأشكرك جدا :)
بصراحة أتفق معكي تماما في جميع ما ذكرتي ولكن اسمحي لي أن أتوقف عند عبارتك الاخيرة في قضية الاستخفاف بما قد يؤرق الاخرين وأعتقد أن من الاسباب التي تلعب دورا جوهريا في ذلك هي الانانية المتأصلة في نفوس البعض بحيث يستهترون بكل ما يتعلق بمشاعر الاخرين في حين أنهم يسارعون في طلب يد العون والمساعدة واستجداء عطف الاخرين عندما يتعلق الامر بهم .
مساؤك سكر :)
صباح الخير أشرف
ردحذفأنا بصراحة اتفق مع نور، أن الكلام اسهل من التطبيق، واتفق في الوقت ذاته معك بأنها تستحق المحاولة.
كل الود
أهلا وسهلا أخي نادر :)
ردحذففعلا التطبيق يحتاج إلى الارادة والعزيمة وبالتأكيد فلا بد من المحاولة .
مساؤك سعيد :)
mr7ba ashraf
ردحذفremember last time when i asked u about this i guess it's around for real check this out.
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=\LocalAndGover\2010\02\LocalAndGover_issue852_day09_id211469.htm
مرحبا نور
ردحذففعلا الموضوع أصبحت له أصداء واسعة لدينا في وسائل الاعلام وقد لاحظت ذلك خلال الاسبوع الحالي من خلال البرامج الاذاعية وكذلك فلقد قرأت الخبر الذي أرسلته لي صباحا في جريدة الغد .
أشكرك جدا على طرح هذا الموضوع وعلى اهتمامك بتزويدي بالمواقع التي تتحدث عن الموضوع وانشالله سيكون لنا معه وقفة في إدراج خاص يوم الاثنين القادم .
شكرا مرة أخرى يا نور وتقبلي تحياتي .